من الثابت أنّ التظاهرات التي يشهدها لبنان منذ السابع عشر من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ستكون لها مضاعفات كبرى على الوضعين السياسي والطالبي في لبنان لجهة انخراط أعداد كبيرة من طلاب الجامعات والثانويات في العمل السياسي، باعتبار أنّ كل من نزل إلى ساحات التظاهر في العاصمة والمحافظات لاحظ كثافة الحضور الشبابي بين المتظاهرين، والذي تجاوز 70 في المائة من نسبة المشاركين.
صحيح أنّ هناك أعداداً من أرباب وربات العائلات شاركوا مع أطفالهم في الاحتجاجات، لكنّ الحشود الفعلية كانت ضمن المعدلات العمرية الشبابية. وهؤلاء خلال وجودهم في الشوارع مارسوا السياسة على طريقتهم، كما سمعوا وقرأوا كلاماً سياسياً. حتى الذين لم يشاركوا تسمّروا أمام شاشات التلفزيون، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، وتفاعلوا مع تلك المشاهد والدعوات والاحتجاجات التي هزئت من الأسماء التي اعتادوا تمجيدها باعتبارها رموز بلادهم.
شعار "كلن يعني كلن" لم يرحم أياً من تلك الشخصيات. وبات كلّ من رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس البرلمان نبيه بري، ورئيس الحكومة سعد الحريري، وأمين عام حزب الله حسن نصر الله، وسمير جعجع، ووليد جنبلاط، وقبل الجميع جبران باسيل، وغيرهم من كبار شخصيات البلد مثار شتائم وعبارات نابية. مثل هذا يعني سقوط المحرمات أو المسلّمات التي اعتادوا تقديسها أو احترامها، أو الدفاع والرضوخ لمنطقها وطروحاتها. أكثر من ذلك، فقد طغت على الحياة الطالبية في غضون العقود الماضية حالة الانقسام بين 8 و14 مارس/ آذار، أي بين التكتل الأول الذي يضم حزب الله والتيار الوطني الحر وحركة أمل ومن معهم من جهة، وتيار المستقبل والقوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي وبعض القوى الإضافية من جهة ثانية، حتى أنّ الانتخابات التي جرت في الجامعتين الأميركية واليسوعية، في مطلع أكتوبر/تشرين الأول كانت محكومة بهذا الانقسام، وسجل فيها الفريق الثاني نجاحات ملموسة على حساب الأول. أما الجامعة اللبنانية التي أعلنت عن إجراء الانتخابات المؤجلة منذ 11 عاماً في نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، هي التي تتميز عن غيرها بعدد طلابها الكبير الذي يبلغ نحو 80 ألف طالب، فقد باتت الآن مرشحة لإنتاج صورة مختلفة من خلال تلك الانتخابات إن جرت فعلاً.
لا يعني هذا أنّه بين يوم وليلة ستتشكل قيادات جديدة تعبر عن نفسها عبر الانتخابات المقررة، لكنّ القوى المشتتة التي كانت تعني جموعاً من المستنكفين عن المشاركة، ستتجرأ الآن على القوى المهيمنة.
اقــرأ أيضاً
بالتأكيد، فإنّ تحركات وتظاهرات على هذا القدر من الاتساع، من المرشح أن تحدث زلزالاً في الحياة السياسية والطالبية. لكن، من الصعب الآن التحدث بثقة عن المسارات المقبلة باعتبار الحدث مستمراً، وما زال مفتوحاً على ما يليه. لكن، ما يمكن التشديد عليه وقد بات من الثوابت أنّ ما بعد النصف الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول يختلف كلياً عما قبله، وإن كان المسار طويلاً ومتعرجاً لإزاحة قوى الهيمنة السياسية والطالبية عن سدة ما تتمتع به من نفوذ وسيطرة. الآن، يمكن القول إنّ المسيرة بدأت.
*باحث وأكاديمي
صحيح أنّ هناك أعداداً من أرباب وربات العائلات شاركوا مع أطفالهم في الاحتجاجات، لكنّ الحشود الفعلية كانت ضمن المعدلات العمرية الشبابية. وهؤلاء خلال وجودهم في الشوارع مارسوا السياسة على طريقتهم، كما سمعوا وقرأوا كلاماً سياسياً. حتى الذين لم يشاركوا تسمّروا أمام شاشات التلفزيون، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، وتفاعلوا مع تلك المشاهد والدعوات والاحتجاجات التي هزئت من الأسماء التي اعتادوا تمجيدها باعتبارها رموز بلادهم.
شعار "كلن يعني كلن" لم يرحم أياً من تلك الشخصيات. وبات كلّ من رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس البرلمان نبيه بري، ورئيس الحكومة سعد الحريري، وأمين عام حزب الله حسن نصر الله، وسمير جعجع، ووليد جنبلاط، وقبل الجميع جبران باسيل، وغيرهم من كبار شخصيات البلد مثار شتائم وعبارات نابية. مثل هذا يعني سقوط المحرمات أو المسلّمات التي اعتادوا تقديسها أو احترامها، أو الدفاع والرضوخ لمنطقها وطروحاتها. أكثر من ذلك، فقد طغت على الحياة الطالبية في غضون العقود الماضية حالة الانقسام بين 8 و14 مارس/ آذار، أي بين التكتل الأول الذي يضم حزب الله والتيار الوطني الحر وحركة أمل ومن معهم من جهة، وتيار المستقبل والقوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي وبعض القوى الإضافية من جهة ثانية، حتى أنّ الانتخابات التي جرت في الجامعتين الأميركية واليسوعية، في مطلع أكتوبر/تشرين الأول كانت محكومة بهذا الانقسام، وسجل فيها الفريق الثاني نجاحات ملموسة على حساب الأول. أما الجامعة اللبنانية التي أعلنت عن إجراء الانتخابات المؤجلة منذ 11 عاماً في نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، هي التي تتميز عن غيرها بعدد طلابها الكبير الذي يبلغ نحو 80 ألف طالب، فقد باتت الآن مرشحة لإنتاج صورة مختلفة من خلال تلك الانتخابات إن جرت فعلاً.
لا يعني هذا أنّه بين يوم وليلة ستتشكل قيادات جديدة تعبر عن نفسها عبر الانتخابات المقررة، لكنّ القوى المشتتة التي كانت تعني جموعاً من المستنكفين عن المشاركة، ستتجرأ الآن على القوى المهيمنة.
بالتأكيد، فإنّ تحركات وتظاهرات على هذا القدر من الاتساع، من المرشح أن تحدث زلزالاً في الحياة السياسية والطالبية. لكن، من الصعب الآن التحدث بثقة عن المسارات المقبلة باعتبار الحدث مستمراً، وما زال مفتوحاً على ما يليه. لكن، ما يمكن التشديد عليه وقد بات من الثوابت أنّ ما بعد النصف الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول يختلف كلياً عما قبله، وإن كان المسار طويلاً ومتعرجاً لإزاحة قوى الهيمنة السياسية والطالبية عن سدة ما تتمتع به من نفوذ وسيطرة. الآن، يمكن القول إنّ المسيرة بدأت.
*باحث وأكاديمي