أنهى منتدى دافوس هذا العام بتعليقات عدائية من الملياردير جورج سوروس ضد الصين والرئيس الأميركي دونالد ترامب، حيث قال إن الصين ليست فقط أكبر نظام أوتوقراطي في العالم، لكنها كذلك الدولة الأثرى والأكثر تقدماً من الناحية التقنية. وهذا يجعل الرئيس الصيني شي جين بينغ أخطر عدو للمجتمع المفتوح في العالم.
وقال المضارب الشهير في العملات إن ما يحفظ التماسك الاجتماعي والسياسي في الصين هو الارتفاع المتواصل في مستوى المعيشة، وفي حال ضرب النمو الاقتصادي وأسواق المال بشدة فإن هذا التماسك سينهار، كما أن مجتمع الأعمال الصيني سيتمرد على رئيسه.
وأشار إلى أن تدمير الاقتصاد وأسواق المال الصينية سيعني عمليا دق المسمار الأخير في نعش مبادرة الحزام والطريق التي تتبناها الصين.
كما تمنى سوروس كذلك رحيل الرئيس دونالد ترامب. وقال إن إسقاط ترامب وشي سيفتح الطريق أمام التعاون بين أكبر قوتين بدلاً من الحرب الباردة الدائرة حالياً وربما تتحول إلى حرب حقيقية في أية لحظة.
وحسب وكالة فرانس برس، من المقرر أن يلتقي المفاوضون الأميركيون والصينيون يومي الأربعاء والخميس في واشنطن لمحاولة وضع الخطوط العريضة لاتفاق تجاري، قبل شهر من انتهاء الهدنة في الحرب التجارية بين القوتين الاقتصاديتين الأوليين في العالم.
وفي مؤشر إلى أهمية المحادثات المقبلة، يتوجه كبير المفاوضين التجاريين الصينيين نائب رئيس الوزراء الصيني ليو هي، إلى الولايات المتحدة برفقة وفد من ثلاثين شخصاً، لإجراء محادثات مع المفاوضين الأميركيين وعلى رأسهم الممثل التجاري روبرت لايتهايزر.
واتفق البلدان في مطلع ديسمبر/كانون الأول على هدنة في الخلاف بينهما، حيث وافق ترامب على تعليق قرار رفع الرسوم الضريبية من 10% إلى 25% على بضائع مستوردة من الصين بقيمة 200 مليار دولار في السنة، لإفساح المجال أمام تسوية الخلافات التجارية التي تسمم العلاقات بين البلدين منذ سنة، رغم ترابط اقتصاديهما.
وخريطة الطريق الأميركية واضحة حسب محللين، وتقضي بحمل الصين على إجراء إصلاحات هيكلية، بما يضمن تبديل ممارساتها التجارية التي تعتبرها واشنطن غير نزيهة، مثل عمليات النقل "القسري" للتكنولوجيا و"سرقة" الملكية الفكرية.
كما تطالب واشنطن بكين بخفض العجز التجاري الأميركي الهائل حيالها والذي تخطى 375 مليار دولار على صعيد تبادل السلع عام 2017، من خلال فتح سوقها أكثر أمام المنتجات الأميركية ووقف دعمها الشركات الصينية.
لكن ما يجعل من الصعوبة حدوث تسوية في هذه الحرب التجارية أن واشنطن تطالب بالإشراف على هذه الإصلاحات، وهو طلب تم رفضه من قبل الصين.
وباتت التدابير الحمائية الأميركية تنعكس على الاقتصاد الصيني، ما يجعل ترامب يؤكد أن الولايات المتحدة في موقع قوة في هذه المفاوضات لأن "الصين تريد فعلا اتفاقا"، غير أن وزير التجارة الأميركي ويلبور روس المعني هو أيضاً بالمفاوضات، خفف مؤخراً من تفاؤل ترامب، معتبراً أن الطرفين "على مسافة أميال من التوصل إلى حل" بالرغم من العمل التمهيدي الهائل الذي تم إنجازه حتى الآن.
وفيما تبقى الأسواق المالية شديدة الحساسية حيال أي تصريحات تتعلق بالتجارة، دعا روس إلى الحذر بشأن نتيجة هذه المفاوضات الجديدة، مستبعداً أن تأتي بـ"الحل لجميع المشاكل القائمة بين الولايات المتحدة والصين".
لكن الخبير في التجارة الدولية في "مجلس العلاقات الخارجية" إدوارد آلدن أشار لوكالة فرانس برس، إلى أن "مفاوضات الأسبوع المقبل ستكون جوهرية لتحديد ما إذا كان الصينيون على استعداد لبحث المشكلات البنيوية" الواقعة في قلب الخلاف.
وكان الطرف الصيني أبدى خلال جلسة مفاوضات في مطلع كانون الثاني/يناير في بكين، انفتاحا حول مسألة تقليص العجز التجاري الأميركي، غير أنه لم يتم تحقيق أي تقدم في اتجاه الحصول على تعهدات من الصين بتبديل ممارساتها التجارية.
وقال آلدن "سيكون في غاية الصعوبة التوصل إلى اتفاق إذا لم يعالج الصينيون المشكلات البنيوية" التي باتت هدفا لإدارة ترامب.
وما يزيد من صعوبة التوصل إلى تسوية بين الطرفين أن السلطات الصينية ستلتزم على الأرجح بموقفها المتصلب حول بعض المسائل مثل دعم شركاتها العامة، وهي مسألة تقع في صلب الرؤية الاقتصادية للرئيس الصيني المصمم على الدفع في اتجاه قيام شركات وطنية كبرى. وقال آلدن إن الصين سترفض كذلك أي مطلب أميركي قد يعتبر بمثابة عائق أمام خطة "صنع في الصين 2025".