وجاءت حركة التنقلات باستبعاد بعض مساعدي الوزير السابق محمد إبراهيم، ليحل محلهم مساعدين جدد، بالإضافة إلى تنقل بعض المساعدين بين الإدارة المختلفة، وتغيير آخرين ممن يتولون مهام في المناطق الملتهبة مثل سيناء.
وأصدر عبد الغفار، قراراً مساء الجمعة، بحركة التنقلات، عقب اجتماعات متواصلة خلال اليومين الماضيين، مع بعض معاونيه والمقربين منه. لكن حجم ومستوى التغيرات الواسعة بين مساعدي الوزير وقيادات الوزارة، يكشف وجود استعداد لهذه الحركة والترتيب لها منذ فترة ليست بالقصيرة، مما يؤكد أن اختيار الوزير الجديد، تقرر منذ فترة طويلة؛ وربما تم الانتظار لإعلان ذلك في الوقت المناسب.
إقرأ أيضاً: رسائل التعديل الوزاري في مصر
ويمكن فهم هذا الأمر في ضوء رغبة النظام المصري في استبعاد الوزير السابق، ووقوع الاختيار على عبد الغفار، وبالتالي بدء الترتيب لفريقه قبل إصدار قرار السيسي.
كما يمكن فهم طبيعة الصراعات بين الطرفين خلال الفترة الماضية، في ضوء الصراعات داخل أجنحة النظام الحالي، والرغبة في تمكين بعض الأشخاص من توطيد وضعهم في النظام الوليد، باعتبارهم مراكز قوى داخل أروقته.
وتقول مصادر أمنية، طلبت عدم الكشف عن هويتها، لـ "العربي الجديد"، إن "حركة التنقلات جاءت بأهل الثقة بالنسبة للوزير الجديد، وليس أهل الكفاءة. وهي عادة لدى كل الوزراء الجدد، يأتون بمن يثقون بهم، ويستبعدون غيرهم".
وترى المصادر نفسها أن "سياسات الوزير الجديد غير محددة حتى الآن، أو على الأقل توجهاته ليست مفهومة تماماً، ولا سيما أنه كان يعمل في جهاز الأمن الوطني، وليس هناك احتكاك مباشر معه". وتؤكد المصادر أن "حالة غضب سادت الوزارة عقب تعيين عبد الغفار، لأنه من فرع الأمن الوطني، وهو ما يعد مكروها في مختلف إدارات الوزارة".
من جهته، يجزم مصدر أمني آخر، رافضاً نشر اسمه، بأن "حركة التنقلات تكشف سيطرة رجال وزير الداخلية الأسبق، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الأمنية، اللواء أحمد جمال الدين"، مؤكداً أن الأخير "يسعى منذ فترة طويلة للإطاحة بوزير الداخلية السابق محمد إبراهيم، شريك السيسي الرئيسي في الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي".
ويلفت المصدر إلى أن "جمال الدين كان ينتظر أن يتولى منصب وزير الداخلية عقب الثلاثين من يونيو/حزيران، إلا أن استجابة ابراهيم لكل مطالب السيسي، وتنفيذ ما طلب منه كان يؤخر تنفيذ رغبة جمال الدين الذي سبق أن تآمر على مرسي، عندما فتح أبواب قصر الاتحادية أمام "البلطجية"، وبعض متظاهري جبهة الإنقاذ، رافضاً القيام بدوره خلال الأحداث التي عرفت إعلامياً بموقعة الاتحادية قبل أن يقيله مرسي".
ويعتبر المصدر أن "خطوة إبعاد ابراهيم كان معداً لها منذ فترة طويلة، ولذلك كلّف السيسي جمال الدين بترتيب الوزارة بما يجعل ابراهيم بلا أي قوة أو مساعدين له داخل الوزارة". ويذهب المصدر إلى حد القول إن "الوزير الجديد، تربية جمال الدين، إذ إنه هو الذي رشحه سابقاً لتولي موقع مساعد الوزير لقطاع الأمن الوطني، حينما كان جمال الدين مساعداً لوزير الداخلية للأمن العام، وكان وقتها صاحب كلمة مسموعة لدى جماعة الإخوان عندما كانوا في مجلس الشعب، وكان هو المكلف من وزير الداخلية بحضور جلسات لجنة الدفاع والأمن القومي".
ويكشف المصدر أنّ "صلاح الدين حجازي، الذي اختاره عبد الغفّار، رئيساً للجهاز كان أحد الأذرع التي استخدمتها الثورة المضادة عقب 25 يناير/كانون الثاني 2011"، مشيراً إلى أنه "كاد أن يبعد عن جهاز الأمن الوطني، حينما اكتشف عدد من العمال المتظاهرين أمام مجلس الشعب المصري عام 2012، ضابطاً في الجهاز مندساً بينهم، كان تحت رئاسة حجازي، في أزمة أثارت جدلاً كبيراً".
ويلفت المصدر إلى أن "حركة التنقلات التي أجراها عبد الغفّار، وقادها جمال الدين من خلف الستار، ربما تكون الأخيرة لرسم صورة وزارة الداخلية، كما كان يريدها السيسي، ومن قادوا الإطاحة بمرسي". ويعتبر أن "من بين أبرز التغييرات في الحركة الأخيرة، تعيين اللواء راتب إبراهيم، مساعداً للوزير لقطاع سيناء، قادماً من إدارة السجون"، مشيرا إلى أن "راتب من أصحاب الخبرة في التعامل مع الجماعات الإسلامية من خلال وجوده في إدارة السجون، في ظل وجود عدد كبير من تلك القيادات في السجون المصرية في الوقت الراهن".
كذلك يوضح المصدر أن "نقل اللواء خالد ثروت، من تولي مسؤولية إدارة جهاز الأمن الوطني إلى منصب مساعد الوزير للأمن الاجتماعي، يعدّ إبعاداً بشكل شرفي على غرار التسمية الشرفية التي حصل عليها وزير الداخلية السابق محمد إبراهيم، عندما تم تعيينه مستشاراً لرئيس الوزراء للشؤون الأمنية". ويلفت المصدر إلى أنه "كان من الصعب استبعاد ثروت تماماً من الوزارة، ولا سيما أنه يحمل الكثير من الأسرار، بحكم عمله رئيساً للجهاز الأبرز في الوزارة خلال الفترة الماضية".
كما يوضح المصدر أن "من أبرز التنقلات أيضاً، اختيار اللواء كمال الدالي مساعداً للوزير لمصلحة الأمن العام، وكان مديراً لأمن الجيزة، وهو واحد من أبرز رجال وزير الداخلية في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، ومن بعده أحمد جمال الدين".
أما الخبير الأمني، العميد محمود قطري، فيلفت إلى أن "حركة التنقلات جاءت سريعة، إذ لم تجر في وقت حركة لضباط الشرطة".
ويوضح قطري لـ "العربي الجديد"، أن "الوزير الجديد جاء للأماكن القيادية في الوزارة بأهل الثقة"، مشيراً إلى أن "هذا الأمر سُنّة باتت موجودة في الوزارة منذ سنوات عديدة". لكنه يلفت إلى أن "الأزمة في عدم وجود تغير جوهري داخل الوزارة وسياساتها، فضلاً عن أن الأفراد يحملون نفس الفكر القديم". ويشدد قطري على أن "الوزارة لا تتجه للدفع بدماء جديدة، وفكر جديد للتعامل مع الأزمات الأمنية والمشكلات التي تتزايد، بل مجرد تغيير روتيني في الأشخاص".
إقرأ أيضاً: تسريب لوزير الداخلية يكشف دورالشرطة والجيش في 30 يونيو