تمنّى اللاجئ السوري في مخيم سليمان شاه جنوبي تركيا، برهان صالح بكور، أن يزور أسرته بمدينة إدلب وأمه المريضة التي لم يرها منذ أربعة أعوام، لكن الخيار صعب بين البقاء بالمخيم والمخاطرة بفقدان حق العودة في حال تخطى مدة الإجازة المحددة له خلال عيد الأضحى.
وبيّن بكور لـ "العربي الجديد" أن قانون المخيمات لا يمنح إجازة لأكثر من 15 يوماً، في حين أن المسؤولين عن المعبر من الجانب السوري من "الجيش الحر" يحددون العودة لشهرين ربما.
وتابع "لو تأخرنا بالعودة يذهب حقنا بالإقامة في المخيم، ولا طاقة لنا على استئجار منزل وتكبد أعباء المعيشة في تركيا".
حال اللاجئ في مخيم سليمان شاه يشبه أحوال بقية اللاجئين في المخيمات التركية، التي حددت منذ عامين، بحسب مصادر خاصة، إجازة مغادرة المخيم بأيام معدودة، والتأخير يفقد اللاجئ حق العودة للمخيم.
سألنا جلال دامير، مدير مخيم نذب، القريب من مدينة غازي عنتاب، فأكد أن نسبة السوريين الذين غادروا لزيارة سورية خلال العيد قليلة جداً، على عكس النسبة قبل تحديد مدة الإجازة لمن هم في المخيمات، في حين أن معظم السوريين الذين استفادوا من فتح المعابر وزيارة أهلهم خلال الأعياد، كانوا من سكان المدن وليس المخيمات.
وعن مبرر تحديد الإجازة قال التركي دامير: "هكذا صدرت القرارات منذ نحو عامين، لا يمكن للاجئ بالمخيم أن يكون على قيود المخيم، وتمنح له المعونات الغذائية والطبابة وهو خارجه، لذا تم تحديد مدة 15 يوما للإجازة ويشطب اللاجئ من سجلات المخيم إذا تجاوزها".
وأضاف "كنا بالسابق نتساهل مع هذا الأمر، لكن قرارات إدارة الهجرة واضحة، ولو تساهلنا يختلط تسجيل اللاجئ بأكثر من مكان وتقل الثقة بالأعداد والمساعدات، وهو ما تؤكد عليه مؤسسات الإحصاء التركية".
كذلك يعاني السوريون العاملون بمعامل ومنشآت تركية نتيجة عدم وضوح توقيت عودتهم إلى تركيا، خشية فقدانهم العمل إن تغيبوا أكثر من الإجازة الممنوحة لهم.
وقال حسين برغوت المقيم في حي باغجولار في إسطنبول: "لم أستطع الذهاب لرؤية أهلي خشية فقدان العمل، لأن العودة مرتبطة بمزاج القائمين على المعبر من الجانب السوري، وعادة ما تحدد بأكثر من شهر، وهذا يفقدني عملي".
وأوضح برغوت، العامل بمعمل قطنيات في إسطنبول، أن بعض الزملاء جمّع إجازته السنوية وجازف بالذهاب خلال عيد الفطر السابق، لكن "أحرار الشام" الذين كانوا مسؤولين عن معبر "باب الهوى" حددوا لهم العودة بعد 45 يوماً، ما يعني خسارتهم العمل، مشيراً إلى استحالة الدخول غير الشرعي لتركيا لسببين: الأول أن السجلات على المعبر قيدت مغادرته، وربما سلم بطاقة الحماية المؤقتة "الكيملك" ما يعني عدم إمكانية العودة غير الشرعية، والثاني أن العودة عن طريق التهريب لتركيا باتت محفوفة بمخاطر تصل إلى الموت، فضلاً عن طلب المهربين أكثر من ألف دولار.
ويواصل اللاجئون السوريون مغادرة تركيا لبلادهم مستفيدين من فتح المعابر خلال الأعياد، عبر باب السلامة مع ريف حلب، أو باب الهوى بريف إدلب.
وتقول مصادر إعلامية أن نحو 10 في المائة من السوريين بتركيا، رغبوا بالدخول لسورية عبر التسجيل الذي أتمتته تركيا خلال إجازة عيد الأضحى، دخل منهم نحو 155 ألف سوري خلال عيد الفطر السابق، ومنهم من لم يعد حتى اليوم.
ومن المخطط أن تبدأ عودة اللاجئين من سورية إلى تركيا عبر المعابر الحدودية، اعتباراً من 5 سبتمبر/ أيلول المقبل، على أن تنتهي في 15 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.
وقال الشاب السوري، عبد القادر الشيخ، من الريحانية التركية القريبة من معبر"باب الهوى": "إن سوريين كثيرين سلموا بطاقات (الكيملك) قبل مغادرتهم المعبر، ما يعني عدم عودتهم إلى تركيا"، مشيراً إلى أن وقف القصف بالمناطق المحررة شمالي غرب سورية، شجع لاجئين كثيرين على الرجوع لسورية في هجرة معاكسة لأن أعباء المعيشة بتركيا مرتفعة، على حسب قوله.
وزاد عدد السوريين اللاجئين بتركيا، وفق آخر إحصاء تركي، عن 3 ملايين و49 ألفاً و879 لاجئا، شكّل الذكور النسبة الأكبر منهم بـ مليون و631 ألفاً و626 لاجئاً، في حين وصل عدد الإناث إلى مليون و418 ألف و253 لاجئة.
ووفقا للإحصاءات، جاءت فئة الشباب في مرحلة التعليم الجامعي بين سني (19-24) في المقدمة، بـ 450 ألفاً و378 لاجئاً، 255 ألفاً و298 منهم ذكور، في حين صُنفت الفئة العمرية في مرحلة التعليم الأساسي بين (5-9) سنوات في المرتبة الثانية بـ 434 ألفاً و16 لاجئا، منهم 223 ألفاً و514 ذكرا.
وحلّت فئة المواليد بين أعمار (0-4) سنوات في المرتبة الثالثة بـ 374 ألفاً و874 لاجئا، بينهم 194 ألفاً و196 ذكور، بينما جاءت الفئة العمرية بين (10-14) سنوات بالمرتبة الرابعة من حيث العدد بـ 326 ألفاً و453 لاجئاً، بينهم 169 ألفاً و884 ذكراً.