لم يغب الحديث، لا في الشارع الإيراني ولا في الوسائل الإعلامية طيلة الأيام الماضية عن موضوع رش الحمض على وجوه بعض السيدات في مدينة أصفهان الإيرانية. فاتسع الموضوع وزادت الاتهامات لجماعة "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" التي ينتمي إليها طيف متشدد من الشباب في البلاد، فوجهت التهم غير رسمية إليهم. ورفض البعض الآخر هذا الأمر جملة وتفصيلاً، فركزت الصحف الإيرانية التي تنتمي للتيارات المختلفة في إيران على الموضوع وعلى كيفية التعاطي معه.
صحيفة "شرق" خصصت صفحاتها الأولى لوجهات نظر المسؤولين المختلفة. فقد ركز رؤساء السلطات الثلاث في إيران في تصريحاتهم الأخيرة على ضرورة محاسبة المسؤولين عن هذه الفعلة أياً كانت توجهاتهم. فقد طالب الرئيس الإيراني حسن روحاني، حسب ما نشرت "شرق"، بأشد العقوبات في حق مرتكبي جريمة رش الحمض. وأضاف روحاني أن من يتحمل المسؤولية ستتم محاسبته؛ سواء كان ينتمي لطيف سياسي خاص أو قام بهذه الفعلة لأغراض شخصية. مشيراً إلى أنه ليس من الجيد التسرّع في توجيه التهم في هذه القضية إلى جهة معينة. داعياً المعنيين إلى الإسراع في تحقيقاتهم. واعتبر أن وقوع حوادث من هذا النوع لا يعني أن إيران بلد غير آمن. فدعا الكل إلى الابتعاد عن الضوضاء التي قد تخل بالأمن والأمان.
وفي الوقت الذي يبدو فيه روحاني جاداً في التركيز على هذه القضية، لا سيما أن المسؤولية ستقع على الحكومة في حال عدم التحكم بالأمر، يركز رئيس السلطة التشريعية رئيس مجلس الشورى الإسلامي، علي لاريجاني، حسب صحيفة "شرق"، على مشروع القانون الذي كان يناقشه البرلمان للاعتراف بجماعة الأمر بالمعروف كجماعة رسمية في البلاد، بل أيضاً وضمان حمايتها. واعتبر لاريجاني أن البعض يقومون بتسييس هذا الملف، وتحويله إلى تصفية حسابات سياسية بين التيارات، قائلا إن هذا سيؤثر على البلاد من الداخل.
كما أشار لاريجاني، حسب "شرق"، إلى أن القانون المطروح والذي يقف بعض الإصلاحيين أو المعتدلين في وجهه طُرح منذ زمن، والبعض يحاول مواجهته بطرق أخرى وبلصق التهم بهذه المجموعة حتى قبل انتهاء التحقيقات. معتبرا أن هذه الخطوات وهذا التصعيد يزيد من التوتر في الداخل الإيراني، وهو أمر غير مطلوب، حسب رأيه.
شقيق علي لاريجاني الذي يترأس السلطة القضائية، صادق أملي لاريجاني، كان له رأي شبيه بهذا الرأي، فركزت عليه صحيفة "رسالت" المحسوبة على التيار المحافظ. فقد اعتبر أن ربط ملف رش الحمض ولصق التهمة إعلامياً بجماعة الأمر بالمعروف، أمر فيه الكثير من التعسف، ويظلم النظام في إيران والمتدينين في هذا البلد، حسب تعبيره. وقال إن الغرب يركز على الأمر لإيذاء إيران، وهذا طبيعي. محذراً البعض في الداخل من المبالغة في هذا الأمر أيضاً.
ويعتبر آملي لاريجاني أن من حق هذه المجموعة أن تبدي وجهة نظرها وإن كانت متشددة في أي قضية كانت. فما المشكلة من انتقاد حجاب إحدى السيدات؟ حسب تعبيره.
أما صحيفة "مردم سالاري" الإصلاحية، فنشرت تقريراً سياسياً عن تفاصيل القانون الذي ينوي نواب البرلمان مناقشته والتصويت عليه لحماية جماعة الأمر بالمعروف، والتي بات لديها معترضون كثر بعد ادعاء البعض علاقتهم برش الأسيد. ونقلت عن المستشار البرلماني للرئيس الإيراني، مجيد أنصاري، قوله إن هذا القانون يفتقد إلى تفاصيل كثيرة قد تؤدي إلى مشاكل داخلية في العديد من المؤسسات التي ستتواجد فيها هذه المجموعة بشكل طبيعي.
ويطالب أنصاري، حسب مردم سالاري، بتحديد وظائف المجموعة، في الوقت الذي قال فيه بعض المسؤولين وبعض نواب البرلمان إنهم سيمنحونهم حرية الرأي والتعبير، لا التطبيق العملي على الأرض، فما هي حدود وظائفهم؟ وما هي مهامهم الحقيقية؟
من جهتها نقلت صحيفة "همشهري" أن الضحايا الأربع اللاتي أعلن عنهن رسمياً لا زلن في المشفى، وقد عرض عليهن، كل واحدة على حدة، أحد المشتبه بهم والذي قبض عليه مؤخراً في مدينة أصفهان. وقد أجمعن على أنه يشبه الشخص الذي كان يقود دراجة نارية وقام برش الأسيد على وجوههن.
همشهري نقلت أن المتهم الذي يبلغ من العمر 25 عاما لازال ينفي قيامه بهذا الأمر. وفي الوقت الذي لا توجد على جسمه ولا على يديه أي علامات حروق بالأسيد، لا تزال التحقيقات جارية لمعرفة ملابسات سلسلة رش السيدات الأربع بالأسيد، ولمنع وقوع المزيد من الضحايا.
المواقع الإيرانية المختلفة أيضاً تركز في صفحاتها الرئيسية على هذا الموضوع؛ فنقل موقع "جام جم" عن النائب العام للبلاد إبراهيم رئيسي قوله إن الإعلام بات يشوش أذهان المواطنين. معتبرا أنه لا يصح اتهام أي جهة قبل معرفة ملابسات القضية.