سلمية سلمية... ثورة بلماضي في المنتخب الجزائري

17 مارس 2019
المدرب جمال بلماضي (Getty)
+ الخط -
لأن الجزائر تعيش مرحلة تاريخية تُكتب بحروف من ذهب في تاريخ الشعوب، بالحَراك السلمي الذي رسم صورة مبهرة عن هذا الوطن وشعبه، كان لزاماً أن تخضع كرة القدم أيضاً لهذا الأمر، فقد صنع المدرب جمال بلماضي الحدث هذا الأسبوع بإعلانه قائمة اللاعبين المعنيين بمباراتي غامبيا وتونس، التي حملت في طياتها ثورة سلمية بخصوص التعداد بإبعاد أسماء ثقيلة ظلت أساسية فوق العادة خلال السنوات الأخيرة، رغم أن كل ما كان يقدمونه في المنتخب هو تاريخهم معه قبل أربع سنوات لا أكثر ولا أقل.

ثورة بلماضي في المنتخب جاءت سلمية دون أي كلام كثير ولا حرب معلنة على بعض النجوم، إذ بدأ في إبعاد بعض الأسماء التي طالما كانت قطعاً أسياسية مع كل المدربين السابقين، رغم أن النتائج غابت عن المنتخب الجزائري منذ مدة طويلة.

حملة التطهير بدأت منذ مباراة توغو، حين تم إبعاد العديد من الأسماء عن التعداد، فلاعب مثل بن طالب شارك أساسياً منذ قدوم المدرب الجديد، ليجد نفسه خارج القائمة، رغم حجج البعض وقتها بأنه مصاب، غير أن الحقيقة بدأت تتضح أن اللاعب شالكه الألماني بات خارج حسابات بلماضي ولو مؤقتاً.

ما حدث لبن طالب ينطبق أيضاً على بلفوضيل، الذي يُقدم مستويات رائعة هذا الموسم مع ناديه هوفنهايم، إلا أن ذلك لم يشفع له للعودة إلى القائمة، فبالنسبة للمدرب الوطني فإن الأماكن تحجز وفق ما يقدمه اللاعب مع المنتخب الوطني لا مع ناديه، فهو يريد مجموعة من اللاعبين تقدم كل ما لديها متى وأينما احتاج إليها.

حَراك بلماضي السلمي تواصل هذه المرة ليضرب إحدى أهم الركائز، ويتعلق الأمر بياسين براهيمي، ورغم وزنه الثقيل في تشكيلة الخضر لكونه القائد في السنوات الأخيرة، غير أن غيابه عن مباراة توغو لداعي الإصابة جعل زاوية الرؤيا تتضح أكثر للمدرب، وزاد من يقينه أن طريقة لعب نجم بورتو المبنية على الاحتفاظ بالكرة وبناء اللعب، لا تتناسب والأسلوب الذي يريد إرساء قواعده في تشكيلة المنتخب الجزائري باللعب المباشر، ووصول مرمى الخصم بأقل عدد من التمريرات ودونما الكثير من المراوغات.



أسماء أخرى سقطت من القائمة، على غرار غزال الذي لقب بــ"محرز" جديد فلم يشبهه إلا في اسم الفريق الذي يلعب له، نفس الأمر لقديورة القيدوم الذي كتب نهايته هو الآخر في مباراة  البنين، التي قد تكون آخر عهده بالخضر.

الآن وبعدما اتضحت الكثير من الأمور، جاء الدور على الإعلام، ففي الندوة الصحافية التي أجراها، فإن بلماضي اتجه نحو تطهير محيط الخضر بمهاجمة كل من يقوم بنشر الإشاعات، التي جاءت لتزيد من الضغوط عليه فوق الضغوط الكروية، إذ قطع الشك باليقين بخصوص قضية عوار، منهياً الجدل حول ملف أسال الكثير من الحبر، وينفي كل الأخبار التي روّجت هنا وهناك، ناهيك عن قضية ماكسيم لوبيز التي بحسبه لم تكن هناك اتصالات أصلاً، وأنه لم يفكر يوماً في هذا اللاعب في الوقت الحالي على الأقل.

ولأن القضية الكبرى في الجزائر هي الحَراك السلمي الذي أبهر العالم، فإن بلماضي أعطى درساً آخر، فقد قرر تتويج حَراكه الرياضي بمنح المشعل للشباب باستدعاء عشرة لاعبين لم يتجاوزوا بعد الثلاثة وعشرين عاماً، أي منطقياً يمكن اعتبارهم لاعبين في المنتخب الأولمبي، ضارباً كل أعراف الشرعية سواءٌ أم ردمان أو البرازيل عرض الحائط، وبشعار الثقة في الشباب والاستدعاء للأحسن.

بلماضي لم يخف بتاتاً انتماءه لهذا الشعب، معبراً بكل صراحة عن دعمه لهم أنه واحد منهم وأن صوته حتماً في صفهم، ليضاف هذا الموقف الشجاع للرجل مع مواقفه العديدة وصراحته المعهودة، ويؤكد للمرة الألف أنه جزائري قلباً وقالباً رغم أنه لم يولد في هذا الوطن.