بعد انطلاق الرصاصة الأولى في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، لم يعد السؤال "هل ينفذ الرئيس الأميركي دونالد ترامب تهديداته بفرض تعريفات جمركية جديدة"، وإنما أصبح ما يشغل المحللين والأسواق، بل والمواطن العادي سؤال آخر يتعلق بالمدى الذي يمكن أن يذهب إليه ترامب في تصعيده تجاه خصمه الذي يعد ثاني أكبر اقتصاد في العالم، خاصة مع تصميم الخصم على الرد بالمثل.
وبعد التطبيق الفعلي للتعريفات الجمركية الأميركية الجديدة، بنسبة 25%، على صادرات سلعية صينية قيمتها 34 مليار دولار، ورد الصين بنفس القدر من التعريفات على القيمة ذاتها من المنتجات، اعتباراً من منتصف ليلة الجمعة، يرى بعض المحللين أن الرئيس الأميركي لا يدرك أبعاد قراراته ومدى تأثيرها على الأسواق.
ولم تظهر في الأفق أي علامات على نية ترامب التراجع عن خططه، فهو ينوى إضافة ما قيمته 16 مليار دولار من الواردات الأميركية من الصين إلى القائمة التي تطبق عليها التعريفات الجديدة خلال أسابيع قليلة. وأعلن أنه سيضيف ما قيمته 200 مليار دولار أخرى في حالة رد الصين بالمثل.
كما أعلن ترامب أمام الصحافيين يوم الخميس الماضي أن إجمالي قيمة الواردات الصينية التي ستخضع للضرائب ربما يتجاوز الـ500 مليار دولار.
اقــرأ أيضاً
ويقول ديك دربن، العضو الديمقراطي بمجلس النواب الأميركي، إن "الحرب التجارية المضلَّلة للإدارة الأميركية مع الصين ستتسبب في خسائر فادحة لملايين الأميركيين، خاصة أولئك الذين يعملون في الزراعة وفي صناعة السيارات، وستزداد الأمور سوءاً إذا لم نعمل على التهدئة".
وبعيداً عن الهدف المعلن الخاص بتخفيض العجز التجاري مع الصين، يحاول ترامب إرضاء الناخب الأميركي، قبل انتخابات التجديد النصفي لأعضاء الكونغرس في نوفمبر / تشرين الثاني المقبل، والانتخابات الرئاسية في 2020، عن طريق استخدام شعارات شعبوية من نوعية "أميركا أولاً"، و"لكي تصبح أميركا عظيمة مجدداً"، متحججاً بسوء استخدام الصين لقواعد التجارة الدولية في السنوات السابقة، بالإضافة إلى ما قامت به من استيلاء على التكنولوجيا الأميركية الحديثة.
لكن من الواضح أن تلك السياسات سيكون لها تأثيرها السلبي على الاقتصاد الأميركي، من خلال تعطيل سلاسل الإمدادات الدولية ورفع الأسعار على الشركات والمستهلكين الأميركيين.
ونقلت "نيويورك تايمز" الجمعة الماضي، عن أوستن راميريز، الرئيس التنفيذي لشركة هاسكو إنترناشيونال المصنّعة لقطع غيار السيارات لشركات مثل فورد وجنرال موتورز وكاتربيلر وغيرها، إن "كل ما نشتريه من الصين موجود في قائمة المنتجات المشمولة بالتعريفات. الأمر يبدو وكأننا نتعمد إيذاء أنفسنا. التعريفات تقلل من تنافسيتنا مقارنة باليابان وألمانيا"، ويوضح أن واردات شركته من الصين مثلت ثلث تكاليف الإنتاج العام الماضي.
وتشير التحليلات الاقتصادية إلى إن الحرب التجارية التي قام بها ترامب سوف تزيد من تكاليف الصناعة الأميركية، مما قد يهدد وظائف التصنيع التي طالما قال ترامب إنه يريد حمايتها. وبعض هذه التكاليف المرتفعة سوف تصل في النهاية إلى المستهلكين الأميركيين. كما أن الحروب التجارية التي يخوضها ترامب تخيف الاستثمارات الكبرى وتؤثر على القرارات الاستثمارية الجديدة جموداً وترقباً.
اقــرأ أيضاً
وأعلن مجلس الاحتياط الفيدرالي "البنك المركزي الأميركي" أن بعض الشركات الأميركية، ومنها هارلي دافيدسون لصناعة الدراجات النارية وجنرال موتورز لصناعة السيارات، قد بدأت بالفعل في تسريح بعض العمالة لديها.
وأكدت دراسة حديثة لمعهد بيترسون للاقتصادات الدولية، أن فرض تعريفات جمركية بنسبة 25% على مكونات السيارات سيؤدي إلى انخفاض إنتاج السيارات الأميركية بنسبة 1.5%، بالإضافة إلى فقدان ما يقرب من 195 ألف عامل أميركي لوظائفهم، خلال سنة إلى ثلاث سنوات مقبلة.
من ناحية أخرى، فقد تسببت التعريفات التي فرضتها الولايات المتحدة على واردات الصلب بنسبة 25% في ارتفاع أسعار الصلب فيها بنسبة 30%، وفقاً لاتحاد عمال الصلب، بعدما تباطأت الواردات من الصين، واستغل مصنعو الصلب الأميركيون الأمر، فزادوا من إنتاجهم، وفي نفس الوقت رفعوا أسعارهم.
وفيما يخص المدى الزمني الذي يمكن أن تمتد له الحرب التجارية، يقول ديفيد دولار، كبير ممثلي إدارة الخزانة الأميركية في الصين في عهد الرئيس السابق باراك أوباما إن "المعركة قد تمتد للعام المقبل، لأن الاقتصاد الأميركي القوي حالياً سيخفف من حدة تأثير الحرب التجارية على الولايات المتحدة".
كما يؤكد دولار أن تهديدات ترامب بفرض تعريفات على ما قيمته 200 مليار دولار من واردات بلاده من الصين، "لن يمكن تطبيقها حتى آخر الخريف، لتتمكن الإدارة الأميركية من تجاوز بعض العقبات الإجرائية الموجودة في الوقت الحالي".
وفي الوقت الذي تتوقف فيه الولايات المتحدة عن استجداء التزام شركائها التجاريين بقواعد التجارة العالمية، يجد المصنعون الأميركيون أنفسهم في مفترق طرق هام، يتعين عليهم فيه اتخاذ قرارات صعبة، تتعلق بتسعيرهم الإنتاج الجديد، من أجل تعويض الارتفاع في التكلفة، بينما تصل صعوبة اتخاذ القرار لدى البعض إلى درجة أنهم قد يفضلون الإيقاف التام لأي نفقات استثمارية في الوقت الحاضر حتى تتضح الأمور، ويعلّق أوستن راميريز "عدم التأكد هو أمر قاتل".
ويقول بول كروغمان، أستاذ الاقتصاد الحائز على جائزة نوبل، في مقالة نشرتها "نيويورك تايمز" يوم السبت 7 يوليو، إن تعريفات ترامب مصممة لإلحاق أكبر قدر من الضرر بالاقتصاد الأميركي، لتحقيق مكاسب ضئيلة.
ويشرح كروغمان إلى أن "المحاربين التجاريين الأذكياء، إذا كان هؤلاء الأشخاص موجودين، سوف يركزون تعريفاتهم على السلع النهائية، وذلك لتجنب زيادة تكاليف منتجي السلع المحلية. صحيح أن هذا سيعادل ضريبة مباشرة على المستهلكين، ولكن إذا كنت تخشى فرض أي عبء على المستهلكين المحليين، فلا ينبغي عليك الدخول في حرب تجارية في المقام الأول".
ويلفت إلى أن "95% من التعريفات الأميركية ضد الصين طاولت إما السلع الوسيطة أو السلع الرأسمالية مثل الآلات التي تستخدم أيضًا في الإنتاج المحلي".
ويعتبر الكاتب الاقتصادي وكبير الاقتصاديين السابقين في صندوق النقد الدولي، سيمون جونسون، في مقالة له في "بروجيكت سانديكايت"، أن الدول التي يحاول ترامب تهديدها، خاصة الصين والاتحاد الأوروبي، تعرف بوضوح كيف ترد على ترامب، أي من خلال فرض ضرائبها ورسومها الانتقامية على الشركات التي أثنى عليها هذا الأخير. ومن السهل التعرف على تلك الشركات، من خلال تغريدات ترامب على تويتر والأشخاص الذين قابلهم في البيت الأبيض.
ويلفت الكاتب إلى أن أكبر نقطة ضعف لدى ترامب في حروبه التجارية التي بدأت لتوها هي: الزراعة. فالقطاع ليس فقط المصدر الأكبر (133 مليار دولار عام 2017 )، بل إن العديد من المناطق في الريف تدعم ترامب والجمهوريين بصفة عامة. وتستهدف الاستراتيجية الذكية للدول المستهدفة صادرات أميركا الزراعية والغذائية، حيث فرضت الصين ضريبة على فول الصويا ولحم الخنزير والكحول وغيرها من السلع.
ولم تظهر في الأفق أي علامات على نية ترامب التراجع عن خططه، فهو ينوى إضافة ما قيمته 16 مليار دولار من الواردات الأميركية من الصين إلى القائمة التي تطبق عليها التعريفات الجديدة خلال أسابيع قليلة. وأعلن أنه سيضيف ما قيمته 200 مليار دولار أخرى في حالة رد الصين بالمثل.
كما أعلن ترامب أمام الصحافيين يوم الخميس الماضي أن إجمالي قيمة الواردات الصينية التي ستخضع للضرائب ربما يتجاوز الـ500 مليار دولار.
وبعيداً عن الهدف المعلن الخاص بتخفيض العجز التجاري مع الصين، يحاول ترامب إرضاء الناخب الأميركي، قبل انتخابات التجديد النصفي لأعضاء الكونغرس في نوفمبر / تشرين الثاني المقبل، والانتخابات الرئاسية في 2020، عن طريق استخدام شعارات شعبوية من نوعية "أميركا أولاً"، و"لكي تصبح أميركا عظيمة مجدداً"، متحججاً بسوء استخدام الصين لقواعد التجارة الدولية في السنوات السابقة، بالإضافة إلى ما قامت به من استيلاء على التكنولوجيا الأميركية الحديثة.
لكن من الواضح أن تلك السياسات سيكون لها تأثيرها السلبي على الاقتصاد الأميركي، من خلال تعطيل سلاسل الإمدادات الدولية ورفع الأسعار على الشركات والمستهلكين الأميركيين.
ونقلت "نيويورك تايمز" الجمعة الماضي، عن أوستن راميريز، الرئيس التنفيذي لشركة هاسكو إنترناشيونال المصنّعة لقطع غيار السيارات لشركات مثل فورد وجنرال موتورز وكاتربيلر وغيرها، إن "كل ما نشتريه من الصين موجود في قائمة المنتجات المشمولة بالتعريفات. الأمر يبدو وكأننا نتعمد إيذاء أنفسنا. التعريفات تقلل من تنافسيتنا مقارنة باليابان وألمانيا"، ويوضح أن واردات شركته من الصين مثلت ثلث تكاليف الإنتاج العام الماضي.
وتشير التحليلات الاقتصادية إلى إن الحرب التجارية التي قام بها ترامب سوف تزيد من تكاليف الصناعة الأميركية، مما قد يهدد وظائف التصنيع التي طالما قال ترامب إنه يريد حمايتها. وبعض هذه التكاليف المرتفعة سوف تصل في النهاية إلى المستهلكين الأميركيين. كما أن الحروب التجارية التي يخوضها ترامب تخيف الاستثمارات الكبرى وتؤثر على القرارات الاستثمارية الجديدة جموداً وترقباً.
وأكدت دراسة حديثة لمعهد بيترسون للاقتصادات الدولية، أن فرض تعريفات جمركية بنسبة 25% على مكونات السيارات سيؤدي إلى انخفاض إنتاج السيارات الأميركية بنسبة 1.5%، بالإضافة إلى فقدان ما يقرب من 195 ألف عامل أميركي لوظائفهم، خلال سنة إلى ثلاث سنوات مقبلة.
من ناحية أخرى، فقد تسببت التعريفات التي فرضتها الولايات المتحدة على واردات الصلب بنسبة 25% في ارتفاع أسعار الصلب فيها بنسبة 30%، وفقاً لاتحاد عمال الصلب، بعدما تباطأت الواردات من الصين، واستغل مصنعو الصلب الأميركيون الأمر، فزادوا من إنتاجهم، وفي نفس الوقت رفعوا أسعارهم.
وفيما يخص المدى الزمني الذي يمكن أن تمتد له الحرب التجارية، يقول ديفيد دولار، كبير ممثلي إدارة الخزانة الأميركية في الصين في عهد الرئيس السابق باراك أوباما إن "المعركة قد تمتد للعام المقبل، لأن الاقتصاد الأميركي القوي حالياً سيخفف من حدة تأثير الحرب التجارية على الولايات المتحدة".
كما يؤكد دولار أن تهديدات ترامب بفرض تعريفات على ما قيمته 200 مليار دولار من واردات بلاده من الصين، "لن يمكن تطبيقها حتى آخر الخريف، لتتمكن الإدارة الأميركية من تجاوز بعض العقبات الإجرائية الموجودة في الوقت الحالي".
وفي الوقت الذي تتوقف فيه الولايات المتحدة عن استجداء التزام شركائها التجاريين بقواعد التجارة العالمية، يجد المصنعون الأميركيون أنفسهم في مفترق طرق هام، يتعين عليهم فيه اتخاذ قرارات صعبة، تتعلق بتسعيرهم الإنتاج الجديد، من أجل تعويض الارتفاع في التكلفة، بينما تصل صعوبة اتخاذ القرار لدى البعض إلى درجة أنهم قد يفضلون الإيقاف التام لأي نفقات استثمارية في الوقت الحاضر حتى تتضح الأمور، ويعلّق أوستن راميريز "عدم التأكد هو أمر قاتل".
ويقول بول كروغمان، أستاذ الاقتصاد الحائز على جائزة نوبل، في مقالة نشرتها "نيويورك تايمز" يوم السبت 7 يوليو، إن تعريفات ترامب مصممة لإلحاق أكبر قدر من الضرر بالاقتصاد الأميركي، لتحقيق مكاسب ضئيلة.
ويشرح كروغمان إلى أن "المحاربين التجاريين الأذكياء، إذا كان هؤلاء الأشخاص موجودين، سوف يركزون تعريفاتهم على السلع النهائية، وذلك لتجنب زيادة تكاليف منتجي السلع المحلية. صحيح أن هذا سيعادل ضريبة مباشرة على المستهلكين، ولكن إذا كنت تخشى فرض أي عبء على المستهلكين المحليين، فلا ينبغي عليك الدخول في حرب تجارية في المقام الأول".
ويلفت إلى أن "95% من التعريفات الأميركية ضد الصين طاولت إما السلع الوسيطة أو السلع الرأسمالية مثل الآلات التي تستخدم أيضًا في الإنتاج المحلي".
ويعتبر الكاتب الاقتصادي وكبير الاقتصاديين السابقين في صندوق النقد الدولي، سيمون جونسون، في مقالة له في "بروجيكت سانديكايت"، أن الدول التي يحاول ترامب تهديدها، خاصة الصين والاتحاد الأوروبي، تعرف بوضوح كيف ترد على ترامب، أي من خلال فرض ضرائبها ورسومها الانتقامية على الشركات التي أثنى عليها هذا الأخير. ومن السهل التعرف على تلك الشركات، من خلال تغريدات ترامب على تويتر والأشخاص الذين قابلهم في البيت الأبيض.
ويلفت الكاتب إلى أن أكبر نقطة ضعف لدى ترامب في حروبه التجارية التي بدأت لتوها هي: الزراعة. فالقطاع ليس فقط المصدر الأكبر (133 مليار دولار عام 2017 )، بل إن العديد من المناطق في الريف تدعم ترامب والجمهوريين بصفة عامة. وتستهدف الاستراتيجية الذكية للدول المستهدفة صادرات أميركا الزراعية والغذائية، حيث فرضت الصين ضريبة على فول الصويا ولحم الخنزير والكحول وغيرها من السلع.