لم تيأَس المرأة السعودية بعد من المطالبة بحقها في قيادة السيارة. كانت البداية عام 1990، الذي شهد أوّل مسيرة للمطالبة بهذا الحق. في ذلك الوقت، خرجت نحو 47 امرأة إلى الشارع في العاصمة الرياض، وقدن 17 سيارة قبل اعتقالهن ومنعهن من السفر، بالإضافة إلى منع المعلّمات من بينهن من مواصلة التعليم، وإعطائهن وظائف إدارية، على غرار ما حصل مع الشاعرة فوزية أبو خالد.
وشهدت السنوات الأخيرة تصعيداً في هذا الإطار، وخصوصاً بعد حصول عدد كبير من الفتيات على رخص دولية للقيادة خلال الالتحاق ببعثات للدراسة، أو وجودهن في الدول الخليجية المجاورة. ترافق هذا التصعيد مع بروز حملات نسائية عدة على وسائل التواصل الاجتماعي، ما أتاح لسعوديات من مختلف مناطق المملكة المشاركة فيها، بالإضافة إلى المغتربات اللواتي كان لهن دور كبير في هذا الحراك، بينهن لجين الهذلول (27 عاماً)، إحدى أشهر المدافعات عن حق المرأة في قيادة السيارة. الهذلول شاركت في إطلاق حملات عدة تدعو إلى رفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة، منها حملات 29 مارس، و31 نوفمبر، و28 ديسمبر، و26 أكتوبر.
وخصصت وسائل الإعلام مساحة كبيرة للهذلول وصديقتها المذيعة ميساء العمودي، وخصوصاً بعد اعتقالهما بسبب محاولتهما عبور الحدود الإماراتية ــ السعودية، وهما تقودان السيارة. واتهمتهما السلطات السعودية بالإصرار على مخالفة النظام العام، قبل أن يفرج عنهما في 13 فبراير/شباط الماضي. وتدرك السعوديات أن هذا الجدل قد يحسم بمجرد إصدار مرسوم ملكي يسمح للمرأة بقيادة السيارة.
في هذا الإطار، تقول الناشطة عائشة المانع، وهي أول سعودية تحصل على درجة الدكتوراه، لـ "العربي الجديد": "بدأ اهتمامي بموضوع القيادة عام 1982، وتحديداً بعد تخرجي وحصولي على وظيفة كمديرة للإشراف التربوي في المنطقة الشرقية. كنتُ أرى معاناة الموظفات للوصول إلى مقر عملهن. في ذلك الوقت، كتبنا في إحدى الصحف للمطالبة بالسماح للمرأة بقيادة السيارة، قبل أن يتم منعنا من التطرق للموضوع".
تتابع المانع: "في فترة سابقة، وأثناء تحضيري رسالة الدكتوراه، كان علي دراسة المجتمعات المختلفة والتنقل بين المناطق. توجهت إلى منطقة الربع الخالي، وقضيت فيها أكثر من 20 يوماً لأرصد مدى تأثر الناس هناك بالحياة المدنية. وجدت أن غالبية النساء يتكفلن برعاية الإبل والأغنام ونقل المياه بسياراتهن. كما أنهن يذهبن بسياراتهن إلى مشارف المدن لبيع منتوجاتهن من السجاد والخيم. ينطبق الأمر أيضاً على الريفيات في الجنوب".
من جهتها، تقول الناشطة الحقوقية نسيمة السادة إن "مطالبة المرأة السعودية بقيادة السيارة يعد حقاً من حقوقها"، لافتة إلى حاجة النساء الملحة للأمر. تتابع: "اعتقدنا أن طلبنا بسيط وسهل، فنحن الدولة الوحيدة في العالم التي تمنع قيادة المرأة للسيارة على الرغم من عدم وجود مانع شرعي أو اجتماعي".
تتحدث عن تجربتها في هذا المجال. وتقول لـ "العربي الجديد": "في البداية، حاولت الاستعانة بالقانون والنظام، ورفعت قضية ضد شرطة مرور القطيف في المحكمة الإدارية، بسبب رفضها إعطائي رخصة قيادة. أرسلت برقية لإدارة المرور في الرياض لاطلاعهم على ما حدث. بعد مضي 60 يوماً من دون أن أتلقى رداً، كان يحق لي الذهاب إلى المحكمة الإدارية ورفع دعوى، وهذا ما حصل".
تلفت إلى أنها شاركت في حملات القيادة التي تقودها نساء. تضيف: "نُحاول من خلالها اختبار مدى تقبل المجتمع لموضوع القيادة. قدت السيارة في شوارع مدينتي صفوى بهدف اختبار ردات الفعل بشكل عام"، مشيرة إلى أن ردات الفعل كانت عادية ومشجعة. تتابع: "أسعى إلى توعية الناس حول هذا الحق، وتغيير أفكارهم المتعلقة بقيادة المرأة عبر الكتابات والتغريدات وورش التدريب".
من جهتها، تقول الناشطة زهراء الهاني، التي تعد رسالة الدكتوراه حول حقوق المرأة: "أدعم دائماً المطالبة بحقوق المواطنة وحقوق المرأة، ومنها قيادتها للسيارة. وقد شاركت قبل أشهر قليلة بتسجيل مقطع فيديو لي وأنا أقود سيارتي دعما للقضية". وكان للناشطة عزيزة محمد دورها أيضاً. تقول: "شاركت في حملة 17 يونيو/حزيران عام 2011، وحملة 26 أكتوبر/تشرين الأول عام 2013 للمطالبة بحق المرأة بالقيادة. قدت سيارتي في شوارع الرياض، وسجلت مقاطع فيديو لي خلال قيادتي السيارة، ووضعتها على يوتيوب، حتى يعتاد المجتمع على رؤية المرأة خلف المقود".