الإعلان الذي تم إبلاغه للشعب، عقب اجتماع مجلس الوزراء في السابع والعشرين من الشهر الماضي، تضمّن أيضاً تكليفاً عاجلاً من الرئيس للحكومة بضرورة إعداد مشروع القانون العضوي المتعلّق بإنشاء "الأكاديمية الجزائرية للغة الأمازيغية". ويأتي بُعيد أيام من مظاهرات طلابية شهدتها عدّة مدن جزائرية للمطالبة بإدراج الأمازيغية في المناهج التعليمية على مستوى الوطن، كما يعدّ القرار ثاني أهم مكسب للناشطين الأمازيغ بعد ترسيم الأمازيغية لغة وطنية في التعديل الدستوري الأخير عام 2014.
نصّ البيان الرئاسي الجديد الذي تلّقت "العربي الجديد" نسخة منه، على أن "هذا الإجراء على غرار كلّ الإجراءات التي اتخذت سابقاً لصالح هويتنا الوطنية بمقوماتها الثلاثة الإسلامية والعربية والأمازيغية، كفيل بتعزيز الوحدة والاستقرار الوطنيين في الوقت الذي تستوقفنا فيه العديد من التحدّيات على الصعيدين الداخلي والإقليمي".
ثمة روايات عديدة عن بدء التقويم الأمازيغي، الذي يبدأ من سنة تسعمائة وخمسين قبل الميلاد، (أي أن عام 2018 الميلادي يوازي 2968 بالأمازيغي)، فثمة رواية تربط بدأ التقويم بانتصار الملك الأمازيغي شيشناق في معركة دارت وقائعها على ضفاف نهر النيل على الملك الفرعوني رمسيس، وتولّيه سدة الحكم في المنطقة المسمّاة ثامزغا، وقد تمّ اعتماده كتاريخ لانتصار إرادة الشعب الأمازيغي .
إلا أن باحثين كثر ينفون هذه "المعلومة التاريخية" ويعتبرونها جزءاً من الأسطورة المحكية، حتى لو توازت أو تقاطعت تاريخياً مع أحداث المعركة المذكورة، مؤكدين أن هذا التقويم ذو علاقة وثيقة بالسنة الفلاحية في مناطق شمال أفريقيا، سواء الأمازيغية منها أو العربية.
يرتبط الاحتفال بعيد يناير بعدّة طقوس، مثل إيقاف أعمال الفلاحة والرعي، في اليوم الأول للسنة (الثاني عشر من يناير)، حيث يذهب الاعتقاد إلى أن المحتفل بهذا اليوم يحظى بسنة سعيدة وناجحة، خاصةً على مستوى المحصول الزراعي، ويختلف شكل الاحتفال من قبيلة إلى أخرى، والمشترك في الطقس يتمثل في إعداد وجبتي الكسكس والأوركيمن.
ثمة روايات أخرى عديدة راسخة في ذاكرة المعتقدات الأمازيغية، عن يناير وضرورة الاحتفال به، حيث يروى أن عجوزاً استهانت بطقوس يناير وقوى الطبيعة، واغترّت بنفسها، وقامت بأعمال الفلاحة، معتقدة أنها قادرة على تحدي تفكير العامة، ومكابدة الشتاء القاسي في ذلك الفجر، عِوَض الاحتفال وشكر الله المقرون بالدعوات، فأغضبت يناير الذي طلب من "فورار" (فبراير أو شباط بالأمازيغية) أن يقرضه يوماً حتى يعاقب العجوز على جحودها، مما استدعى عقابها يومين بعواصف شديدة، أودت بحياتها! ولا تزال الأسطورة حاضرة بقوة في لاوعي الأمازيغ الذين يستدعونها في كلّ عام، وهم يتوقّفون عن الفلاحة والرعي احتفالاً بقدوم يناير.