هذه الرؤية ليست من ضروب الخيال العلمي. فالسيارة الكهربائية ذاتية القيادة والمتصلة بالإنترنت تمثل السيناريو الاستشرافي الذي تعد له كل شركات تصنيع السيارات. تلك ثورة دفعتها إلى التحول لشركات مزودة لخدمات النقل كما أنها تهدد بقاء الجهات التي لن تنجح في اللحاق بالركب في وقت تخوض جهات جديدة ناشطة في مجال التكنولوجيا المغامرة أبرزها غوغل وآبل وتيسلا.
وفي الربيع الماضي، أوضحت شركة دايملر المصنعة لسيارات مرسيدس، أنها ستتعاون مع شركة بوش لتجهيزات السيارات لتسيير مركباتها ذاتية القيادة اعتباراً من العقد المقبل. وكانت الشركة الألمانية من أولى الجهات التي تهتم بنظام النقل التشاركي مع خدمة "كار تو غو".
وفي مواجهة تلوث الهواء والاكتظاظ الكبير على الطرقات وبضغط من الصين التي تعمل على صنع مركبات أقل تلويثاً، بدأت شركات تصنيع السيارات كافة تخطو خطواتها في هذا المجال.
وقدمت فولكسفاغن في نهاية 2016 ماركتها "مويا" لخدمات النقل.
وقال رئيس الشركة الألمانية العملاقة، ماتياس مولر: "حتى لو لم يكن الجميع يملك سيارة في المستقبل، نريد أن يتمكن كل شخص مع سيارة مويا، أن يكون زبوناً لشركتنا بطريقة أو بأخرى".
أما منافسته الفرنسية "بي أس إيه" وريثة مصانع بيجو، التي تأسست في مطلع القرن التاسع عشر، فتركز على تطوير الخدمات كالنقل التشاركي.
وبفضل علامتها التجارية لخدمات النقل "فري تو موف" بدأت عودتها إلى الولايات المتحدة في أكتوبر/تشرين الأول.
وتشكل "روبوتات الأجرة" في عام 2030 ما نسبته 40% من أرباح القطاع، بحسب دراسة لشركة رولان بيرجيه، التي ترى تراجعاً في الطلب على السيارات الخاصة بنسبة تقترب من 30%، فيما يحذر خبراؤها من أن المصنعين غير القادرين على التكيف يواجهون خطر الزوال.
بموازاة ذلك، تنفق الشركات العملاقة في مجال تصنيع السيارات المليارات في مجال تصنيع المركبات الكهربائية من دون آفاق ربحية سريعة في ظل التقدم البطيء في الطلب.
وأعلنت فولكسفاغن أخيراً رغبتها في استثمار أكثر من 34 مليار يورو بحلول سنة 2022 في السيارات المستقبلية.
ولم تصل السيارات الكهربائية إلى مرحلة تنافس فيها تلك الحرارية في مجال سهولة الاستخدام في ظل استقلالية حركية محدودة ووقت طويل للشحن.
وكان مصرف "بنك أوف أميريكا ميريل لينش" يشير في تقديراته نهاية أكتوبر/تشرين الأول، إلى أن السيارات الكهربائية بالكامل التي تتميز بقدرة تنافسية متزايدة، ستستحوذ على 12% من سوق السيارات العالمية في 2025 على أن ترتفع النسبة إلى 34% في 2030 و9% في 2050.
وفي الانتظار، حققت شركة رينو، الرائدة في مجال السيارات الكهربائية الموجهة للعموم مع مركبتها الصغيرة "زوي" المطروحة في الأسواق منذ 2012، أقل من 1% من مبيعاتها العالمية عبر المركبات "العديمة الانبعاثات" العام الماضي، وهي تعمل على فرضية بلوغ النسبة 5% سنة 2022، بحسب المدير التنفيذي للشركة كارلوس غصن.
ويعول غصن، على عروض مقبلة للسيارات المنخفضة التكلفة في الصين، حيث سجلت سوق السيارات الكهربائية ارتفاعاً بنسبة 50% بين يناير/كانون الثاني وسبتمبر/أيلول 2017 إلى 325 ألف مركبة، تعادل نحو 1.6% من إجمالي السوق.
هذا السباق على التكنولوجيا "يفاقم الصعوبة وكلفة تصنيع السيارات"، بحسب شركة "بي دبليو سي" الاستشارية في تقريرها الأخير بشأن الاتجاهات المسجلة في سوق السيارات.
وتشير الشركة إلى أن الكلفة على المصنعين مرتفعة إذ إنها تفوق تكاليف تصنيع الجيل السابق من المركبات بنسبة تصل إلى 20%، متحدثة عن "مشكلات خطيرة" على صعيد العائد الاستثماري.
ويثير تقدم الشركات الآسيوية خصوصاً الصينية في مجال البطاريات والمحركات الكهربائية، قلق أعلى المرجعيات السياسية في أوروبا، وهو ما
أظهرته دعوة المفوضية الأوروبية لتصنيع "إيرباص للبطاريات"، أي مشروع أوروبي مشترك شبيه بذلك القائم في مجال الطيران مع طائرات "إيرباص".
(العربي الجديد، وكالات)