زنجبار هزيمة وإهانة

28 يونيو 2016
العرب الأسرى في زنجبار (Getty)
+ الخط -
في ستينيات القرن المنصرم، يتذكر العرب تاريخ الهزيمة الشهير عام 1967 الذي سمّوه أحيانًا "نكسة حزيران"، قبل أن ينظر بعضهم جليًا في مرآة ما حدث ليقول "هزيمة حزيران". ولفرط فداحة الأمر، غابت عن وعي العرب، أحداث أخرى في الفترة ذاتها، أو لعلّها غيّبت. ويستطيع المرء تذكّر تاريخين اثنين في عقد الستينيات نفسه على الأقل، يرتبطان بالهزيمة والإنجليز: استقلال جنوب اليمن عام 1967، وتفلّت زنجبارعام 1963.

كانت بريطانيا العظمى، أو "سلطة التاج البريطاني"، أو "الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس" وفقًا للوصف الرائج، تنسحب من مستعمراتها الكثيرة المتناثرة في آسيا وأنحاء أخرى من العالم. إلا أن انسحاب الجنود لا يعني انسحاب النفوذ. فقد حافظ الإنكليز على العلاقات المتشعبة الكثيرة التي نسجوها مع السكان المحليين في كافّة المستعمرات.
ومن بين تلك المستعمرات زنجبار الأرخبيل الواقع في المحيط الهندي، وتحديدًا قبالة شرق أفريقيا. مع ذلك، يطلق اسم زنجبار على أكبر جزر الأرخبيل، هكذا الكبير يبتلع الصغير بالمجاز والإشارة.
لزنجبار الجزيرة صلات قوية معنا نحن العرب، فليس أن الاسم وحده مكرر في اليمن، بل إنها عرفت الدين الحنيف منذ القرن الأول للهجرة. وبعد ذاك، كان لعُمان سيطرة ونفوذ عليها، فقد كان ولاة زنجبار وحكامها تابعين لأئمة عُمان. وعرفت الجزيرة أيامًا مشرقة، كما تخبّر كتب التاريخ القليلة، في عهد سعيد بن سلطان البوسعيدي، في القرن التاسع عشر. حيث فعلت الجزيرة، كأقرانها العرب: ملاحة قوية في المحيط الهندي. شيء سنرى أصداءه في الكتب التي تخبر عن صيد اللؤلؤ، وفي قصائد الملاحين باللهجات المحكية، وبالطبع في كل ما تركه أسد البحار: ابن ماجد.

الأمور لا تبقى على حالها. الإنجليز غير مرتاحين. إنه عقد الستينيات من القرن المنصرم. الحرب العالمية الثانية حطت أوزارها، وأرادت عصبة الأمم، التي صارت الأمم المتحدة، تعميم مفاهيم إنسانية. وكذا كان، حصل الأرخبيل على استقلاله عام 1963. وبعد شهر قامت "ثورة"، قتل فيها العرب الذين يؤلفون أغلبية السكان. ذبحوا وطردوا وهجروا، راح الأرخبيل إلى شرق أفريقيا، اتحد مع تنجانيقا، وصارا: تنزانيا.

نشرت الصورة أعلاه في 18 يناير/ كانون الثاني 1964. فيها العرب أسرى، يخضعون للتحقيق في أجواء "الثورة"- أو الانقلاب - التي قام بها الأفارقة في الجزيرة، أطاحوا حكم السلطان جمشيد بن عبد الله، الذي دام واحدا وثلاثين يومًا فقط. هزموا العرب وأهانوهم. زنجبار، هزيمة وإهانة.
المساهمون