سوريون بين "زوج بغال"

25 ابريل 2017
من تظاهرة مغربية دعماً للشعب السوري (جلال مرشيدي/الأناضول)
+ الخط -
صدق الشاعر الجزائري سعيد هادف إذ قال قصيدته الشهيرة "زوج بغال". و"زوج بغال"، وتعني بغلين، هو اسم لمعبر حدودي يفصل بين مدينة مغنية الجزائرية ومدينة وجدة المغربية، مغلق مذ تفجّر أتون الفتنة السياسية بين البلدين عام 1995. ويصف الشاعر في قصيدته "السياسة المسلحة بالجهل، والجهل المسلح بالسياسة" التي دفعت ببلدين، الجزائر والمغرب، يتقاسمان التاريخ والجغرافيا، إلى إغلاق الحدود وصدّ العابرين بين البلدين.
بين "زوج بغال" تراوح هذه الأيام قصة لاجئين سوريين عالقين على الحدود بين البلدين، تماماً كبطل فيلم "الحدود" لدريد لحام، يتقاذفهم حرس الحدود في العراء، تعريهم الريح ويغطيهم النسيان، تدفعهم دولة وتصدهم مملكة. وبين الدولة والمملكة بيان ببيان وموقف بموقف واستدعاء سفير باستدعاء سفير بسبب اللاجئين.
بين البلدين تخمة من المشاكل التي لا تنتهي منذ منتصف السبعينيات، والخلافات المتأزمة منذ إغلاق الحدود في ديسمبر/كانون الأول 1995. وبغض النظر عما إذا كان اللاجئون السوريون، وأغلبهم من النساء والأطفال، قد تسللوا من المغرب إلى الجزائر أو من الجزائر إلى المغرب، وأياً كانت الأسباب والمبررات التي تسوقها حكومتا البلدين بشأن قضية العالقين على الحدود، فإنه لم يكن جديراً بالمغرب اتخاذ اللاجئين السوريين مطية للمناوشة السياسية مع الجزائر، خصوصاً في ظرف سياسي تعيش فيه الجزائر استحقاقاً انتخابياً حاسماً وتصبح فيه المناوشة السياسية نوعاً من محاولات التشويش على الاستحقاق في حد ذاته. كما لم يكن جديراً بالجزائر أن تسمح للاجئين السوريين بأن يكونوا على الحدود في ظروف غير إنسانية، تفرض فتح الباب لاستقبالهم وتوفير سبل العيش الكريم لهم، رداً لجميل السوريين في عز ثورة التحرير الجزائرية في الخمسينيات.
لن ترحل الجزائر ولن يغيّر المغرب موقعه من الجغرافيا، وقد صار في حكم المعتاد منذ عقود أن تتناوش الجزائر والمغرب، حول تدفق المخدرات وقضية الصحراء والبوليساريو والحدود، لكن أن يكون موضوع المناوشة لاجئين رمت بهم الحرب في سورية إلى المنافي والتشرد، ووجدوا أنفسهم على تخوم البلدين، فليس في ذلك شرف لأي طرف على حساب طرف آخر. على العكس من ذلك، فيه من الإدانة التاريخية ما يكفي، ذلك أن سيدة ألمانيا أنجيلا ميركل لم تتحرج في استقبال مليون لاجئ سوري، فيما ضاقت الجزائر والمغرب على اتساعهما بـ54 سورياً، وشغلا بهم الصحف والقنوات وتحولوا على الحدود إلى استحقاق لشحذ سكاكين الطعن السياسي المتبادل.