27 فبراير 2017
صراع ثقافي
خالد سراج الدين (السودان)
صعدت الحافلة واضعاً سماعتي، وما إن رفعت رأسي، حتى فوجئت بنظرات بقية الركاب، أحسست أني أرتكبت خطأ فادحاً، فراجعت نفسي قليلاً، وما هي إلا لحظات حتى علمت السبب، سألني من يجاورني المقعد عن اسم القميص الذي أرتديه، فأخبرته باسمه قبل أن يقلب وجهه، مستغرباً كلمة "داشيكي".
داشيكي" أو "بوبو"، أو ما يعرف باللبسة الكونغولية في السودان، لباس تقليدي غرب إفريقي ترتديه بعض القبائل السودانية كلباس تقليدي رسمي، انتشر، في السنوات الأخيرة، في ممرات عرض الأزياء، وصور بعض الشخصيات العامة، لكن أول ظهور عالمي للداشيكي في حركة الحقوق المدنية، عندما احتل "الهيبز" العاصمة الأميركية بقمصانهم ذات الألوان الإفريقية البراقة، متحدّين بها ألوان الحكومة "السادة" في نهاية سبعينيات القرن الماضي. ومن وقتها، انتشرت تلك الملابس بقوة في دول العالم، مرتبطة بالتمرّد والنضال وحريات المثليين و"الماريغوانا" عند بعض المجتمعات المحافظة، كمجتمعي السوداني مثلاً.
تظهر اليوم في الخرطوم العاصمة مجموعات كبيرة من الداشيكي على أجساد شباب وشابات في العشرينيات من العمر، فيرتديه المثقفون وناشطو الحقوق المدنية، وغيرهم من صناع الأفلام والصحفيين، كتمرّد وتحرّر (صامت) على سلطة الدولة التي فرضت بانقلاب الجبهة الإسلامية في العام 1989 التي ساهمت في فرض الثقافة الإسلاموعروبية على عدة أصعدة، أهمها الإعلام، وتحديداً أجهزتها الرسمية، فصار اللباس التقليدي هو الجلباب الأبيض والعمة مع إهمال كثير من الملابس التقليدية، الأفريقية منها خصوصاً.
يمازحني صديق، ويصف ما ارتديه بـ "يونفورم النضال" ثم يتبعها بضحكة، فالداشيكي في العالم ارتبطت بالسياسة منذ صعود حركات الحقوق المدنية في العالم، لكن هنا ظهرت الملابس الأفريقية في عدّة تسجيلات لمثقفين يرتدونها في مناسبات عامة، على الرغم من المجتمع المتحفظ نوعياً، خصوصاً في قضايا اللبس والمظهر العام .
أكثر من اشتهر بارتداء الكونغولية، المغني والأب الروحي للجاز السوداني، شرحبيل أحمد، الذي لا تخلو صورة له من اللبسات الأفريقية، امتداداً للشاعر عالم عباس الذي ظلّ مفتخراً به في كلّ اللقاءات، انتهاء بالشخص الذي أعتقد أنها خرجت منه كرمز للتمرّد في السودان، الشاعر والسياسي صلاح أحمد ابراهيم، أحد قادة ما تعرف بمدرسة الغابة والصحراء، وهي أول مجموعة مثقفين طرحت سؤال: هل نحن عرب أم أفارقة؟ ليتوصل بها الحال لإصدار السودانية كحل لكلّ الصبغات العرقية في السودان.
الداشيكي غريب هنا، فلا هو لباس تقليدي معروف، وكل ارتباط الناس به هو لبس الجنوبيين له قبل الانفصال في عام 2010، كما منعت جامعة بحري، وهي إحدى أكبر الجامعات السودانية في فترة ما لبس الملابس الإفريقية، واعتبرتها غير لائقة للذوق للعام.
بين الرفض والقبول والصراع الثقافي الدائم في السودان، تتزّين ساحة اتنيه، أحد مراكز المثقفين في الخرطوم بتلك الأزياء الافريقية، كما توجد بكثرة في الحفلات الموسيقية، خصوصا فرقة عقد الجلاد التي ظهرت أولا في بداية التسعينيات بملابس أفريقية خضراء، لتعود قصائد وكتابات مدرسة الغابة والصحراء مع ألوان تلك الأقمشة "الأفريقانية" رسائل عدة تظهر في اعتداد الشباب بلبسهم لها.
داشيكي" أو "بوبو"، أو ما يعرف باللبسة الكونغولية في السودان، لباس تقليدي غرب إفريقي ترتديه بعض القبائل السودانية كلباس تقليدي رسمي، انتشر، في السنوات الأخيرة، في ممرات عرض الأزياء، وصور بعض الشخصيات العامة، لكن أول ظهور عالمي للداشيكي في حركة الحقوق المدنية، عندما احتل "الهيبز" العاصمة الأميركية بقمصانهم ذات الألوان الإفريقية البراقة، متحدّين بها ألوان الحكومة "السادة" في نهاية سبعينيات القرن الماضي. ومن وقتها، انتشرت تلك الملابس بقوة في دول العالم، مرتبطة بالتمرّد والنضال وحريات المثليين و"الماريغوانا" عند بعض المجتمعات المحافظة، كمجتمعي السوداني مثلاً.
تظهر اليوم في الخرطوم العاصمة مجموعات كبيرة من الداشيكي على أجساد شباب وشابات في العشرينيات من العمر، فيرتديه المثقفون وناشطو الحقوق المدنية، وغيرهم من صناع الأفلام والصحفيين، كتمرّد وتحرّر (صامت) على سلطة الدولة التي فرضت بانقلاب الجبهة الإسلامية في العام 1989 التي ساهمت في فرض الثقافة الإسلاموعروبية على عدة أصعدة، أهمها الإعلام، وتحديداً أجهزتها الرسمية، فصار اللباس التقليدي هو الجلباب الأبيض والعمة مع إهمال كثير من الملابس التقليدية، الأفريقية منها خصوصاً.
يمازحني صديق، ويصف ما ارتديه بـ "يونفورم النضال" ثم يتبعها بضحكة، فالداشيكي في العالم ارتبطت بالسياسة منذ صعود حركات الحقوق المدنية في العالم، لكن هنا ظهرت الملابس الأفريقية في عدّة تسجيلات لمثقفين يرتدونها في مناسبات عامة، على الرغم من المجتمع المتحفظ نوعياً، خصوصاً في قضايا اللبس والمظهر العام .
أكثر من اشتهر بارتداء الكونغولية، المغني والأب الروحي للجاز السوداني، شرحبيل أحمد، الذي لا تخلو صورة له من اللبسات الأفريقية، امتداداً للشاعر عالم عباس الذي ظلّ مفتخراً به في كلّ اللقاءات، انتهاء بالشخص الذي أعتقد أنها خرجت منه كرمز للتمرّد في السودان، الشاعر والسياسي صلاح أحمد ابراهيم، أحد قادة ما تعرف بمدرسة الغابة والصحراء، وهي أول مجموعة مثقفين طرحت سؤال: هل نحن عرب أم أفارقة؟ ليتوصل بها الحال لإصدار السودانية كحل لكلّ الصبغات العرقية في السودان.
الداشيكي غريب هنا، فلا هو لباس تقليدي معروف، وكل ارتباط الناس به هو لبس الجنوبيين له قبل الانفصال في عام 2010، كما منعت جامعة بحري، وهي إحدى أكبر الجامعات السودانية في فترة ما لبس الملابس الإفريقية، واعتبرتها غير لائقة للذوق للعام.
بين الرفض والقبول والصراع الثقافي الدائم في السودان، تتزّين ساحة اتنيه، أحد مراكز المثقفين في الخرطوم بتلك الأزياء الافريقية، كما توجد بكثرة في الحفلات الموسيقية، خصوصا فرقة عقد الجلاد التي ظهرت أولا في بداية التسعينيات بملابس أفريقية خضراء، لتعود قصائد وكتابات مدرسة الغابة والصحراء مع ألوان تلك الأقمشة "الأفريقانية" رسائل عدة تظهر في اعتداد الشباب بلبسهم لها.