واندلعت اشتباكات عنيفة مجدداً بين المعارضة والنظام، أمس الإثنين، في جبل التركمان، تركّزت على محور قرية غمام وبرج القصب، والجبل الأحمر، في محاولة من قوات النظام للسيطرة عليها لأهميتها الاستراتيجية، إذ قامت طائرات حربية روسية باستهداف قرية غمام ومحيطها. وتقدّمت قوات النظام، في الأيام الماضية، في منطقة جبل التركمان التي تسيطر على مساحات منها فصائل المعارضة، بعد تكثيف القصف الروسي، وبدعم برّي إيراني.
في هذا الصدد، يؤكد الأستاذ المساعد في قسم العلوم السياسية في جامعة "بيلكنت" في مدينة إسطنبول، محمد عاكف كيريجي، لـ"العربي الجديد"، أنّ ما يحصل في جبل التركمان هو رسالة روسية واضحة لأنقرة، قائلاً، إنّ "الهجوم على جبل التركمان ليس إلّا رسالة مباشرة وواضحة لتركيا، بعد إعادة فتح ملف المنطقة الآمنة مرة أخرى، إذ تحاول روسيا بالتعاون مع إيران ضرب كتائب الجيش الحر المسيطرة على المنطقة والتي لا وجود لداعش فيها، وبالتالي القضاء على إحدى أوراق الدول الداعمة للمعارضة في المفاوضات المقبلة، بعدما فشل النظام السوري في تحقيق تقدمات عسكرية كبيرة قادرة على التأثير على طاولة المفاوضات، على الرغم من الدعم الروسي الكبير له".
وصعّد رئيس الحكومة التركية، زعيم حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، أحمد داود أوغلو، أمس الأوّل الأحد، بعد عدد من الاجتماعات الأمنية مع كبار القيادات العسكرية والأمنية، مثل رئيس هيئة أركان الجيش التركي، الجنرال خلوصي أكار، ورئيس جهاز الاستخبارات، حاقان فيدان، مشيراً إلى أنّ أنقرة ستتخذ كافة الإجراءات اللازمة لحماية التركمان سواء داخل الأراضي السورية أو التركية.
هذه المرة الأولى التي يشير فيها مسؤول تركي، علناً، إلى إمكانية العمل داخل الأراضي السورية، واضعاً عدداً من الشروط، ومنها، أن تكون الأعمال العسكرية في المنطقة ستؤدي إلى موجات لجوء ونزوح كبيرة وأن يكون هناك تهديد للحدود التركية. وقال داود أوغلو، "صدرت تعليمات لقواتنا الأمنية بالرد فوراً على أيّ تطور من شأنه أن يهدد أمن الحدود التركية"، مضيفاً، "إذا كان هناك هجوم من شأنه أن يؤدي إلى تدفق كثيف للاجئين إلى تركيا، ستُتّخذ التدابير اللازمة داخل سورية وتركيا".
اقرأ أيضاً: حملة إلغاء تركمان سورية والخطوات الاستباقية لتباشير المنطقة الآمنة
يأتي هذا، بينما يستمر الحديث عن "المنطقة الآمنة" أو "الخالية من داعش" مرة أخرى، والنقاش عن الخيارات المتاحة في تنفيذها، إذ أكّد المبعوث الرئاسي السابق الخاص للتحالف الدولي لمحاربة "داعش"، الجنرال السابق جون آلن، إمكانية أن تشهد الأيام المقبلة عملية عسكرية مشتركة بين القوات الخاصة ضد "داعش"، في حال ضغطت فرنسا تجاه اتخاذ خطوات حقيقية لتصعيد العمل العسكري ضد التنظيم في المنطقة الواقعة غرب نهر الفرات في سورية، لتأمين 98 كيلومتراً المتبقية من الحدود الواقعة تحت سيطرته، من دون أن يعطي مزيداً من التفاصيل، ومشدداً على أن عملية برية عسكرية كبيرة لن تكون على الأجندة.
وقال آلن الذي قاد أكثرَ من عام مفاوضات أميركية مع الحكومة التركية حول التحالف ضد "داعش"، في المؤتمر الأمني الشهير في مدينة هاليفكس الكندية، السبت الماضي، "لا تستطيع القوى الغربية أن تقيم عملية وتضرب رأس داعش، لكن السؤال، ماذا سيحصل بعد ذلك؟ الحكومة المركزية التي يديرها الرئيس السوري، بشار الأسد، لن تستطيع إدارة هذه المناطق، لذلك من سيحمي الناس ويسيطر على المنطقة عندما يتم القضاء على داعش"، مشيراً إلى أنّ القوات التي ستعمل على الأرض مُرجَّح أن تضم قوات كردية.
وعلى الرغم من أنّ أنقرة تبدو مصمّمة على عدم إدخال القوات التابعة لحزب "الاتحاد الديمقراطي" (الجناح السوري للعمال الكردساني)، لكن يبدو أنها لا تمانع مشاركة قوات البشمركة الكردية التابعة لرئيس إقليم كردستان العراق، مسعود البرزاني، خصوصاً وأنّ وزير الخارجية التركي، فريدون سينيرلي أوغلو، نوّه، خلال تعليقه على تصريحات وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، الأسبوع الماضي، حول العملية المحتملة ضد التنظيم غرب الفرات، إلى المباحثات التي كان قد أجراها في أربيل التي تُعَد أهم حلفاء أنقرة في المنطقة.
كما أشار رئيس اللجنة العسكرية التابعة لحلف شمال الأطلسي، الجنرال بيتر بافال، في المؤتمر ذاته، إلى أنّ على الحلف أن يشارك أكثر في قتال التنظيم، قائلاً، "من الممكن أن يقدّم الحلف الدعم للتحالف الدولي الذي تقوده واشنطن ضد داعش، لكنه لم يتم بعد اتخاذ أي قرار في هذا الشأن، حتى الآن".
اقرأ أيضاً: سباق زمني بين إعلان المنطقة الآمنة ومحاولات النظام وأدها