سيدرا تحلم ببطولة أحد المسلسلات

18 أكتوبر 2014
الشّحاذة لا تطعم الروح (Getty)
+ الخط -
تتسوّل سيدرا في شارع الحمرا ببيروت، نقابلها في كلّ مكان، تحدّثنا عن أيّ شيء. سيدرا التي لا يتعدّى عمرها 10 سنوات معجبة بالممثّل السوري عابد فهد. تقول لي إنّ سيرين عبد النور "مايعة"، ولا تحبّها. تعتقد أنّ الممثّلات السوريات أجمل بكثير: "الله يسامحه عابد كيف مثّل معها".

كلّما التقيناها تقول إنّها تتمنّی لو تستطيع أن تغيّر اسمها، تقصّ شعرها، تصبح ممثّلة، وتشارك عابد فهد بطولة أحد المسلسلات. منذ يومين التقيناها في الشارع، ترتدي ثياب العيد. أخبرتنا أنّ العيد مات بالنسبة إليها. لا تحبّ لبنان، ولا شارع الحمرا، ولا عين المريسة، ولا جونية، التي تسمع عنها كثيراً ولم تزرها يوماً.

لكن لمَ لا تحبّ الحمرا حيث تقضي معظم وقتها: "كيف بدّي حبّها وأنا بشحد فيها؟". تركت مدرستها هذا العام، دخلتها في العام الأوّل بعد النزوح عن سورية. لم تركّز. يسألها الأستاذ فلا تعرف الإجابة ولا تفهم السؤال. يضحك منها الأولاد. تنظر إلی الأستاذ ولا ترى إلا دميتها الصغيرة، تفكّر بها طوال اليوم. تتخيّل أشلاءها غارقة في دمائها. سألها والدها لِمَ لا تركّز؟ ذكّرها بتفوّقها في مدرستها القديمة. فقالت له إنّها تشعر بالغباء منذ غادرت سورية. تقول إنّ لعنة ما أصابتهم منذ غادروا بلدهم. أصبحت هي غبية.

أختها التي تحبّ الرقص كثيراً نسيت كيف ترقص، فخافت هي ولم تجرّب الرقص. تشتاق إلی صديقها يوسف من المدرسة. كانت تقاسمه "الزوّادة" والمصروف، تغشّشه ويغشّشها في الامتحانات. شاهدت منزل يوسف مدمّراً. تعتقد أنّه كان نائماً في المنزل. ربّما ناداها لمساعدته كما يفعل أثناء مشاجراته بالمدرسة. لم تسمعه، صوت الرصاص كان قويّاً.

مرّت أسابيع لا تسمع ولا تتكلّم. منذ اختفی يوسف لا تحبّ الصبيان، تضربهم ويضربونها، تضرب الفتيات أيضاً. لا تعرف إن كانت تريد العودة، تريد ضمانات أنّها لن تعود غبية، وأنّ أختها ستعرف كيف ترقص، وأنّها ستری يوسف. أمطرت في بيروت وسيدرا معنا. استعارت حلقي. تضحك وترقص تحت المطر، تطير، لم تعد ترانا. المطر... المطر وحده يذكّرها بيوسف وسورية هنا.
المساهمون