منذ 8 يوليو/ تموز يشهد العراق احتجاجات انطلقت من البصرة في الجنوب، لتنتشر لاحقاً إلى جميع المناطق الجنوبية والوسطى وصولاً إلى العاصمة بغداد. من جراء هذه الاحتجاجات قتل وأصيب المئات من المحتجين على أيدي القوات الأمنية التي استخدمت العنف لردع المحتجين، بوسائل شملت الضرب بالهراوات واستخدام القنابل المسيلة للدموع ورش المياه الساخنة وصولاً إلى فتح الرصاص الحي.
ووثّقت مقاطع فيديو وصور عديدة من قبل المحتجين مقتل زملاء لهم، كانوا مثل حال الآخرين غير مسلحين يواجهون القوات المسلحة بالهتافات الرافضة لمنعهم من مواصلة الاحتجاج على الحكومة.
من بين ما وثقته "العربي الجديد" انتهاكات طاولت صحافيين، تعرض بعضهم للاعتقال والضرب ومصادرة الأدوات الصحافية، وهو ما يخالف ما منصوص في الدستور العراقي، بما يتعلق بكفالة حرية الصحافة والتعبير عن الرأي.
الخوف من التغطية
صحافيون يعملون لحساب وسائل إعلام غير محلية أكدوا لـ"العربي الجديد" أنهم يستخدمون كاميرات صغيرة الحجم، أو هواتف نقالة، بإمكانات جيدة تمكنهم من التقاط صور ومقاطع فيديو وهم بين المحتجين، كحال أي مشارك في الاحتجاجات.
ويستخدم هؤلاء الصحافيون أسماء بديلة، يقولون إنهم يحافظون على حياتهم من خلال تكتمهم على هويتهم.
ومن بين هؤلاء أحمد الربيعي، الذي يعمل لصالح مؤسسة إعلام عربية، مفيداً "العربي الجديد" بأن عليه أن ينتمي لأحد أحزاب السلطة ويعمل لصالح قنواتها، أو لصالح القناة التلفزيونية الرسمية لكي ينجو من ملاحقة أجهزة الأمن والحفاظ على سلامته.
وتابع يقول: "أعرف العشرات من الزملاء الصحافيين في بغداد يفعلون الشيء نفسه"، مؤكداً أن "بعض الزملاء وصلهم تهديد من قبل الأجهزة الأمنية التي تحيط بساحة التحرير (مركز الاحتجاجات في بغداد)، قبل وصولهم إلى الساحة لكونهم عرفوا عن أنفسهم قبل الوصول إلى حيث المحتجين".
اقــرأ أيضاً
ويميز الصحافيون أنفسهم من خلال ارتداء السترة الخاصة بالصحافة، وتعليق بطاقات صحافية على صدورهم، وهو ما يتيح لهم حرية الحركة لممارسة عملهم، بحسب ما متعارف عليه في جميع دول العالم، لا سيما عند وجود أحداث تتطلب ذلك، وهو ما يتوجب على الأجهزة الأمنية تسهيل مهامهم، لكن في العراق، وفي مثل هذه الأحداث، يعتبر الصحافيون من بين الفئات التي تمثل إزعاجاً للسلطات، كونها تكشف الحقيقة وتبثها إلى العالم، بحسب ما يؤكد صحافيون عراقيون تعرضوا في مرات عديدة للعنف على أيدي الأجهزة الأمنية.
محمد السامرائي، وهو صحافي ومصور فوتوغراف، يعمل لصالح صحيفة أجنبية، ويزود عدداً من المواقع الإخبارية بالصور ومقاطع الفيديو، يقول لـ"العربي الجديد" إنه يملك خبرة في مجال التعامل مع الأجهزة الأمنية، مؤكداً أنه تعرض في مرات سابقة لاعتداءات من قبل قوات أمنية في أثناء تأديته عمله الصحافي بتغطية أحداث مهمة.
وأوضح أنه تمكن قبل أكثر من عام من الحصول على بطاقة تعريفية مهمة، بسببها يلقى ترحيباً من قبل القوات الأمنية ما يسمح له بممارسة عمله بحرية، مؤكداً بالقول: "عملت قبل أكثر من عام في تصوير برامج لقناة تلفزيونية تعود لأحد أحزاب السلطة البارزة، وحصلت على بطاقة تعريفية تؤكد أني أعمل لصالح هذه القناة، وبالتالي فإني أعمل لصالح هذا الحزب، الذي يملك مليشيا وسلطة قوية، بذلك صرت محمياً، ما مكنني من تأدية واجبي المهني الحقيقي ونقل الصورة الحقيقية للعالم".
السامرائي يؤكد أنه شاهد اعتداءات طاولت عدداً من الصحافيين في الاحتجاجات التي شارك في تغطيتها بالبصرة والنجف وبغداد، "فضلاً عن الاعتداءات اللفظية وعدم السماح لهم بتغطية الاحتجاجات بحرية، وتعرض بعضهم للضرب".
وشهدت الاحتجاجات العراقية حتى اليوم مقتل وإصابة 742، بحسب ما أعلنت مفوضية حقوق الإنسان العراقية، الأحد الماضي. وقالت المفوضية، في بيان لها، إنّ "عدد المتوفين منذ انطلاق التظاهرات وحتى اليوم بلغ 13 شخصاً، بينما بلغ عدد الجرحى 729، بينهم 460 مدنيا".
وأضافت أنّ "القوات الأمنية اعتقلت 757 متظاهراً، أطلق سراح أغلبهم خلال اليومين الماضيين"، مشيرة إلى "إلحاق أضرار في 91 مبنى حكومياً وسكناً وسيارات، خلال التظاهرات".
مذكرات قبض
حذر المرصد العراقي للحريات الصحافية من استمرار الانتهاكات والتجاوزات على الصحافيين والفرق الإعلامية التي تغطي التظاهرات في المدن العراقية.
ووفقا لبيان للمرصد، فإن صحافيين وناشطين أبلغوه بأن "أكثر من خمسين مذكرة قبض صدرت بحق صحافيين وناشطين في مدن البصرة والناصرية والعمارة والكوت والنجف والسماوة وكربلاء وبابل، وهي تمثل نوعاً من الترهيب يستهدف تعطيل عمل الفرق الإعلامية في تلك المحافظات.
وذكر المرصد أيضاً أن القوات الأمنية اعتدت على صحافيين يغطون التظاهرات في مدن وسط وجنوب العراق بالضرب والاعتقال، مثل حسن البياتي في قناة الرشيد الفضائية ومراسل لقناة النجباء في بابل ومراسل لقناة المسار محمد الشمري، ومراسل قناة دجلة ومراسل قناة الحرة ومراسل قناة التغيير ومحطات وصحف أخرى، تعرضوا للضرب اأ الاعتقال وفقا لبيان المرصد الذي يتبع نقابة الصحافيين العراقيين ببغداد.
أحد أبرز الصحافيين الذين تعرضوا للانتهاكات الإعلامي حيدر س، وهو يعمل مراسلاً من محافظة النجف لصالح قناة الاتجاه الفضائية، وهو معروف أيضاً بكونه يعمل ناشطاً في مجال مكافحة الفساد المالي والإداري.
وقال حيدر في حديث لـ"العربي الجديد" إنه مؤخراً تم اعتقاله من قبل القوات الأمنية في النجف، وأجبروه على كتابة تعهد "بالقوة" بعدم تغطية التظاهرات في العراق.
اقــرأ أيضاً
وأضاف أنه بعد الإفراج عنه واصل عمله في تغطية التظاهرات، مبيناً "صورت الإجراءات التعسفية والقمع الشديد الذي يمارسه بحق المتظاهرين جهاز مكافحة الإرهاب ومليشيا إيرانية تسمى عصائب أهل الحق"، مشيراً إلى أنه نتيجة لمشاركته في تغطية هذه الاحتجاج تعرض لانتهاكات.
وتابع يقول إن القوات الأمنية في حينها صادرت معدات العمل، فضلاً عن استخدامها العنف، "تعرضت لصعق بالعصا الكهربائية، وجرى تفجير قنابل صوتية، إحدى هذه القنابل انفجرت بالقرب مني مما تسببت بنزيف في الأذن وجروح في الوجه، فضلاً عن تعرضي وعدد من المتظاهرين للضرب بأعقاب البنادق على ظهورنا ورؤوسنا".
وأشار إلى أن مطالبته لنقابة الصحافيين، التي ينتمي إليها، بالاستنكار، لم تلق صدى داخل النقابة، وأنهم رفضوا الاستجابة لطلبه "خوفاً من مليشيا عصائب أهل الحق، بل أبلغتني النقابة أن أمتنع عن تصوير التظاهرات".
واستطرد يقول: "رئيس النقابة (مؤيد اللامي) ينتمي إلى الحزب الحاكم في العراق، وليس من مصلحة النقابة إصلاح الوضع الأمني والمالي".
وتواصل رقعة التظاهرات الاحتجاجية التي يطالب من خلالها العراقيون بتوفير الخدمات الأساسية البسيطة بالاتساع في مناطق مختلفة من جنوب ووسط البلاد، بينما تسعى الحكومة لاحتوائها من خلال تقديم بعض المبادرات من جانب، وتعزيز قواتها الأمنية من جانب آخر.
ومؤخراً دفعت الحكومة العراقية بتعزيزات عسكرية إضافية إلى محافظات جنوب العراق، ومنها البصرة وذي قار وميسان، في محاولة للحد من اتساع التظاهرات، في وقت تثار مخاوف من تجدّد الصدامات بين المتظاهرين وتلك القوات.
وبينما يترقب العراق، اليوم الجمعة، احتجاجات جديدة، يتخوّف معنيّون بالشأن الإعلامي من استمرار الانتهاكات بحق الصحافيين لا بل وتزايدها.
من بين ما وثقته "العربي الجديد" انتهاكات طاولت صحافيين، تعرض بعضهم للاعتقال والضرب ومصادرة الأدوات الصحافية، وهو ما يخالف ما منصوص في الدستور العراقي، بما يتعلق بكفالة حرية الصحافة والتعبير عن الرأي.
الخوف من التغطية
صحافيون يعملون لحساب وسائل إعلام غير محلية أكدوا لـ"العربي الجديد" أنهم يستخدمون كاميرات صغيرة الحجم، أو هواتف نقالة، بإمكانات جيدة تمكنهم من التقاط صور ومقاطع فيديو وهم بين المحتجين، كحال أي مشارك في الاحتجاجات.
ويستخدم هؤلاء الصحافيون أسماء بديلة، يقولون إنهم يحافظون على حياتهم من خلال تكتمهم على هويتهم.
ومن بين هؤلاء أحمد الربيعي، الذي يعمل لصالح مؤسسة إعلام عربية، مفيداً "العربي الجديد" بأن عليه أن ينتمي لأحد أحزاب السلطة ويعمل لصالح قنواتها، أو لصالح القناة التلفزيونية الرسمية لكي ينجو من ملاحقة أجهزة الأمن والحفاظ على سلامته.
وتابع يقول: "أعرف العشرات من الزملاء الصحافيين في بغداد يفعلون الشيء نفسه"، مؤكداً أن "بعض الزملاء وصلهم تهديد من قبل الأجهزة الأمنية التي تحيط بساحة التحرير (مركز الاحتجاجات في بغداد)، قبل وصولهم إلى الساحة لكونهم عرفوا عن أنفسهم قبل الوصول إلى حيث المحتجين".
ويميز الصحافيون أنفسهم من خلال ارتداء السترة الخاصة بالصحافة، وتعليق بطاقات صحافية على صدورهم، وهو ما يتيح لهم حرية الحركة لممارسة عملهم، بحسب ما متعارف عليه في جميع دول العالم، لا سيما عند وجود أحداث تتطلب ذلك، وهو ما يتوجب على الأجهزة الأمنية تسهيل مهامهم، لكن في العراق، وفي مثل هذه الأحداث، يعتبر الصحافيون من بين الفئات التي تمثل إزعاجاً للسلطات، كونها تكشف الحقيقة وتبثها إلى العالم، بحسب ما يؤكد صحافيون عراقيون تعرضوا في مرات عديدة للعنف على أيدي الأجهزة الأمنية.
محمد السامرائي، وهو صحافي ومصور فوتوغراف، يعمل لصالح صحيفة أجنبية، ويزود عدداً من المواقع الإخبارية بالصور ومقاطع الفيديو، يقول لـ"العربي الجديد" إنه يملك خبرة في مجال التعامل مع الأجهزة الأمنية، مؤكداً أنه تعرض في مرات سابقة لاعتداءات من قبل قوات أمنية في أثناء تأديته عمله الصحافي بتغطية أحداث مهمة.
وأوضح أنه تمكن قبل أكثر من عام من الحصول على بطاقة تعريفية مهمة، بسببها يلقى ترحيباً من قبل القوات الأمنية ما يسمح له بممارسة عمله بحرية، مؤكداً بالقول: "عملت قبل أكثر من عام في تصوير برامج لقناة تلفزيونية تعود لأحد أحزاب السلطة البارزة، وحصلت على بطاقة تعريفية تؤكد أني أعمل لصالح هذه القناة، وبالتالي فإني أعمل لصالح هذا الحزب، الذي يملك مليشيا وسلطة قوية، بذلك صرت محمياً، ما مكنني من تأدية واجبي المهني الحقيقي ونقل الصورة الحقيقية للعالم".
السامرائي يؤكد أنه شاهد اعتداءات طاولت عدداً من الصحافيين في الاحتجاجات التي شارك في تغطيتها بالبصرة والنجف وبغداد، "فضلاً عن الاعتداءات اللفظية وعدم السماح لهم بتغطية الاحتجاجات بحرية، وتعرض بعضهم للضرب".
وشهدت الاحتجاجات العراقية حتى اليوم مقتل وإصابة 742، بحسب ما أعلنت مفوضية حقوق الإنسان العراقية، الأحد الماضي. وقالت المفوضية، في بيان لها، إنّ "عدد المتوفين منذ انطلاق التظاهرات وحتى اليوم بلغ 13 شخصاً، بينما بلغ عدد الجرحى 729، بينهم 460 مدنيا".
وأضافت أنّ "القوات الأمنية اعتقلت 757 متظاهراً، أطلق سراح أغلبهم خلال اليومين الماضيين"، مشيرة إلى "إلحاق أضرار في 91 مبنى حكومياً وسكناً وسيارات، خلال التظاهرات".
مذكرات قبض
حذر المرصد العراقي للحريات الصحافية من استمرار الانتهاكات والتجاوزات على الصحافيين والفرق الإعلامية التي تغطي التظاهرات في المدن العراقية.
ووفقا لبيان للمرصد، فإن صحافيين وناشطين أبلغوه بأن "أكثر من خمسين مذكرة قبض صدرت بحق صحافيين وناشطين في مدن البصرة والناصرية والعمارة والكوت والنجف والسماوة وكربلاء وبابل، وهي تمثل نوعاً من الترهيب يستهدف تعطيل عمل الفرق الإعلامية في تلك المحافظات.
وذكر المرصد أيضاً أن القوات الأمنية اعتدت على صحافيين يغطون التظاهرات في مدن وسط وجنوب العراق بالضرب والاعتقال، مثل حسن البياتي في قناة الرشيد الفضائية ومراسل لقناة النجباء في بابل ومراسل لقناة المسار محمد الشمري، ومراسل قناة دجلة ومراسل قناة الحرة ومراسل قناة التغيير ومحطات وصحف أخرى، تعرضوا للضرب اأ الاعتقال وفقا لبيان المرصد الذي يتبع نقابة الصحافيين العراقيين ببغداد.
أحد أبرز الصحافيين الذين تعرضوا للانتهاكات الإعلامي حيدر س، وهو يعمل مراسلاً من محافظة النجف لصالح قناة الاتجاه الفضائية، وهو معروف أيضاً بكونه يعمل ناشطاً في مجال مكافحة الفساد المالي والإداري.
وقال حيدر في حديث لـ"العربي الجديد" إنه مؤخراً تم اعتقاله من قبل القوات الأمنية في النجف، وأجبروه على كتابة تعهد "بالقوة" بعدم تغطية التظاهرات في العراق.
وأضاف أنه بعد الإفراج عنه واصل عمله في تغطية التظاهرات، مبيناً "صورت الإجراءات التعسفية والقمع الشديد الذي يمارسه بحق المتظاهرين جهاز مكافحة الإرهاب ومليشيا إيرانية تسمى عصائب أهل الحق"، مشيراً إلى أنه نتيجة لمشاركته في تغطية هذه الاحتجاج تعرض لانتهاكات.
وتابع يقول إن القوات الأمنية في حينها صادرت معدات العمل، فضلاً عن استخدامها العنف، "تعرضت لصعق بالعصا الكهربائية، وجرى تفجير قنابل صوتية، إحدى هذه القنابل انفجرت بالقرب مني مما تسببت بنزيف في الأذن وجروح في الوجه، فضلاً عن تعرضي وعدد من المتظاهرين للضرب بأعقاب البنادق على ظهورنا ورؤوسنا".
وأشار إلى أن مطالبته لنقابة الصحافيين، التي ينتمي إليها، بالاستنكار، لم تلق صدى داخل النقابة، وأنهم رفضوا الاستجابة لطلبه "خوفاً من مليشيا عصائب أهل الحق، بل أبلغتني النقابة أن أمتنع عن تصوير التظاهرات".
واستطرد يقول: "رئيس النقابة (مؤيد اللامي) ينتمي إلى الحزب الحاكم في العراق، وليس من مصلحة النقابة إصلاح الوضع الأمني والمالي".
وتواصل رقعة التظاهرات الاحتجاجية التي يطالب من خلالها العراقيون بتوفير الخدمات الأساسية البسيطة بالاتساع في مناطق مختلفة من جنوب ووسط البلاد، بينما تسعى الحكومة لاحتوائها من خلال تقديم بعض المبادرات من جانب، وتعزيز قواتها الأمنية من جانب آخر.
ومؤخراً دفعت الحكومة العراقية بتعزيزات عسكرية إضافية إلى محافظات جنوب العراق، ومنها البصرة وذي قار وميسان، في محاولة للحد من اتساع التظاهرات، في وقت تثار مخاوف من تجدّد الصدامات بين المتظاهرين وتلك القوات.
وبينما يترقب العراق، اليوم الجمعة، احتجاجات جديدة، يتخوّف معنيّون بالشأن الإعلامي من استمرار الانتهاكات بحق الصحافيين لا بل وتزايدها.