شجرتان

هايبريون¹

طويلةٌ وتاجُها
يناطِحُ السماء
رمحٌ مدفونٌ بين السماء والأرض،
فهي ابنتهما،
وشقيقةُ الشّمس والقمر
شقيقةُ الفجر وأجنحة الطيور،
وعروسُ الضوء البهيّة.
كانت تُسمَّى
هايبريون.
يا أيتها الوحيدة والفريدة،
هل لك أختٌ في هذا العالم؟
وكم غروباً ستأخذين معكٍ عندما تسقُطين؟
وكم طيراً
ستحرمينَه من بثّ زقزقته في نشيدكِ،
وفي أنفاسِك البهيجةِ،
التي تتسرّب إلى عتبات آذاننا؟
أيتها الفريدة
التي لا تقارَن بأحد،
هناك في العُلا،
هل تشعرين بوجود أولئك الذين سَمُّوك وشَهِدوا على وجودكِ؟

■ ■ ■

باندو²

لا يمكن للبصر
أن يغطّي مدى وعمق جذورك العنيدة
الضاربة في السماء،
كل جذر شجرة جديدة
متّحدٌ هناك بجذعٍ غامضٍ يَنْغَرِسُ
عشرات الكيلومترات
في الظلّ،
حيث يتزاوج النُّسْغُ والليلُ
ويهزّان الحياة لتصرخ بأعلى صوتها.
تتناثرُ همهماتُكِ
مثلُ نهرٍ سريٍّ،
يهتزّ
وتتردّد أصداؤه في المدى،
لتُدوّي طبقاتٌ جديدةٌ من الصوتِ نفسه.
حَشْدٌ من الأشجار القصيرة المتعانقة
التي تمتد على طول الأفق وعرضه.
كيف تسقطين؟
وكل هذه الفروع تحملُكِ على أكتافها،
وغذاؤك من قلبك.
ربما لا تعرفُكِ الطيور،
ولكنها مدينةٌ لكِ بآلاف الرفرفات والأغاني.
ربما لا نعرفُكِ
- بل نتخيّل وجودك فقط -
ولكنك تنتصبينَ هناك، وستنتصبين إلى الأبد،
كثيرةً في وحدَتِك.
بِفضلكِ نرى الغابة.
بل أنت الغابة.
بفضلك فقط، عرفنا المتعة التي احتفظت بها شجرة هايبريون لنفسها.
مدينون لك بأشعّة الشمس المكثّفة.

* Gabriel Chavez Casazola شاعر من مواليد بوليفيا عام 1972

** ترجمة عماد الأحمد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
_{1 عاشت شجرة السيكويا الحمراء، أو شجرة الماموت الساحلية، مجهولة حتى صيف 2006، عندما وجدها عالما الطبيعة كريس أتكينز ومايكل تايلور أثناء استكشافهما منطقةً نائية من محمية ريدوود الوطنية في كاليفورنيا. يمتد أطول فرع من فروع الشجرة على ارتفاع 115.5 مترا فوق سطح الأرض. أُطلق عليها اسم هايبرون Hyperion، وتُعدّ أطول بمقدار مترين ونصف ممّا كان يُعرف حتى وقت قريب بأطول شجرة في العالم، وهي شجرة سيكويا حمراء أخرى.}

_{2 باندو هو الاسم الذي أطلقه عالم النبات بورتون بيرنز على غابة الحور الرجراج الموجودة في الولايات المتّحدة في حديقة فيشليك الوطنية في ولاية يوتا بالولايات المتحدة، والتي تبيّن أنها تتكوّن من أكثر من 47000 شجرة، تمثّل في الحقيقة شجرة واحدة. عمر شجرة باندو هذه 80 ألف سنة وتمتد على أكثر من 43 هكتاراً، وهي أقدم كائن حيّ على وجه الأرض.}