توقف الرجل العجوز، أمسكني من معصمي بقوة وقال لي بصوت واثق: "هذا الذي خرب الدنيا".
كان لحظتها يشير بسبّابته إلى الهاتف الخلوي الذي أحمله في يدي. نظر فيه ملياً ثم نظر إلي، بعدها رفع يديه في الهواء إشارة إلى أنه لا يحمل جهازاً مشابهاً ثم صفق راحتي يديه ببعضهما قبل أن يبدأ بالكلام.
قال: يا ابني أنتم لا تعرفون من هذا الزمن غير التكنولوجيا. والتكنولوجيا ذات وجهين. لكنكم لم تأخذوا منها إلا وجهاً واحداً. لقد أكلتكم. انظر إلى الشارع من حولك. راقب الناس. تأمّل فيهم جيداً. إنهم جميلون. أراهن على أنك منذ زمن طويل لم تنظر في وجوههم. قد تكون نظرت إلا أنك لم تلاحظ شيئاً. لقد أضعتَ ملامح الناس جميعاً. وحتى لو وجدتَ ملامح في وجوههم إلا أنك لن تملك القدرة على قراءتها. هل تعرف لماذا؟ لأنك مشغول طوال الوقت في التكنولوجيا. التكنولوجيا أنستك معنى التدقيق في الأشياء من حولك.
أخذ نفساً عميقاً وزفر زفرة طويلة ثم تابع: متى كانت آخر مرة نظرت فيها جيداً في عيني أمك؟ في عيد الأم؟ كنت تفتش عن أثر لهديتك؟ بدلاً من أن تبحث عن صورة حلوة لأمك كي تتقاسمها على هذا "الإلكتروني" مع أصحابك اذهب وابحث عن أمك. اجلس معها واضحك معها. دلّلها ما دمت قادراً على فعل ذلك. قبّلها. لقد أخبروني أنكم صرتم ترسلون القبلات بواسطة هذا "الإلكتروني". أي أمر هذا؟ أي معنى؟ متى كانت القبلة من دون روح؟ من دون حياة؟ متى كانت القبلة مجرّد رسم ترسله؟
ومن دون أن ينتظر أي تعليق أكمل كلامه: أعرفكم جيداً. وأشاهدكم في المقاهي طوال الوقت. تجلسون من دون وجوه. من دون كلام. تشبهون الأشباح. تحملون أجهزتكم وتغرقون فيها. تفعلون ذلك وتنسون طعم القهوة. تنسون ما جئتم من أجله. تنسون أنكم ما زلتم أصدقاء. تحدثوا إلى بعضكم البعض. لماذا تتركون لجهاز أن يتحكّم بكم؟ أن يملأكم؟ لماذا تضحكون على أنفسكم؟ هل مللتم إلى هذا الحد؟ أراكم في الباص وفي سيارات الأجرة. أتفرج عليكم كيف تعبرون الشارع وتكادون تخسروا حياتكم. لقد سحرتكم هذه الأجهزة. تصطدمون ببعضكم البعض على الأرصفة بسببها. أنتم مستعجلون ومشغولون دائماً. تمهلوا قليلاً. عودوا إلى الحياة الحقيقية.
ثم سألني التالي: سأجري معك اتفاقاً. خبّرني. هل أنت قادر على إطفاء هذا الجهاز والعودة إلى الحياة الحقيقية ليوم واحد فقط؟ يوم واحد فقط. فكّر في الأمر جيداً.
قال ذلك كلّه ثم تركني ومشى من دون أن يسمعني. وقبل أن تختفي ملامحه رن منبّه الهاتف الخلوي.
إنه صباح إلكتروني جديد.
كان لحظتها يشير بسبّابته إلى الهاتف الخلوي الذي أحمله في يدي. نظر فيه ملياً ثم نظر إلي، بعدها رفع يديه في الهواء إشارة إلى أنه لا يحمل جهازاً مشابهاً ثم صفق راحتي يديه ببعضهما قبل أن يبدأ بالكلام.
قال: يا ابني أنتم لا تعرفون من هذا الزمن غير التكنولوجيا. والتكنولوجيا ذات وجهين. لكنكم لم تأخذوا منها إلا وجهاً واحداً. لقد أكلتكم. انظر إلى الشارع من حولك. راقب الناس. تأمّل فيهم جيداً. إنهم جميلون. أراهن على أنك منذ زمن طويل لم تنظر في وجوههم. قد تكون نظرت إلا أنك لم تلاحظ شيئاً. لقد أضعتَ ملامح الناس جميعاً. وحتى لو وجدتَ ملامح في وجوههم إلا أنك لن تملك القدرة على قراءتها. هل تعرف لماذا؟ لأنك مشغول طوال الوقت في التكنولوجيا. التكنولوجيا أنستك معنى التدقيق في الأشياء من حولك.
أخذ نفساً عميقاً وزفر زفرة طويلة ثم تابع: متى كانت آخر مرة نظرت فيها جيداً في عيني أمك؟ في عيد الأم؟ كنت تفتش عن أثر لهديتك؟ بدلاً من أن تبحث عن صورة حلوة لأمك كي تتقاسمها على هذا "الإلكتروني" مع أصحابك اذهب وابحث عن أمك. اجلس معها واضحك معها. دلّلها ما دمت قادراً على فعل ذلك. قبّلها. لقد أخبروني أنكم صرتم ترسلون القبلات بواسطة هذا "الإلكتروني". أي أمر هذا؟ أي معنى؟ متى كانت القبلة من دون روح؟ من دون حياة؟ متى كانت القبلة مجرّد رسم ترسله؟
ومن دون أن ينتظر أي تعليق أكمل كلامه: أعرفكم جيداً. وأشاهدكم في المقاهي طوال الوقت. تجلسون من دون وجوه. من دون كلام. تشبهون الأشباح. تحملون أجهزتكم وتغرقون فيها. تفعلون ذلك وتنسون طعم القهوة. تنسون ما جئتم من أجله. تنسون أنكم ما زلتم أصدقاء. تحدثوا إلى بعضكم البعض. لماذا تتركون لجهاز أن يتحكّم بكم؟ أن يملأكم؟ لماذا تضحكون على أنفسكم؟ هل مللتم إلى هذا الحد؟ أراكم في الباص وفي سيارات الأجرة. أتفرج عليكم كيف تعبرون الشارع وتكادون تخسروا حياتكم. لقد سحرتكم هذه الأجهزة. تصطدمون ببعضكم البعض على الأرصفة بسببها. أنتم مستعجلون ومشغولون دائماً. تمهلوا قليلاً. عودوا إلى الحياة الحقيقية.
ثم سألني التالي: سأجري معك اتفاقاً. خبّرني. هل أنت قادر على إطفاء هذا الجهاز والعودة إلى الحياة الحقيقية ليوم واحد فقط؟ يوم واحد فقط. فكّر في الأمر جيداً.
قال ذلك كلّه ثم تركني ومشى من دون أن يسمعني. وقبل أن تختفي ملامحه رن منبّه الهاتف الخلوي.
إنه صباح إلكتروني جديد.