ما إن انطلق الصاروخ الحوثي الثاني نحو الرياض، حتى توقّع الجميع في الساحة الإيرانية أن يرتفع صدى الاتهامات الأميركية الموجّهة لإيران حول تزويد جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) بالصواريخ الباليستية، وهو ما جاء قبل ساعات قليلة فقط من عقد جلسة لمجلس الأمن الدولي بحثت آراء متباينة حول القرار الأممي 2231 المتعلق بالاتفاق النووي مع إيران، والذي يمنع الأخيرة من امتلاك صواريخ باليستية ذات رؤوس نووية.
النفي الإيراني كان متوقعاً، فالخارجية جددت تأكيدها أن البلاد لم ترسل أي صواريخ لليمن، متسائلة على لسان المتحدث الرسمي باسمها بهرام قاسمي عن إمكانية حصول ذلك واليمن محاصر منذ سنوات، نافياً وجود أي علاقات تسليحية بين الطرفين، ومعتبراً أن صواريخ الحوثيين هي ذاتها الصواريخ اليمنية التي كانت موجودة في القواعد العسكرية لهذا البلد منذ سنوات ما قبل الحرب. وكان المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني رمضان شريف، قد قال قبل أيام إن اليمن حصل على أسلحته من الاتحاد السوفييتي وكوريا الشمالية في سنوات سابقة، نافياً هو الآخر علاقة بلاده بالأمر.
هذا النفي ذاته صدر بعد أن وجّهت السعودية والولايات المتحدة الاتهام لإيران عقب إطلاق الصاروخ الباليستي الحوثي الأول نحو مطار الملك خالد، وارتفعت حدته بعد أن عرضت السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة نيكي هايلي قطعاً من الصاروخ ذاته، وقالت إن بصمات إيران ما زالت عليه، وهي الخطوة التي وصفها الجميع في الداخل الإيراني من الساسة والعسكر بالمضحكة كونها لا تستند لأي دلائل ووثائق، وفق قولهم.
تنظر إيران لإطلاق الصواريخ نحو السعودية من باب أنه حق مشروع في الدفاع عن النفس، كون اليمنيين يتعرضون للقصف منذ سنوات، وتعتبر أن الولايات المتحدة الأميركية تلوح بالملف أمام المجتمع الدولي للتغطية على أمرين، الأول يتعلق بدعمها المستمر للسعودية ومن معها في التحالف العربي، والثاني يرتبط بمحاولتها إبعاد الأنظار عن قرار الرئيس دونالد ترامب المرتبط بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل. وفي الوقت نفسه، تعوّل إيران كثيراً على هاتين النقطتين، فهي تعلم تماماً أن المجتمع الدولي غير راضٍ عن الممارسات الأميركية الأخيرة، وغير مقتنع بالسياسات السعودية.
كما تستبعد طهران احتمال شن حرب ضدها في الوقت الراهن بسبب الملف الصاروخي، رغم أن صورة هايلي وهي تقف أمام بقايا الصاروخ الذي قالت إنه إيراني، فتحت باب المقارنة بينها وبين وزير الخارجية الأميركي الأسبق كولن باول حين حضر جلسة مجلس الأمن الشهيرة قبل غزو العراق وكان يحمل أنبوباً بيده ذكر أنه يحوي مادة من ترسانة العراق الكيميائية، فوصف وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في تغريدة على "تويتر" ما حدث في المرتين بالعرض المشكوك بصحة أمره.
اقــرأ أيضاً
من جهته، رأى وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي أن جملة "كل الخيارات مطروحة على الطاولة في التعامل مع إيران" لم تعد حاضرة، مستبعداً شن أي هجمات ضدها، لأن تحوّل هذه التهديدات إلى واقع عملي يتطلب أن يكون لدى أعداء إيران القدرة على تنفيذ الضربات، وهو ما ليس متاحاً حالياً، بحسب رأيه، واصفاً السياسات الأميركية بالحمقاء والتي ستجر نحو المزيد من التوتر في المنطقة.
وعن هذا الأمر، قال المحلل السياسي، عماد آبشناس، إن احتمال الحرب مستبعد حالياً، وكل ما يجري يصب في خانة التصعيد السياسي في محاولة للوصول إلى إجماع دولي بما يُنتج قراراً أممياً قد يسمح بمحاصرة الأسلحة الإيرانية. وأوضح آبشناس، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه لا يوجد أي قرار دولي يمنع طهران من امتلاك أي أسلحة أو صواريخ دفاعية غير نووية، لكن الولايات المتحدة وحلفاءها يعلمون أن الترسانة الإيرانية تعني قوة ردع ضخمة تمنع الاقتراب من هذا البلد.
وتوقع آبشناس أن "تصمد إيران إزاء محاولات التحريض هذه، فالمعطيات تساعدها كذلك"، قائلاً إنه حتى لو نجحت الولايات المتحدة في مسعاها وفرض مجلس الأمن عقوبات جديدة على إيران قد تهدد أمنها القومي بالنتيجة، فلن تتراجع البلاد عن منظومتها التسليحية حتى لو كان الثمن غالياً، معتبراً أن سر قوة إيران يكمن في الأسلحة المنتجة محلياً، وهو ما يثير قلق الولايات المتحدة، حسب رأيه. ورأى أنه "لا يوجد ما يستدعي التكتم الإيراني في حال صحّ تزويد الحوثيين بالصواريخ، فلم تنف إيران إرسال الصواريخ أو تكنولوجيا تصنيعها لمناطق عدة في السابق، منها فلسطين وحتى سورية، وهو ما يزيد من حجم قوتها الإقليمية أمام الآخرين، لكن البلاد تعلم أن كل ما يجري مجرد أعذار في محاولة للضغط عليها".
وبعيداً عن تعويلها على السياسات الأميركية والسعودية التي لا تحظى برضى دولي في الوقت الراهن، تعوّل إيران على مؤيدي استمرار العمل بالاتفاق النووي، فهناك كثر يعلمون أن الملف الصاروخي قد يوصل الأمور إلى منحى تصعيدي قد يؤدي في النهاية إلى تمزيق الاتفاق. وخلال جلسة مجلس الأمن التي عُقدت الثلاثاء الماضي وناقشت القرار 2231، لوحظ الإصرار الروسي على دعم وجهة النظر الإيرانية، مقابل بروز قلق فرنسي يرتبط بصواريخ طهران الباليستية.
وأوضح رئيس تحرير القسم العربي في وكالة "مهر" الإيرانية، محمد مظهري، أن "كل ما يجري يرتبط بالأساس بالاتفاق النووي ومحاولات ترامب التي ترمي لفضّه، فالإدارة الأميركية المتشددة تستخدم كل السبل لتخريب الاتفاق بما يمنع إيران من حصد مكتسباتها". واعتبر أن المسألة الصاروخية مهمة للغاية لإيران التي ترى التفاوض حولها خطاً أحمر لا يمكن تعديه، مضيفاً أن واشنطن تحاول الضغط على بعض الدول الغربية لتسايرها في مسعاها الحالي لتقليص القدرة العسكرية الإيرانية، في ظل تمسك الاتحاد الأوروبي ودعمه للاتفاق.
وأشار مظهري إلى أن واشنطن تحاول جاهدة دفع الأمور نحو صدور قرار أممي من شأنه محاصرة إيران، مستبعداً هو الآخر سيناريو المواجهة العسكرية الإيرانية الأميركية، لكنه لم يستبعد وقوع تصعيد بين إيران والسعودية، "لا سيما أنه لا يمكن التكهن بتصرفات الإدارة السعودية الحالية".
وبالتزامن وكل هذا، تستعد طهران لتقديم شكوى أممية لرفض الاتهامات الأميركية رسمياً، وفق إعلان ظريف أمس الأربعاء، فضلاً عن تأكيدات صادرة عن وزير الدفاع أمير حاتمي ذكّر فيها أن البلاد ستتابع حيثيات هذا الملف قانونياً، في ظل قول إيران إنه لا يوجد ما يثبت صحة الاتهامات الأميركية عملياً.
النفي الإيراني كان متوقعاً، فالخارجية جددت تأكيدها أن البلاد لم ترسل أي صواريخ لليمن، متسائلة على لسان المتحدث الرسمي باسمها بهرام قاسمي عن إمكانية حصول ذلك واليمن محاصر منذ سنوات، نافياً وجود أي علاقات تسليحية بين الطرفين، ومعتبراً أن صواريخ الحوثيين هي ذاتها الصواريخ اليمنية التي كانت موجودة في القواعد العسكرية لهذا البلد منذ سنوات ما قبل الحرب. وكان المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني رمضان شريف، قد قال قبل أيام إن اليمن حصل على أسلحته من الاتحاد السوفييتي وكوريا الشمالية في سنوات سابقة، نافياً هو الآخر علاقة بلاده بالأمر.
هذا النفي ذاته صدر بعد أن وجّهت السعودية والولايات المتحدة الاتهام لإيران عقب إطلاق الصاروخ الباليستي الحوثي الأول نحو مطار الملك خالد، وارتفعت حدته بعد أن عرضت السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة نيكي هايلي قطعاً من الصاروخ ذاته، وقالت إن بصمات إيران ما زالت عليه، وهي الخطوة التي وصفها الجميع في الداخل الإيراني من الساسة والعسكر بالمضحكة كونها لا تستند لأي دلائل ووثائق، وفق قولهم.
كما تستبعد طهران احتمال شن حرب ضدها في الوقت الراهن بسبب الملف الصاروخي، رغم أن صورة هايلي وهي تقف أمام بقايا الصاروخ الذي قالت إنه إيراني، فتحت باب المقارنة بينها وبين وزير الخارجية الأميركي الأسبق كولن باول حين حضر جلسة مجلس الأمن الشهيرة قبل غزو العراق وكان يحمل أنبوباً بيده ذكر أنه يحوي مادة من ترسانة العراق الكيميائية، فوصف وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في تغريدة على "تويتر" ما حدث في المرتين بالعرض المشكوك بصحة أمره.
من جهته، رأى وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي أن جملة "كل الخيارات مطروحة على الطاولة في التعامل مع إيران" لم تعد حاضرة، مستبعداً شن أي هجمات ضدها، لأن تحوّل هذه التهديدات إلى واقع عملي يتطلب أن يكون لدى أعداء إيران القدرة على تنفيذ الضربات، وهو ما ليس متاحاً حالياً، بحسب رأيه، واصفاً السياسات الأميركية بالحمقاء والتي ستجر نحو المزيد من التوتر في المنطقة.
وعن هذا الأمر، قال المحلل السياسي، عماد آبشناس، إن احتمال الحرب مستبعد حالياً، وكل ما يجري يصب في خانة التصعيد السياسي في محاولة للوصول إلى إجماع دولي بما يُنتج قراراً أممياً قد يسمح بمحاصرة الأسلحة الإيرانية. وأوضح آبشناس، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه لا يوجد أي قرار دولي يمنع طهران من امتلاك أي أسلحة أو صواريخ دفاعية غير نووية، لكن الولايات المتحدة وحلفاءها يعلمون أن الترسانة الإيرانية تعني قوة ردع ضخمة تمنع الاقتراب من هذا البلد.
وتوقع آبشناس أن "تصمد إيران إزاء محاولات التحريض هذه، فالمعطيات تساعدها كذلك"، قائلاً إنه حتى لو نجحت الولايات المتحدة في مسعاها وفرض مجلس الأمن عقوبات جديدة على إيران قد تهدد أمنها القومي بالنتيجة، فلن تتراجع البلاد عن منظومتها التسليحية حتى لو كان الثمن غالياً، معتبراً أن سر قوة إيران يكمن في الأسلحة المنتجة محلياً، وهو ما يثير قلق الولايات المتحدة، حسب رأيه. ورأى أنه "لا يوجد ما يستدعي التكتم الإيراني في حال صحّ تزويد الحوثيين بالصواريخ، فلم تنف إيران إرسال الصواريخ أو تكنولوجيا تصنيعها لمناطق عدة في السابق، منها فلسطين وحتى سورية، وهو ما يزيد من حجم قوتها الإقليمية أمام الآخرين، لكن البلاد تعلم أن كل ما يجري مجرد أعذار في محاولة للضغط عليها".
وأوضح رئيس تحرير القسم العربي في وكالة "مهر" الإيرانية، محمد مظهري، أن "كل ما يجري يرتبط بالأساس بالاتفاق النووي ومحاولات ترامب التي ترمي لفضّه، فالإدارة الأميركية المتشددة تستخدم كل السبل لتخريب الاتفاق بما يمنع إيران من حصد مكتسباتها". واعتبر أن المسألة الصاروخية مهمة للغاية لإيران التي ترى التفاوض حولها خطاً أحمر لا يمكن تعديه، مضيفاً أن واشنطن تحاول الضغط على بعض الدول الغربية لتسايرها في مسعاها الحالي لتقليص القدرة العسكرية الإيرانية، في ظل تمسك الاتحاد الأوروبي ودعمه للاتفاق.
وأشار مظهري إلى أن واشنطن تحاول جاهدة دفع الأمور نحو صدور قرار أممي من شأنه محاصرة إيران، مستبعداً هو الآخر سيناريو المواجهة العسكرية الإيرانية الأميركية، لكنه لم يستبعد وقوع تصعيد بين إيران والسعودية، "لا سيما أنه لا يمكن التكهن بتصرفات الإدارة السعودية الحالية".
وبالتزامن وكل هذا، تستعد طهران لتقديم شكوى أممية لرفض الاتهامات الأميركية رسمياً، وفق إعلان ظريف أمس الأربعاء، فضلاً عن تأكيدات صادرة عن وزير الدفاع أمير حاتمي ذكّر فيها أن البلاد ستتابع حيثيات هذا الملف قانونياً، في ظل قول إيران إنه لا يوجد ما يثبت صحة الاتهامات الأميركية عملياً.