من وجهة نظر فلسطينية، من يمكن أن يكون قد اختطف الفتيان الإسرائيليين، العملية التي استخدمت كذريعة للهجوم على غزة؟
-هذا الموضوع حظي بتسليط أضواء عليه في البداية، ونحن قلنا روايتنا في هذا الشأن كما قالت إسرائيل روايتها. إسرائيل قالت بأن "حماس" هي من يقف وراء اختفاء الإسرائيليين الثلاثة، ونحن أسميناها منذ البداية عملية اختفاء، ولم نسمّها عملية اختطاف، لأنه ليس هناك جهة أعلنت مسؤوليتها عن عملية الاختطاف، منذ اليوم الأول وحتى الآن، وسُئلت كافة الفصائل الفلسطينية المعروفة بأعمالها الوطنية والنضالية، لا أحد من هذه الفصائل الفلسطينية له علاقة بعملية اختفاء الإسرائيليين الثلاثة. لكن إسرائيل، منذ اليوم الأول أصرّت بأن "حماس" هي من يقف خلف هذا الموضوع، ودون تحقيقات ودون انتظار انتهاء الاستيضاحات الداخلية من طرفهم. ذلك كان مخططاً إسرائيلياً لاستخدامه فيما بعد كذريعة من أجل التنكيل بالشعب الفلسطيني، وهو ما ترجمته إسرائيل إلى خطوات عملية فيما بعد، بدأت في محافظة الخليل وامتدت إلى محافظة القدس، والآن يجري فصلها الثالث في المحافظات الجنوبية، في قطاع غزة الحبيب. نحن أبدينا استعدادنا للتعاون مع الإسرائيليين، وقلنا لهم ائتونا بما لديكم من أدلة أن حماس تقف خلف هذا الموضوع، لكن لم تقدم أي أدلة.
مع استمرار المجازر بحق الفلسطينيين في غزة وما يشبه الصمت الروسي الرسمي عنها، هل تتلقى سفارة فلسطين اتصالات من شخصيات وقوى اجتماعية روسية تعبر عن دعمها للفلسطينيين؟
- نتلقى يومياً اتصالات هاتفية من مواطنين روس، نتلقى رسائل من مواطنين يمثلون مؤسسات مجتمع مدني، وجميعاً أو في معظمهم، يعربون عن تأييدهم وتضامنهم مع الشعب الفلسطيني. كان هناك بيانات صدرت من عدة جهات روسية. مركز القدس الروسي، أصدر بياناً ندّد فيه بالعدوان، أعتقد أنه هذا اليوم، سيكون هناك اجتماع للجمعية الإمبراطورية الأرثوذكسية الفلسطينية، والتي تضم في عضويتها الآلاف من المستشرقين ومن محبي الشرق، وفي إطار حديث لهم معنا يوم أمس قالوا سوف يصدر بعد اجتماعهم بيان، نعم هناك حالة تعاطف، صحيح أنها لم تتبلور على شكل مسيرات جماهيرية ضخمة، لكن هناك جهوداً تبذل الآن لعمل شيء على الصعيد الجماهيري، هناك طلبات للحصول على عدة تراخيص لتنظيم مسيرات، تعلمون أن القوانين في روسيا تستوجب الحصول على ترخيص مسبق لعمل أي تظاهرة أو مسيرة أو مهرجان.
في حين لم يكن هناك انقسام شعبي حول السلاح الفلسطيني قبل الربيع العربي، فهل تشعرون، الآن، بانعكاس تصدّر السلاح الإسلامي المشهد العربي، والانقسام حوله في بلدان الربيع العربي خصوصاً سلاح حماس، وما يجري في غزة؟
-لا شك أن لدينا أزمة في هذه المرحلة، سواء على المستوى الرسمي أو على المستوى الشعبي. هناك تناقضات حادة في الرؤى بين القوميين والإسلاميين والوطنيين، بالتالي نلمس نتائج كل ذلك على الالتفاف الشعبي حول القضية الفلسطينية. إذا ما ألقينا نظرة على الحراك الشعبي في العالم العربي، تجاه المجازر التي ترتكب حالياً، نلمس أن هناك تغيراً ما قد طرأ، وأن هناك تقصيراً ما يتم، وقد يكون كل ذلك نتاجاً لحالة التناقض في الرؤى حول ما يجري داخل كل دولة عربية، وداخل كل شعب من الشعوب العربية، نلمس أن هناك إحباطاً ما الآن لدى الجماهير في العالم العربي، وبالتأكيد هذا الإحباط أيضاً يعكس نفسه على السلوك، يعكس نفسه على الروح النضالية، على الروح الوطنية، على الروح القومية. نلحظ أن هناك انكساراً ما، موجوداً الآن في الوسط الشعبي العربي، قد يكون أيضاً كل ذلك هو نتاج لعملية الربيع العربي، الذي بكل أسف، لم يسفر عن النتائج المرجوة التي حلمت بها الشعوب العربية، الأمر الذي أدى في النهاية إلى شعوره بالإحباط ودفعه تدريجياً نحو التقوقع. لكننا كما نأمل في أن يخرج النظام العربي بأسرع وقت ممكن من هذه الحالة، نأمل أيضاً أن يخرج المواطن العربي من هذه الحالة ويعود مرة أخرى إلى أن يأخذ دوره الطليعي.
المبادرة المصرية تحدثت عن فصائل فلسطينية، فما هي الفصائل التي تقاتل إلى جانب حماس في غزة؟
-أستطيع أن أؤكد أن وحدتنا تجلت في هذه المعركة بشكل أكبر من أي من معاركنا السابقة، على مستوى القيادة، وعلى مستوى القاعدة، وعلى مستوى الفصائل، وعلى مستوى الجماهير، لأننا نرى أن هذه الحرب ليست استهدافاً لفصيل. فهي لا تستهدف حركة حماس لوحدها ولا تستهدف حركة الجهاد لوحدها، إنها استهداف لمشروعنا الوطني الفلسطيني بشكل عام، ونرى فيها محاولة لقتل حلمنا الفلسطيني في الحرية والاستقلال وإقامة الدولة. وطالما أننا نراها كذلك فنحن إذن نتوحد جميعاً في هذه المعركة، وفي الميدان تجد كل الفصائل الفلسطينية تقاوم. أعتقد أن الشعب الفلسطيني جسّد في هذه المعركة وحدته بشكل أكثر من رائع، وأعتقد بأن إسرائيل إنما راهنت على ضرب الوحدة الفلسطينية التي تحققت في أبريل/نيسان الماضي، بعد إنهاء الانقسام، الذي استمر لمدة سبع سنوات، وهذا واحد من أهدافها. نعتقد بأن رد شعبنا الفلسطيني كان رائعاً في تجسيد هذه الوحدة الفلسطينية. نحن أمام العدوان الإسرائيلي نتوحد ويجب أن ننصهر جميعاً في بوتقة الدفاع عن الوطن، لأننا نرى في هذا العدوان الإسرائيلي عدواناً يستهدف الشعب الفلسطيني برمته، وليس فقط فصيلاً واحداً.
هل بنادق فتح تواجه إسرائيل مع بنادق حماس في غزة؟
-كل الشعب الفلسطيني يقاوم، بما فيه، فتح وحماس والجهاد، وكل الفصائل الفلسطينية متحدة لردع هذا العدوان.
هل تتوقعون مزيداً من التصعيد، أم أن الأمور تسير إلى حل؟
-هناك الآن جهود دولية تبذل، جهود كبيرة، نعلم أن العديد من الوسطاء الدوليين، وزراء الخارجية من دول أوروبية غربية، وزير الخارجية الأمريكي، وبان كي مون، ومبعوث روسيا، وكثير من المبعوثين موجودون في المنطقة، يتحركون ما بين القاهرة والدوحة ورام الله والقدس، والجهود كلها تتحرك باتجاه التوصل إلى صيغة لوقف العدوان ووقف إطلاق النار.
هل سيكون الحل مقبولاً إذا أفضى إلى عودة غزة إلى حالة الحصار مرة أخرى؟
-نحن قررنا موقفنا. أي صيغة مستقبلية لوقف إطلاق النار يجب أن يترافق معها إنهاء الحصار المستمر على قطاع غزة، هذا الحصار الذي مضى عليه ما يزيد على سبع سنوات، وحوّل قطاع غزة إلى سجن كبير، يعيش فيه ما يزيد على مليون وثمانمئة ألف فلسطيني، وبالتالي يجب رفع هذا الحصار، ويجب فتح كل المعابر المرتبطة مع قطاع غزة ومع العالم الخارجي، بما يتيح حرية الحركة والانتقال وحرية إدخال وإخراج البضائع، وذلك يجب أن يرتبط أيضاً بخطة سياسية تهدف إلى إيجاد الحل الجذري لهذا الصراع ومسبباته، ألا وهو الاحتلال الإسرائيلي. نعم، من الممكن أن يتم التوصل إلى صيغة في الأيام القليلة القادمة لوقف إطلاق النار، لكن أي صيغة يجب أن تحمل معها رفع هذا الحصار الذي هو بالدرجة الأولى سبب لمعاناة وقهر المواطنين الفلسطينيين الذين يعيشون في قطاع غزة.
ماذا عن سلاح المقاومة الإسلامية، هل سيكون مقبولاً حلٌّ يجردها من سلاحها؟
-هذا مطلب إسرائيلي، لن يتحقق، لأنه (السلاح) كل ما هو موجود لدينا. إسرائيل تسعى إلى تضخيم ما هو موجود لدينا لهدف مبطن وواضح لديها، فهي تريد أن تظهر وكأنها دولة تتعرض لعدوان من جانب فصائل المقاومة الفلسطينية، ومن الشعب الفلسطيني، وهذا مغاير للواقع تماماً. لذلك، فكل ما هو موجود لدينا، هو في إطار الدفاع عن الذات والدفاع عن النفس. نحن شعب يعيش تحت الاحتلال وبالتالي فمن غير المقبول أن يطرح علينا مطلب من هذا النوع. من يجب تجريده من السلاح، إسرائيل، الدولة الوحيدة في المنطقة التي تملك السلاح النووي، وتملك أسلحة الدمار الشامل، ولم توقع على اتفاقيات خاصة لا بالأسلحة الكيماوية ولا بالأسلحة النووية. وبالتالي يجب أيضاً أن لا نسمح لإسرائيل بأن تسير في هذا المسار الهادف إلى محاولة تجريد الشعب الفلسطيني من أدواته البسيطة التي يدافع بها عن نفسه. يجب أن يكون هناك ردّ فعل عربي معاكس يطالب المجتمع الدولي بإلزام إسرائيل إخضاع منشآتها النووية والكيماوية وأسلحة الدمار الشامل التي لديها للقانون الدولي. هذا ما يجب أن يكون، أما قضية تجريد الشعب الفلسطيني من أدوات نضاله ومن أدواته البسيطة التي يدافع بها عن نفسه، فهذا مطلب غير مقبول وغير معقول ولن تتم الموافقة عليه.