حمل كتاب باول عنوان "كتاب الطبخ للأناركي"، وفيه يورد طرقاً مختلفة لكيفية تصنيع المتفجرات والأسلحة والقنابل والمسدسات منزلية الصنع، بل إنه شرح بالتفصيل كيف يمكن صناعة قاذقة صواريخ من بندقية.
لم يكن باول تخريبياً، بل كان مراهقاً غاضباً وحمّل في كتابه مانفيستو ضد الثقافة الأميركية السائدة، وعبّر بنفس استهزائي احتجاجه على عنف بلاده وعلى حرب فيتنام وعلى الفترة الرئاسية لـ نيكسون (1969-1974)، التي صدر الكتاب خلالها.
كان باول يقصد المكتبة، ويبحث في كل أشكال العنف وتصنيعها، كما لو أنه يحدّث أميركا بلغتها، وبعد تجميع هذه المعلومات نشر الكتاب سنة 1961.
لم يتوقف الأمر عند الأسلحة وتصنيعها في البيت، بل وضع تعليمات للكيفية التي يمكن بها ارتكاب الممارسات الغير قانوينة ثم الإفلات من العقاب. من الأمور التي يقدّم دليلاً فيها، كيفية صناعة مهلوسات أو تخريب شبكة هاتف، وقد بيعت من الكتاب وقت صدوره 2 مليون نسخة.
ورغم منع الكتاب في كثير من البلاد إلى أن توفره بنسخة إلكترونية، جعل كثير من منفذي الهجمات الإرهابية يستعينون به، وقد تم ربطه بأكثر من جريمة، من بينها تلك التي نفذها كارل بيرسون طالب أميركي سنة 2013 في مدرسته والذي قتل العشرات من زملائه قبل أن يقتل نفسه، وكان مهووساً طيلة العام الدراسي بكتاب باول.
بعد انتهاء مرحلة المراهقة وبداية نضوجه وانصرافه إلى حياته، طالب باول بسحب الكتاب من السوق، وأعلن في مقابلة معه أنه هو نفسه لم يعد يملك أي نسخة منه، ولكنه أعلن أيضاً أنه لم يعد يملك حقوق الملكية الفكرية للكتاب وأنه تشاجر كثيراً مع الناشر لإتلاف هذا الكتاب إلى الأبد، ولكن بلا جدوى. لكن النسخة الأخيرة التي ظهرت منه عن دار "سنوبول" كانت محررة بشكل كبير.
وقال في آخر مقابلة أجريت معه قبل سنوات قليلة، "الآن أفهم بعمق أن المبدأ الذي انطلقت منه كان معيباً بشكل عميق ومحزن. لقد كنت غاضباً وأردت محاربة العنف بالعنف"، ويضيف "لكنني أدرك الآن أنني تبنيّت نفس المنطق الذي أرفضه وهو التدخل بالعنف لحل العنف، مثلما فعلت أميركا في فيتنام والعراق لاحقاً".
كم يتناقض كلامه هذا مع ما جاء في كتابه، حين قال "أحتقر المظاهرات الرمزية، إنها احتجاج الضعيف (...) شيء من الخصي الليبرالي. إذا كان المرء يشعر بقوة تكفي نحو أمر ما فإن عليه فعل شيء حياله. ولا ينبغي أن يعهّر نفسه بأن يقوم بفعل شيء رمزي. عليه أن يخرج وأن يفعل شيئاً حقيقياً".
تكفيراً عن هذه الأفكار العنيفة التي حملها وروج لها، قام باول بتأسيس مؤسسة خيرية سنة 2010 لمساعدة الجمعيات والمرضى والمحتاجين حول العالم.