تمر الجهتان التمثيليتان للمعارضة السورية (الائتلاف الوطني، والحكومة المؤقتة)، بأسوأ حالاتهما على الإطلاق، فعدا عن الخلافات الحادة بين مكونات الائتلاف كأفراد وككتل، بسبب تبعية معظم هذه المكونات لدول تختلف سياساتها ومصالحها بشأن الملف السوري، ثمة خلاف ظهر في الفترة الأخيرة، لذات الأسباب بين الائتلاف الوطني ككتلة وبين الحكومة المؤقتة. بدأ هذا الخلاف بين جزء من مكونات الائتلاف وتشكيلة الحكومة المؤقتة التي طرحت عليه لأخذ الثقة، وتطور ليصل إلى خلاف وجود، وسعى كل منهما لأخذ الدور الأكبر على حساب تهميش الآخر. الأمر الذي وصل إلى تعطيل الكثير من القرارات وضعف فاعلية الطرفين، لدرجة استفزت حتى الدول التي يتبعون لأجنداتها، ما دفع بعض هذه الدول لتجميد دعمها لكلا الطرفين ليصلا لمرحلة العجز عن تأمين رواتب ودفعها لموظفيهم.
والمعركة بين الجهتين اعتمدت سلاحاً وحيداً هو الداخل السوري، إذ لا تزال كلا الجهتين تبذلان قصارى جهدهما للإيحاء بارتباطهما بالداخل، فالائتلاف الذي كان برنامج رئيسه هادي البحرة التوجه نحو الداخل لم ينجح طوال فترة رئاسته بتحقيق أي من أهداف برنامجه الذي طرحه. وحتى الملتقى الوحيد الذي نظمه الائتلاف تحت اسم ملتقى الداخل، حقق نتائج عكسية إذ تبرأت منه معظم فعاليات الداخل واتهمته بأنه اجتماع لناشطي تركيا.
من جهتها، طرحت الحكومة المؤقتة فكرة نقل الحكومة المؤقتة إلى محافظة حلب في الجزء الذي تسيطر عليه المعارضة، استنادا إلى الطرح التركي القائم على إنشاء منطقة آمنة في شمال سورية، وهو طرح مشروط بتطبيق الطرح التركي الذي يبدو أنه غير وارد حالياً.
ويبدو الداخل الذي تستند عليه المعارضة في معاركها غير مكترث بكل تلك الخلافات، وتتعامل معظم فعالياته مع الجهات التمثيلية في الثورة كمصدر لتمويل بعض النشاطات في أحسن الأحوال، فيما ترى معظم الفعاليات المدنية والعسكرية أن تلك الجهات لا تمثلها، وترى فيها جهات منفصلة عن واقع الثورة تسعى لتحقيق مكاسب خاصة على حسابها، الأمر الذي يبقي تلك الجهات غير قادرة فعليا على اتخاذ قرار يتعلق بالداخل أو الالتزام بأي قرار بالنيابة عنه.