تسعى الحكومة المصرية إلى مواجهة تنظيم "ولاية سيناء" بشتّى السبل، ومنها "منع سيارات الدفع الرباعي" من العمل في المنطقة. مع العلم أن أهالي سيناء، مثلهم مثل كل سكان المناطق الصحراوية، يعتمدون على هذا النوع من السيارات، بفعل طبيعة المنطقة التي يقطنون فيها. وسيزيد القرار الحكومي من صعوبة الوضع المعيشي لسكان سيناء.
وكانت الحكومة، بقيادة إبراهيم محلب، أصدرت قراراً بحظر سيارات الدفع الرباعي، بعد سلسلة هجمات جديدة نفّذها مسلحون تابعون لتنظيم "ولاية سيناء"، قبل أسبوعين تقريباً، مما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات. ويعتمد التنظيم في تحركات عناصره والعمليات ضد الجيش والشرطة، على سيارات الدفع الرباعي، لسهولة التحرك في الصحراء والمراوغة.
ولم تسفر كل الاستراتيجيات السابقة للنظام والجيش المصري، في وقف عمليات "ولاية سيناء"، إذ استهدف التنظيم دبابة للجيش وآليتين عسكريتين، الثلاثاء الماضي، من دون إعلان رسمي من المتحدث الرسمي العسكري.
وبعيداً عن الرفض القبلي لقرار حكومة محلب، وإصرار بعض أبناء القبائل على عدم الاستجابة للقرار، حاول بعض مالكي تلك النوعية من السيارات إخراجها من سيناء إلى محافظات أخرى.
ويقول أحد شيوخ سيناء، إبراهيم المنيعي، إن "قرار حظر سيارات الدفع الرباعي في سيناء، أمر غريب تماماً في الحقيقة، وغير متوقع". ويضيف في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "سيناء معروفة منذ فترة طويلة بسيارات الدفع الرباعي الضرورية للتعامل مع الطبيعة الصحراوية". ويشير إلى أن "تطبيق القرار الجديد سيؤثر سلباً على الناس، وكأن الحكومة تحارب الناس في أرزاقها".
ويعتبر أن "النظام الحالي يطبق قبضة حديدية على سيناء، وهو ما يدفع الأهالي إلى رفض التعاون مع الجيش والشرطة في مواجهة المجموعات المسلحة". ويطالب المنيعي بـ"تخفيف الإجراءات الاستثنائية ضد أهالي سيناء، وإلا سيكون هناك حالة غضب أكثر وأكثر تسهم في النهاية في زيادة الاحتقان ضد الجيش، بفعل الانتهاكات التي تحدث هناك".
في المقابل، تشير مصادر قبلية، لـ"العربي الجديد"، إلى أن "شيوخ القبائل لديهم حالة غضب حيال تزايد الضغوط على أبناء سيناء، وكأنهم مواطنون درجة رابعة أو خامسة". وتؤكد المصادر، أن "بعض الأهالي من أبناء القبائل أعلنوا رفضهم القرار، واستخدام سيارات الدفع الرباعي في عملهم، لسد حاجات عائلاتهم". وتذهب إلى حدّ القول إن "أهالي سيناء فاض بهم الكيل جراء الإجراءات الاستثنائية وعمليات القتل والتعذيب بحق المدنيين العزل، في حين لا يتمكن الجيش من صدّ هجمات ولاية سيناء".
من جهته، يقول أحد الداعمين للجيش، موسى الدلح، لـ"العربي الجديد"، إنه "لا توجد مشكلة من ناحية القبائل، على الأقلّ من قبيلة الترابين في بعض المناطق، في موضوع حظر سيارات الدفع الرباعي، لأننا نواجه الإرهاب". ويؤكد أن "القبائل لا ترفض أي قرارات أو تكتيكات من الجيش لمواجهة الجماعات الإرهابية"، مشيراً إلى "ضرورة دعم الجيش في عملياته ضد المسلحين".
ويضيف أن "هناك حاجة كبيرة لسيارات الدفع الرباعي في سيناء بفعل الطبيعة الصحراوية، ولكن يُمكن تحمّل بضعة أشهر حتى القضاء على الإرهاب". ويلفت إلى أن "هذه الخطوة ستسهم في محاصرة الجماعات الإرهابية داخل جحورها، وبالتالي أي رصد لسيارة دفع رباعي سيتم استهدافه بشكل مباشر". فيما يقلل خبير أمني من تأثير قرار الحكومة بحظر سير سيارات الدفع الرباعي في سيناء، باعتبار أن "المجموعات المسلحة لديها قدرة على التكيف مع الأوضاع الجديدة".
ويقول الخبير، الذي طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن "النظام الحالي والجيش والأجهزة الأمنية ليست لديهم رؤية محددة لمواجهة المسلحين"، مطالباً بـ"وضع استراتيجية طويلة الأمد". ويشدد على أن "النظام الحالي بكل أركانه يعتبر نفسه في موقع ردّ فعل على ما يقوم به تنظيم ولاية سيناء، المتقدّم بخطوة أو اثنتين عن الجيش والشرطة". ويلفت إلى أن "كل استراتيجيات الجيش فشلت بشكل واضح وصريح في مواجهة المجموعات المسلحة". ويعتبر الخبير الأمني، أن "كل القرارات والسياسات التي اتُخذت منذ عامين تقريباً، لم تصبّ إلا في صالح تصاعد الأزمة في سيناء، والتضييق على الأهالي، وبالتالي تزايد نفوذ ولاية سيناء".
اقرأ أيضاً "فايننشال تايمز": قانون الإرهاب بمصر يمنح الشرطة سلطات أكبر