يطلق على عامل الفخار في العراق "الكوّاز"، وصناعة الفخار هي حرفة شعبية يعود تأريخها إلى الحضارة السومرية، كما بيّنته أعمال التنقيب عن الآثار في حضارة وادي الرافدين.
وتعد صناعة الفخار من المهن اليدوية البسيطة التي لا تعتمد على المكائن، إلا أنها مستمرة في العراق، حتى الآن، خاصة بعد الاحتلال الأميركي للبلاد، إذ إن التراجع الملحوظ في إنتاج الطاقة الكهربائية، وغيابها عن المنازل أكثر من خمس ساعات يومياً، دفع السكان إلى العودة لاستخدام أواني الفخار لحفظ المياه وتبريدها صيفاً، أو حفظ الأطعمة داخلها مع قطع من الثلج، أو حتى اعتمادها كفرن للخبز والشيّ.
في مدينة بعقوبة عاصمة محافظة ديالى شرقي العراق، وتحديداً منطقة السراي، يصارع مهند الكوّاز للحفاظ على مهنة الأجداد التي تشربها بعروقه. ويقول لـ"العربي الجديد" إنه لن يتخلى عن هذه المهنة التي تلقى، حتى اليوم، رواجاً لا بأس به.
ويضيف "أنا أصنع كل أنواع الفخاريات (الحبوب والتنور والأباريق والصحون والشراب ...إلخ).
ويوضح الكواز أن "المهنة تعتمد على التراب الأحمر، وهو تراب خاص يكون مشبع بماء المطر.. نأخذه من مناطق خاصة لا زرع فيها ولا سكن، ولم تطأها قدم، أي بعيدة عن استخدام الإنسان والحيوان. ونعمل على تخمير التربة بإضافة كمية من الماء ثم تنشيفها بعرضها تحت الشمس".
وحول طريقة تجهيز الفخار يقول: "أدعكها بالقدم وبعدها أقطعها حسب حاجتي، بأشكال مختلفة مستخدماً ماكينة بسيطة.. تدور العجينة الطينية عليها. وأصنع منها الأباريق أو أي شكل آخر مطلوب مني. ثم أعرضها للشمس حتى تجف وبعدها أدخلها إلى الفرن (هو عبارة عن غرفة تبنى من الطين والتبن)، وتتوسطه حفرة تملأ بالحطب، ونشعله حتى تجف قطع الفخار تماماً وتجهز للاستخدام".
وفي ساحة الشهداء في كرخ حيث مركز بيع المنتجات الفخارية ببغداد، قال سعد الطائي (78 عاماً): "أنا أتبضع من هذا المحل من 50 عاماً مضت، كنا نستخدم الجرة لشرب الماء وما زلنا، وهذا المحل لم يتغير حافظ على بيع الأواني الفخارية وأنا من رواده. ويعد من المحلات التي حافظت على تراثها".
وبيّنت أميمة السعدون (48 عاماً) لـ"العربي الجديد" اهتمامها بالفخاريات، وحرصها على ألا يخلو دارها من الفخاريات البسيطة كالأبارق وأوعية الزرع (السندان)، فهي حسب قولها "أرواح من نوع آخر".