برزت السوق السوداء للعملة في ليبيا في أواخر ثمانينيات القرن الماضي في ظل الحصار الذي كان مفروضاً على طرابلس بعد تحميلها مسؤولية إسقاط طائرة لوكيربي سنة 1988 واقتصار سلة الصادرات على النفط فقط.
وقفز سعر الدولار وقتها في السوق الموازية في ليبيا إلى 3.75 دنانير قبل أن تعيد الدولة السيطرة على سوق الصرف في 2002 بفضل تخفيض قيمة العملة.
وقال علي الطابوني، الذي تاجر في العملة في التسعينيات، في تصريحات لـ"العربي الجديد" إن عملية بيع العملة بشكل غير رسمي بدأت مع نهاية الثمانينيات في سرية تامة، وتحديداً من قبل محلات الذهب قبل أن تنتشر على نطاق واسع في منتصف التسعينيات.
وكان بيع العملة في عهد معمر القذافي، الذي أطيح بنظامه في 2011، مُجرّماً بحكم القانون، لكن محلات بيع الذهب كانت تتحكم في أسعار العملات صعوداً وانخفاضاً، بينما كانت شركة الصرافة للخدمات المالية الجهة الوحيدة المرخص لها بالاتجار في النقد الأجنبي، وقد تم تغيير اسمها في وقت لاحق إلى "شركة المعاملات".
وأكد صاحب أول محل لبيع العملة في منطقة الظهرة بالعاصمة طرابلس، عبد الهادي محمد، لـ"العربي الجديد" أن "رجال السوق لا يرغبون في نزول الدولار إلى أقل من 4.5 دنانير للدولار، في حين يبلغ سعر الرسمي 1.4 دينار".
وتحولت معظم محلات الصرافة من بيع اللحوم والأحذية إلى تجارة العملة. ولم يعلق أي مسؤول من مصرف ليبيا المركزي على ادعاء محلات الصرافة بأن لديها تراخيص لمزاولة المهنة، واكتفى مسؤول بالمصرف، رفض ذكر اسمه، بقوله: "لم نعط أي تراخيص جديدة".
وقال تجار في سوق الذهب، فضلوا عدم ذكر أسمائهم، إن السوق السوداء تسيطر على الاقتصاد الليبي في الوقت الحاضر بنحو 90%، لافتين إلى أن سعر صرف الدولار في السوق الموازية لم يكن يتعدى السعر الرسمي بنحو قرشين قبل عام 2011، بينما يصل الفارق حالياً إلى 3.82 دنانير.
وفي حين رأى محافظ مصرف ليبيا المركزي بشرق ليبيا، علي الحبري، في تصريحات صحافية سابقة أن سوق العملة في ليبيا يمكن السيطرة عليها بسهولة، خالفه الرأي عميد كلية الاقتصاد بجامعة طرابلس، أحمد أبو لسين، الذي أكد أن السوق الموازية تقف وراءها عصابات ومافيات في ظل تفاقم الصراعات المسلحة.
وأوضح لـ"العربي الجديد" أن السوق السوداء لا تقوم بعمليات بيع العملة فقط بل بإجراء عمليات تحويل أموال إلى أي دولة في العالم، مما يفاقم الأزمة الاقتصادية في ليبيا.