رستم غزالي.. الجزاء من جنس العمل
ما صرحت به مسؤولة بنك المدينة اللبناني، رنا قليلات، أخيراً، والتي هربت إلى البرازيل بعد إفلاس البنك، بسبب فساد غزالي الذي كان يهدر ملايين الدولارات من خزينة البنك بلا رقيب ولا حسيب، جاءت ذريعة للنظام ليبرر قتل غزالي، بالإضافة إلى قصص عديدة دارت حول مقتله. فقد ورِث غزالي منصبه، بعد موت غازي كنعان الذي قضى بظروف غامضة (وقيل أيضا إنه انتحر) كباقي القيادات في سورية، فيما ورَّث رستم غزالي، وهو على قيد الحياة، منصبه لرفيق شحادة، الذي "ادعى" النظام في أيام غزالي الأخيرة أن خلافاً وطنياً كبيراً وقع بينهما، ما أدى إلى تكريم/ تكليف شحادة بتولي منصب غزالي.
غزالي، القادم من درعا، والمحسوب على جيل الأسد والمطلوب منه تحقيق توازن طائفي بين مكونات النظام في سورية، كان مطالباً أيضاً بإثبات الولاء للقيادة بسفك الدماء وممارسة الظلم والاستبداد، حتى يكون جندياً وفياً لعائلة الأسد المعروفة بسجلها الإجرامي تجاه الشعب السوري، إلا أن غزالي نسي أو تناسى أن النظام المجرم الذي كان هو أحد أركانه كان يحدد عمراً افتراضياً لمسؤوليه، حتى جرت تصفيته بطريقة من جنس العمل نفسه الذي كان يمارسه على الأبرياء والعزّل من أبناء وطنه، كما غفل عن تغيير المعادلة، بعد الدعم الإيراني، حيث أصبحت تركيبة عناصر النظام طائفية بحتة، ترفض أي عنصر من خارجها، خصوصاً الراغبين بالاحتجاج على التركيبة الجديدة، والتي احتج عليها غزالي، ولو في نفسه.
ومع بداية الثورة في سورية، لم يرتوِ غزالي من دماء الأبرياء، فاقتنص الفرصة ليرتكب أبشع المجازر بحق أبناء الشعب السوري، ليكون من المرضيِّ عنهم عند بشار الأسد، فكان كآلة بطش متطورة عن مثيلاتها الإجرامية في المؤسسة العسكرية السورية التي بدأت بالانهيار، بعد الصراع والتناقض الذي وصل إلى رأس القمة الأمنية، المسؤولة مباشرة عن حفظ النظام وأمنه، والدفاع عنه تجاه جميع المخاطر، وهي القمة الأمنية التي أثبتت خلال 40 سنة قدرتها على الإمساك بالمجتمع السوري، فالأمر يعني أن الثورة السورية حققت اختراقاً كبيراً في النظام وأنه يسير فعلياً نحو الانهيار.
وكما قال صديق لي من لبنان: "حتى في موته كان سيئاً؛ فقد خسرنا المفتاح الذي يحل قضية اغتيال الرئيس الحريري".