رحل واحد من آخر رجالات الحرب الباردة، الثائر المشاغب فيديل كاسترو؛ لم يكن الرحيل مفاجئاً، فـ"الرفيق" الشيوعي، ترجّل عن السلطة قبل ثمانية أعوام، حين نقلها لأخيه راوول كاسترو، بعدما أتعبه المرض وتوارى عن الأنظار.
لم يكن فيديل رئيساً عادياً؛ سيذكره التاريخ بأنّه الزعيم الوحيد الذي وقف صامداً أمام الجارة الأميركية الإمبريالية على مدى أكثر من نصف قرن. عاندها في كل محطة من سنواته التسعين.
رحل فيديل بعد أشهر فقط من رفع الحظر الأميركي التاريخي عن الجزيرة الشيوعية التي حكمها بالدم والنار؛ لفّها بذراعيه، وسيّجها، ظنّاً منه أنّه يحميها من "الوحش" الرأسمالي، ومن تسلط وتبعية. غير أنه خنقها، فجاء حصارها مزدوجاً؛ من "الكومندانتي" فيديل، ومن الولايات المتحدة، التي باتت حلماً وردياً بالنسبة للكوبيين، بعد سقوط جميع أحلام الثورة الكوبية ونضال الرفاق في سيرا مايسترا، أمام حكم حديدي سلّط حكم نخبة على فقراء؛ مما لا شك في أن شعورهم اليوم، على رحيل القائد، سيأتي ممتزجاً بالحزن والخيبة.