فشل جديد سجّلته الدبلوماسية المصرية من بوابة الملف الليبي تحديداً، إذ تسعى القاهرة من دون كلل إلى توريط ما أمكنها من دول في مشروعها العسكري الذي تعرب عنه صراحة تحت شعار "مكافحة الإرهاب". وعلمت "العربي الجديد" أن وزير الخارجية المصري سامح شكري لم يتمكن من إقناع المسؤولين الجزائريين بالتفكير في آلية لإقرار تدخل عسكري دولي في ليبيا لمنع وجود تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). واصطدم شكري بموقف متشدد من المسؤولين الجزائريين رافض لأي تطوير لفكرة التدخل الأجنبي في ليبيا.
وكشف دبلوماسي جزائري لـ "العربي الجديد" بعض تفاصيل النقاشات السياسية التي دارت بين الوزير المصري ومسؤولين في الجزائر، وقال إن مبعوث السيسي حاول لفت انتباه السلطات الجزائرية إلى ضرورة اتخاذ خطوات عملية والتوافق على آلية لمواجهة "داعش" في ليبيا ميدانياً، لكنه كان يتلقى ردوداً سلبية من قبل المسؤولين الجزائريين الذين قابلهم، تحديداً من وزير الخارجية الجزائري رمضان لعمامرة ورئيس الحكومة عبد المالك سلال. وأوضح المصدر نفسه أن شكري استمع إلى "موقف مبدئي" من قبل الجزائر يتعلق برفض أي تدخل عسكري في ليبيا، وعدم استعداد الجزائر للقبول بأي تدخل عسكري، وتمسك الجزائر بدعم جهود السلام والحوار بين أطراف الأزمة. ومما سمعه شكري من مضيفيه الجزائريين أن تجربة التدخل العربي لم تعط نتائج عملية وميدانية على صعيد إنهاء الأزمة، وهو ما تحذر الجزائر من تكراره في ليبيا.
اقرأ أيضاً: طائرات من السيسي لحفتر وقتلى للجيش المصري في ليبيا
وأشارت مصادر "العربي الجديد" إلى أن كلام شكري عقب استقباله من قبل نظيره الجزائري ورئيس الحكومة والرئيس عبد العزيز بوتفليقة عن "رغبة مصر في تعزيز التنسيق السياسي مع الجزائر" لم تكن إلا "تصريحات بروتوكولية"، مشدداً على أن "الخيبة السياسية" لشكري واليأس إزاء احتمال الحصول على أي دعم من الجزائر لم ينحصرا بالصعيد السياسي فحسب، بل تمّ تلمسه على الصعيد الشعبي والحزبي في الجزائر أيضاً، إذ دانت أحزاب سياسية عدة في الجزائر زيارة وزير خارجية السيسي، ونظمت "حركة مجتمع السلم" وقفة احتجاجية وسط العاصمة، شارك فيها رؤساء أحزاب سياسية عدة من مختلف التيارات السياسية، ومواطنون وناشطون مدنيون وحقوقيون، رفعوا العديد من الشعارات التي تدين الزيارة وتندد بالنظام الحاكم في مصر. من جهتها، نظمت حركة النهضة تجمعاً شعبياً في ولاية باتنة شرقي الجزائر، دان خلالها الأمين العام للحركة محمد دويبي، ما سماه "سكوت الأنظمة العربية" عن "السلوك الدموي للنظام المصري" على حد تعبيره، وإصداره "أحكاماً ظالمة" بحق الرئيس المصري المعزول محمد مرسي.
وفي السياق، هاجمت صحف ووسائل إعلام جزائرية زيارة الوزير شكري، وطالبت السلطات الجزائرية بـ "موقف عادل" إزاء سياسات النظام المصري، وعادت إلى قضية تصدير الغاز الجزائري إلى مصر، وطالبت السلطات الجزائرية بالتأكد من عدم قيام مصر من جانبها بإعادة تصديره إلى إسرائيل. كما عجّت مواقع التواصل الاجتماعي بحملة ضد زيارة شكري، وانتقدت استقبال الحكومة الجزائرية له، وهو ما تبرره الحكومة في كل مرة بأن الأمر يتعلق بالتعامل مع الدولة المصرية وليس مع نظام محدد.
اقرأ أيضاً: "انطباعات سلبية" عن نظام السيسي وراء التصعيد الألماني