وجّه الصحافي في صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، بول فارهي، رسالة إلى القراء، دعاهم فيها إلى "التوقف عن مناداتنا بوسائل الإعلام"، وكتب أن مصطلح "وسائل الإعلام ــ ميديا" بالحقيقة ليس بالحدية التي يُستعمل فيها، وأن الناس يستعملون المصطلح بشكل غير دقيق ومبهم لدرجة أنه فقد معناه. وقال موجهاً حديثه للقراء: "حسب ما فهمت، فأنتم تستخدمون هذا المصطلح اختصاراً لأي شيء قد تقرؤونه، تشاهدونه، أو تسمعونه ولا يعجبكم أو لا تتفقون معه. وتعتبرون أو وسائل الإعلام منحازة ضد مرشحكم، ضد آرائكم الشخصية، وضد أسلوب حياتكم حتى".
وأضاف فارهي: "لكن الإعلام لا يفعل هذا فعلاً. قد يفعله مقال، تقرير إخباري ما، أو مذيع على قناة ما، لكن أياً من هذه الأمور لا تمثل بمفردها وسائل الإعلام"، وتابع: "حقيقة لا يوجد شيء اسمه وسائل الاعلام فعلاً، إنها اختراع، وأداة متعددة الاستعمالات".
وقال إن هناك مئات شبكات البث والقنوات الفضائية، ونحو ألف محطة تلفزيون محلية، وآلاف الصحف والمجلات، وآلاف محطات الراديو، بالإضافة إلى عدد لا يحصى من المواقع الإلكترونية، والمدونات، والرسائل الإخبارية والتدوينات الصوتية، و"تويتر"، و"فيسبوك"، و"سناب تشات" وإنستاغرام" وغيرها، وهذه كلها مجتمعة تشكل الآن ما يعرف باسم "وسائل الإعلام".
وبوجود هذه المجموعة الضخمة من مصادر الأخبار والمعلومات، يكمن الخطأ في تحديد مفهوم "وسائل الإعلام". وشدّد على أن وسيلة واحدة من ضمن هذه الوسائل لا تنفع وحدها لإيصال التقارير والمعلومات كلها، وبالتالي ليس هناك "مؤامرة" تحاك في غرف الاجتماعات ضد القراء، كما يتوهمون.
وأشار إلى وجود عشرات آلاف الأشخاص الذين يعملون في وسائل الإعلام، ويتخذون يومياً ملايين القرارات الفردية حول الطريقة التي ينظرون بها إلى العالم، وكيفية تلقيهم لهذا العالم، ولا يتفق هؤلاء الأشخاص كلهم على أبسط الآراء والأفكار. وقال: "لذا إذا أثار غضبكم شيء معين عرض على قناة فوكس نيوز، ففوكس نيوز وحدها ليست الإعلام، ولا قناة إن بي سي مثلاً، ولا حتى واشنطن بوست أو نيويورك تايمز أو دنفر بوست أو غيرها"، مضيفاً أن الخلط والجمع بين هذه الكيانات المتعددة والمتباينة تحت مسمى رتيب يشبه وصف الكائنات البحرية كلها بـ"الأسماك"، وقد يكون هذا صحيحاً، لكن لا معنى له.
وأضاف الصحافي: "لا يكمن الاختلاف فقط بين محطة تلفزيونية وأخرى أو صحيفة معينة وأخرى، بل إن الاختلاف موجود حتى داخل المؤسسة الواحدة، فالمقال الافتتاحي في صحيفة ما لا يشبه المقالات الإخبارية، فيها، ومدوني هذه الصحيفة يختلفون عن كتاب الصفحة الافتتاحية، وكتاب الافتتاحية ليسوا المراسلين، ولا يعكس أي من هؤلاء الأفراد الحكم الجماعي والنهائي على صحيفة معينة".
وأفاد بأن الكثير من القرّاء يتعاملون مع الوسيلة الإعلامية بحذر تماماً، منا قد يتعاملون مع الكونغرس أو فيروس "زيكا"، ويعلنون في أكثر من مناسبة أنهم لا يثقون بوسائل الإعلام، مستشهداً بتقرير نشر على موقع مؤسسة "غالوب" الأسبوع الماضي، ويظهر أنّ "الثقة" بمحطات التلفزيون والصحف في الولايات المتحدة الأميركية انخفضت إلى أدنى مستوى في تاريخ استطلاعات المؤسسة.
لكن فارهي لفت النظر إلى أن القراء لا يكرهون وسائل الاعلام فعلاً بقدر ما يقولون إنهم يكرهونها، مشيراً إلى أن القراء يستهلكون ما تنتجه وسائل الإعلام، بامتنان، أو على الأقل من دون أي اعتراض، من أخبار عاجلة، تقارير استقصائية، مواضيع تهم البشر بشكل عام، وقصص من الشارع والعالم كله. وقال إن "القراء يثقون فعلاً بمصادر الأخبار التي يختارونها لأنفسهم، بدليل إنهم يطالعونها كل يوم، ولا يعترف المشاركون في الاستطلاعات بهذا الأمر عندما يُسألون عن الشكل المجرد من أي معنى والمسمى بوسائل الإعلام".
وأضاف أن القراء يعتقدون أن "وسائل الإعلام" منحازة ليبرالياً، ورأى أن هذا الأمر طبيعي لأن "السياسيين المحافظين ومؤيديهم يروجون لهذا الأمر منذ عقود عدة"، واعترف أن بعض القصص تظهر انحيازاً لصالح الموقف الليبرالي، لكنها مجرد قصص، مثل كل القصص التي تهدف إلى تعزيز نظرة الفرد الخاصة إلى العالم وخلق نوع من الرضا الذاتي.
وأشار إلى أن المعتمدين على نتائج الدراسات حول هذا الأمر يغفلون تماماً عن ثلاثة أمور في غاية الأهمية: متى قدمت هذه الدراسة، ومن الذي قام بها؟ ومفهومه الخاص عن "الليبرالي" و"المحافظ".
وخلص إلى أن التغطية الإعلامية للمعسكرين الليبرالي والمحافظ متساوية في انحيازها، إذ قام الباحث دايفيد دي أليسيو بدراسة حول التغطية الإعلامية لانتخابات الرئاسة الأميركية منذ 1948 حتى 2008، وتوصل إلى أن عدد التقارير التي تظهر انحيازاً لليسار تتساوى مع عدد التقارير المنحازة للمحافظين، أي أن "الاثنين كربطة العنق"، على حد تعبيره.
ووجه فارهي نصيحة إلى القراء في نهاية رسالته، طالباً منهم توجيه غضبهم وتذمرهم من وسائل الإعلام نحو "الأسئلة الخمسة الرئيسية التي تُدرس في صفوف الصحافة، وهي: من، ماذا، متى، أين، ولماذا، والسؤال الأخير هو الأصعب". وقال إنه حين يقوم القارئ بهذا الأمر، سيكتشف أن انزعاجه "محدد" وأن وسائل الإعلام تشبه الأفراد تماماً، بعضهم عادل والبعض الآخر ليس كذلك، لكنهم ليسوا متشابهين، ولا يمكن أن يكونوا الشخص نفسه أبداً.
اقــرأ أيضاً
وأضاف فارهي: "لكن الإعلام لا يفعل هذا فعلاً. قد يفعله مقال، تقرير إخباري ما، أو مذيع على قناة ما، لكن أياً من هذه الأمور لا تمثل بمفردها وسائل الإعلام"، وتابع: "حقيقة لا يوجد شيء اسمه وسائل الاعلام فعلاً، إنها اختراع، وأداة متعددة الاستعمالات".
وقال إن هناك مئات شبكات البث والقنوات الفضائية، ونحو ألف محطة تلفزيون محلية، وآلاف الصحف والمجلات، وآلاف محطات الراديو، بالإضافة إلى عدد لا يحصى من المواقع الإلكترونية، والمدونات، والرسائل الإخبارية والتدوينات الصوتية، و"تويتر"، و"فيسبوك"، و"سناب تشات" وإنستاغرام" وغيرها، وهذه كلها مجتمعة تشكل الآن ما يعرف باسم "وسائل الإعلام".
وبوجود هذه المجموعة الضخمة من مصادر الأخبار والمعلومات، يكمن الخطأ في تحديد مفهوم "وسائل الإعلام". وشدّد على أن وسيلة واحدة من ضمن هذه الوسائل لا تنفع وحدها لإيصال التقارير والمعلومات كلها، وبالتالي ليس هناك "مؤامرة" تحاك في غرف الاجتماعات ضد القراء، كما يتوهمون.
وأشار إلى وجود عشرات آلاف الأشخاص الذين يعملون في وسائل الإعلام، ويتخذون يومياً ملايين القرارات الفردية حول الطريقة التي ينظرون بها إلى العالم، وكيفية تلقيهم لهذا العالم، ولا يتفق هؤلاء الأشخاص كلهم على أبسط الآراء والأفكار. وقال: "لذا إذا أثار غضبكم شيء معين عرض على قناة فوكس نيوز، ففوكس نيوز وحدها ليست الإعلام، ولا قناة إن بي سي مثلاً، ولا حتى واشنطن بوست أو نيويورك تايمز أو دنفر بوست أو غيرها"، مضيفاً أن الخلط والجمع بين هذه الكيانات المتعددة والمتباينة تحت مسمى رتيب يشبه وصف الكائنات البحرية كلها بـ"الأسماك"، وقد يكون هذا صحيحاً، لكن لا معنى له.
وأضاف الصحافي: "لا يكمن الاختلاف فقط بين محطة تلفزيونية وأخرى أو صحيفة معينة وأخرى، بل إن الاختلاف موجود حتى داخل المؤسسة الواحدة، فالمقال الافتتاحي في صحيفة ما لا يشبه المقالات الإخبارية، فيها، ومدوني هذه الصحيفة يختلفون عن كتاب الصفحة الافتتاحية، وكتاب الافتتاحية ليسوا المراسلين، ولا يعكس أي من هؤلاء الأفراد الحكم الجماعي والنهائي على صحيفة معينة".
وأفاد بأن الكثير من القرّاء يتعاملون مع الوسيلة الإعلامية بحذر تماماً، منا قد يتعاملون مع الكونغرس أو فيروس "زيكا"، ويعلنون في أكثر من مناسبة أنهم لا يثقون بوسائل الإعلام، مستشهداً بتقرير نشر على موقع مؤسسة "غالوب" الأسبوع الماضي، ويظهر أنّ "الثقة" بمحطات التلفزيون والصحف في الولايات المتحدة الأميركية انخفضت إلى أدنى مستوى في تاريخ استطلاعات المؤسسة.
لكن فارهي لفت النظر إلى أن القراء لا يكرهون وسائل الاعلام فعلاً بقدر ما يقولون إنهم يكرهونها، مشيراً إلى أن القراء يستهلكون ما تنتجه وسائل الإعلام، بامتنان، أو على الأقل من دون أي اعتراض، من أخبار عاجلة، تقارير استقصائية، مواضيع تهم البشر بشكل عام، وقصص من الشارع والعالم كله. وقال إن "القراء يثقون فعلاً بمصادر الأخبار التي يختارونها لأنفسهم، بدليل إنهم يطالعونها كل يوم، ولا يعترف المشاركون في الاستطلاعات بهذا الأمر عندما يُسألون عن الشكل المجرد من أي معنى والمسمى بوسائل الإعلام".
وأضاف أن القراء يعتقدون أن "وسائل الإعلام" منحازة ليبرالياً، ورأى أن هذا الأمر طبيعي لأن "السياسيين المحافظين ومؤيديهم يروجون لهذا الأمر منذ عقود عدة"، واعترف أن بعض القصص تظهر انحيازاً لصالح الموقف الليبرالي، لكنها مجرد قصص، مثل كل القصص التي تهدف إلى تعزيز نظرة الفرد الخاصة إلى العالم وخلق نوع من الرضا الذاتي.
وأشار إلى أن المعتمدين على نتائج الدراسات حول هذا الأمر يغفلون تماماً عن ثلاثة أمور في غاية الأهمية: متى قدمت هذه الدراسة، ومن الذي قام بها؟ ومفهومه الخاص عن "الليبرالي" و"المحافظ".
وخلص إلى أن التغطية الإعلامية للمعسكرين الليبرالي والمحافظ متساوية في انحيازها، إذ قام الباحث دايفيد دي أليسيو بدراسة حول التغطية الإعلامية لانتخابات الرئاسة الأميركية منذ 1948 حتى 2008، وتوصل إلى أن عدد التقارير التي تظهر انحيازاً لليسار تتساوى مع عدد التقارير المنحازة للمحافظين، أي أن "الاثنين كربطة العنق"، على حد تعبيره.
ووجه فارهي نصيحة إلى القراء في نهاية رسالته، طالباً منهم توجيه غضبهم وتذمرهم من وسائل الإعلام نحو "الأسئلة الخمسة الرئيسية التي تُدرس في صفوف الصحافة، وهي: من، ماذا، متى، أين، ولماذا، والسؤال الأخير هو الأصعب". وقال إنه حين يقوم القارئ بهذا الأمر، سيكتشف أن انزعاجه "محدد" وأن وسائل الإعلام تشبه الأفراد تماماً، بعضهم عادل والبعض الآخر ليس كذلك، لكنهم ليسوا متشابهين، ولا يمكن أن يكونوا الشخص نفسه أبداً.