19 ابريل 2021
شعب الجبارين
هذا الوصف استخدمه الرئيس الشهيد ياسر عرفات مرات متكررة، وهو يتحدث عن نضال شعب فلسطين، وأمثولته التي أقنعت مظلومين كثيرين في العالم بقدرة شعبٍ صغيرٍ على خوض صراع مديد من أجل تحرير وطنه، على الرغم من تفوق عدوه العسكري الساحق عليه، وخوضه معارك عديدة كسبها، بيد أنه ظل عاجزا عن انتزاع وطنه من شعبه الذي استحق لقب "شعب الجبارين" بجدارة، بالنظر إلى طول أمد الصراع الذي خاضه، ومواقف العرب والعالم السلبية أو المعادية له التي فشلت في كبح إصراره على طلب حقه، وجعله يستسلم للكوارث والخيبات التي واكبت تاريخه الحديث.
في الذكرى السابعة للانفجار السياسي/ الاجتماعي الهائل الذي تعيشه سورية منذ أواسط مارس/ آذار عام 2011، يستحق السوريون، إناثا وذكورا، أن نطلق عليهم لقب "شعب الجبارين"، ليس فقط لأنهم يستقوون بمبدأ الحرية السامي، في صراعهم ضد نظامٍ هو نفيها المطلق، وإنما لأنهم يواجهون أيضا القوى التي انقضت عليهم بعد ثورتهم، وأرسلت عشرات الآلاف من المرتزقة لقتلهم وإطفاء روح الحرية في صدورهم، ويصمدون كما لم يتوقع أحد في وجه جيوش وأسلحة تدفقت من إيران وروسيا خارجيا، وتنظيمات مذهبية/ إرهابية خارجية وداخلية إرهابية، اعتبرت الحرية كفرا يستحق أتباعه القتل، ورفضت القول بوجود شعب سوري واحد، وأنكرت أن تكون الجماعات المتعايشة في بلادنا شعبا واحدا، وجعلتها أقلياتٍ وطوائف شاركت النظام الأسدي في اضطهاد "أهل السنة والجماعة" قبل الثورة، والقضاء عليهم بعدها.
صمد الشعب، بعد نيف وأربعين عاما، من استبداد شمولي وحرمان من ـأبسط حقوقه، وعندما نزل إلى الشوارع مطالبا بالحرية من نظام أنتج واقعا عاكس وعوده البرّاقة، وفقد مصادر شرعيته السياسية والوطنية، ولم يبق له من سند غير العنف، بعد أن حول بشار الأسد سانحة الإصلاح الإنقاذية إلى لعبة لفظية سخيفة، وحين نبهته التظاهرات الأولى إلى خطورة استهانته بالمأزق السلطوي، كشف عما في سلطته من طائفية، ولدى نظامه من احتياط مذهبي/ إرهابي أطلقه من سجونه، فتسلط بعض الوقت على ثورة عفوية، غابت عنها طوال أعوامها السبعة البرامج والخطط والقيادة الموحدة، لكن سطوتها كانت قصيرة العمر، بسبب توطّنها في مناطق الثورة وابتعادها عن مناطق النظام، وقضائها المنظم على الجيش الحر، وحامله المجتمعي ورهان الحرية والشعب الواحد. تمرّد السوريون، واستمروا في تمردهم، على الرغم من عجز نخبهم عن بناء قيادة موحدة وثورية، وعن تحاشي الفوضى والتبعثر والخلافات، وتمسّكوا برفض الأسدية، وقاتلوا أكبر قوة إقليمية وثاني قوة دولية، لاقتناعم بأن توقفهم عن المقاومة لن يصحح أخطاء المعارضة وعيوبها، بل سيضع حدا نهائيا للثورة، وستكون نهايتهم المفجعة كشعب.
يضيع هذا الجانب من الثورة، غالبا، في الحديث عن عيوب المعارضة، كأن الثورة كانت في الأصل ثورتها، وليست ثورة "شعب الجبارين" الذي لم يترك العالم المعادي له وسيلة إيجابية إلا واستخدمها لكسر مقاومته، والعالم الذي يدّعي صداقته موقفا سلبيا، إلا واتخذه لكسر روحه المعنوية وتصميمه على مواصلة معركته من أجل حريته التي يعي، بفطرته، أنه سيمضي زمن طويل قبل أن تُتاح له فرصة القيام بثورة أخرى، إذا تخلى عنها أو عن مشروع حريته المتماهي معها، وأن سورية لن تكون بعدها ما كانته قبلها، هذا إن بقيت هناك بلاد تحمل هذا الاسم الجميل.
يغلط من يتجاهل دور الشعب في الثورة، ويكتفي في الحكم عليها من خلال دور ائتلاف قوى الثورة والمعارضة وهيئة التفاوض العليا والفصائل. الثورة السورية فعل تاريخي نادر المثال، يجسد تصميم شعب مضطهد على نيل حريته التي تؤكد تضحياته اليومية أنها تساوي في قيمتها وجوده.
في الذكرى السابعة للانفجار السياسي/ الاجتماعي الهائل الذي تعيشه سورية منذ أواسط مارس/ آذار عام 2011، يستحق السوريون، إناثا وذكورا، أن نطلق عليهم لقب "شعب الجبارين"، ليس فقط لأنهم يستقوون بمبدأ الحرية السامي، في صراعهم ضد نظامٍ هو نفيها المطلق، وإنما لأنهم يواجهون أيضا القوى التي انقضت عليهم بعد ثورتهم، وأرسلت عشرات الآلاف من المرتزقة لقتلهم وإطفاء روح الحرية في صدورهم، ويصمدون كما لم يتوقع أحد في وجه جيوش وأسلحة تدفقت من إيران وروسيا خارجيا، وتنظيمات مذهبية/ إرهابية خارجية وداخلية إرهابية، اعتبرت الحرية كفرا يستحق أتباعه القتل، ورفضت القول بوجود شعب سوري واحد، وأنكرت أن تكون الجماعات المتعايشة في بلادنا شعبا واحدا، وجعلتها أقلياتٍ وطوائف شاركت النظام الأسدي في اضطهاد "أهل السنة والجماعة" قبل الثورة، والقضاء عليهم بعدها.
صمد الشعب، بعد نيف وأربعين عاما، من استبداد شمولي وحرمان من ـأبسط حقوقه، وعندما نزل إلى الشوارع مطالبا بالحرية من نظام أنتج واقعا عاكس وعوده البرّاقة، وفقد مصادر شرعيته السياسية والوطنية، ولم يبق له من سند غير العنف، بعد أن حول بشار الأسد سانحة الإصلاح الإنقاذية إلى لعبة لفظية سخيفة، وحين نبهته التظاهرات الأولى إلى خطورة استهانته بالمأزق السلطوي، كشف عما في سلطته من طائفية، ولدى نظامه من احتياط مذهبي/ إرهابي أطلقه من سجونه، فتسلط بعض الوقت على ثورة عفوية، غابت عنها طوال أعوامها السبعة البرامج والخطط والقيادة الموحدة، لكن سطوتها كانت قصيرة العمر، بسبب توطّنها في مناطق الثورة وابتعادها عن مناطق النظام، وقضائها المنظم على الجيش الحر، وحامله المجتمعي ورهان الحرية والشعب الواحد. تمرّد السوريون، واستمروا في تمردهم، على الرغم من عجز نخبهم عن بناء قيادة موحدة وثورية، وعن تحاشي الفوضى والتبعثر والخلافات، وتمسّكوا برفض الأسدية، وقاتلوا أكبر قوة إقليمية وثاني قوة دولية، لاقتناعم بأن توقفهم عن المقاومة لن يصحح أخطاء المعارضة وعيوبها، بل سيضع حدا نهائيا للثورة، وستكون نهايتهم المفجعة كشعب.
يضيع هذا الجانب من الثورة، غالبا، في الحديث عن عيوب المعارضة، كأن الثورة كانت في الأصل ثورتها، وليست ثورة "شعب الجبارين" الذي لم يترك العالم المعادي له وسيلة إيجابية إلا واستخدمها لكسر مقاومته، والعالم الذي يدّعي صداقته موقفا سلبيا، إلا واتخذه لكسر روحه المعنوية وتصميمه على مواصلة معركته من أجل حريته التي يعي، بفطرته، أنه سيمضي زمن طويل قبل أن تُتاح له فرصة القيام بثورة أخرى، إذا تخلى عنها أو عن مشروع حريته المتماهي معها، وأن سورية لن تكون بعدها ما كانته قبلها، هذا إن بقيت هناك بلاد تحمل هذا الاسم الجميل.
يغلط من يتجاهل دور الشعب في الثورة، ويكتفي في الحكم عليها من خلال دور ائتلاف قوى الثورة والمعارضة وهيئة التفاوض العليا والفصائل. الثورة السورية فعل تاريخي نادر المثال، يجسد تصميم شعب مضطهد على نيل حريته التي تؤكد تضحياته اليومية أنها تساوي في قيمتها وجوده.