29 يناير 2019
ضد القمع
أحمد عثمان (لبنان)
بعد سلسلة من الاستدعاءات والدعاوي والتوقيفات في لبنان، طاولت صحفيين ومدونين وناشطين لبنانيين، على خلفية آرائهم السياسية التي نشروها في الصحف، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، تداعى ناشطون وإعلاميون كثيرون إلى الاعتصام ضد القمع في ساحة سمير قصير في وسط بيروت.
ولا ينبغي أن يكون هذا التحرّك خطوة يتيمة، بل ينبغي أن يكون خطوة أولى، تليها سلسة تحرّكات، لأنّ هذا الشكل من القمع لن يتوقف.
وبالفعل، تمّ في التاريخ استدعاء لاثنين آخرين من المدونين من الأجهزة الأمنية اللبنانية، ثم استمرت الاستدعاءات والتحقيقات التي تنتهي إلى فرض توقيع تعهد بالامتناع عن التعرّض لهذه الشخصية أو تلك.
كما، تم استدعاء رئيس المركز اللبناني لحقوق الإنسان، وديع الأسمر، على خلفية كتاباته على مواقع التواصل الاجتماعي. وقد أعلن عن ذلك على صفحته على "فيسبوك" قائلا: "تلقيت صباح اليوم اتصالاً على واتساب من "مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية" لاستدعائي للتحقيق في 31 آب بمواضيع متعلقة بآرائي التي أعبر عنها على وسائل التواصل الاجتماعي. للحديث تتمة ولكن أتمنى عليهم قراءة المادة 47 من أ.م.ج (أصول المحاكمات الجزائية) بتأنٍ لأنني سألتزم بها حرفياً".
غالباً، ما يؤكد المستدعَون إلى التحقيق على حسن المعاملة التي يقابلون بها من المحققين في أثناء استجوابهم. ولكن، لا يخرج أي منهم ليعاود طرح مواقفه كما في السابق. قد تكون معاملة المحققين في مكتب مكافحة الجرائم الالكترونية حسنة ولائقة، لكن هذا لا يعني أنّ هذه الاستدعاءات وهذه التحقيقات قانونية، ولا يعني أنها تمر بدون أثر قمعي يحدّ، وبشكل واضح، من حرية التعبير المصانة بالدستور وبالقانون. وهي بالتأكيد مجافية تماما لشرعة حقوق الإنسان التي تؤكد على حرية الرأي والمعتقد والتعبير بكل أشكاله، والتي باتت من صلب الدستور اللبناني بعد اتفاق الطائف.
والجدير بالذكر والملاحظة أنّ هذا الأسلوب القمعي يمتد تأثيره ليشمل جميع الصحفيين والإعلاميين والمدونين الذين يتناولون الشأن العام في لبنان، فالجميع اليوم في دائرة المتابعة، وجميعهم ينتظرون دورهم للاستدعاء، ما لم يتحفظوا في طرح آرائهم. وهذا لعمري هو القمع بعينه، وهو نسف صريح ومقصود لحرية الاعتقاد والرأي والتعبير المصانة بالدستور.
الأخطر من ذلك هو الكيل بمكيالين، والنظر الى الأمور بعينين مختلفتين، إذ لا يتم استدعاء أي من المسؤولين في السلطة على خلفية الاتهامات، أو حتى الشتائم التي يطلقونها ويكيلونها لبعضهم، حتى لو تضمنت التلويح بنسف السلم الأهلي والتلويح بالحرب الطائفية، كما أن كيل الشتائم وتحقير بعض الشخصيات على الهواء مباشرة من بعض من يتمتعون بغطاء من حزب الله أو حركة أمل أو التيار الوطني الحر (العوني) يمر مرور الكرام! كما جاء في كلام أحد مناصري حزب الله، من تحقير صريح بحق رئيس حكومة تصريف الأعمال والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري قبل أيام.
من يخشى الكلمة ويلاحقها ويحاول خنقها، فإنما يدرك أنّه في دائرة الاتهام. ولن يكون مسؤولا في دائرة الاتهام ما لم يرتكب. ولأن الحديث في ما ترتكبه قوى السلطة في لبنان بحق البلاد والعباد بات مكرورا، فإنّ الدعوة إلى استمرار التحرك وتطويره ضد القمع وضد خنق الأصوات التي تعبّر عن صرخة المواطن المقهور في أحواله كافة، باتت أشدّ إلحاحا لمواجهة هذه الحملة المتواصلة لتكميم الأفواه.
ولا ينبغي أن يكون هذا التحرّك خطوة يتيمة، بل ينبغي أن يكون خطوة أولى، تليها سلسة تحرّكات، لأنّ هذا الشكل من القمع لن يتوقف.
وبالفعل، تمّ في التاريخ استدعاء لاثنين آخرين من المدونين من الأجهزة الأمنية اللبنانية، ثم استمرت الاستدعاءات والتحقيقات التي تنتهي إلى فرض توقيع تعهد بالامتناع عن التعرّض لهذه الشخصية أو تلك.
كما، تم استدعاء رئيس المركز اللبناني لحقوق الإنسان، وديع الأسمر، على خلفية كتاباته على مواقع التواصل الاجتماعي. وقد أعلن عن ذلك على صفحته على "فيسبوك" قائلا: "تلقيت صباح اليوم اتصالاً على واتساب من "مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية" لاستدعائي للتحقيق في 31 آب بمواضيع متعلقة بآرائي التي أعبر عنها على وسائل التواصل الاجتماعي. للحديث تتمة ولكن أتمنى عليهم قراءة المادة 47 من أ.م.ج (أصول المحاكمات الجزائية) بتأنٍ لأنني سألتزم بها حرفياً".
غالباً، ما يؤكد المستدعَون إلى التحقيق على حسن المعاملة التي يقابلون بها من المحققين في أثناء استجوابهم. ولكن، لا يخرج أي منهم ليعاود طرح مواقفه كما في السابق. قد تكون معاملة المحققين في مكتب مكافحة الجرائم الالكترونية حسنة ولائقة، لكن هذا لا يعني أنّ هذه الاستدعاءات وهذه التحقيقات قانونية، ولا يعني أنها تمر بدون أثر قمعي يحدّ، وبشكل واضح، من حرية التعبير المصانة بالدستور وبالقانون. وهي بالتأكيد مجافية تماما لشرعة حقوق الإنسان التي تؤكد على حرية الرأي والمعتقد والتعبير بكل أشكاله، والتي باتت من صلب الدستور اللبناني بعد اتفاق الطائف.
والجدير بالذكر والملاحظة أنّ هذا الأسلوب القمعي يمتد تأثيره ليشمل جميع الصحفيين والإعلاميين والمدونين الذين يتناولون الشأن العام في لبنان، فالجميع اليوم في دائرة المتابعة، وجميعهم ينتظرون دورهم للاستدعاء، ما لم يتحفظوا في طرح آرائهم. وهذا لعمري هو القمع بعينه، وهو نسف صريح ومقصود لحرية الاعتقاد والرأي والتعبير المصانة بالدستور.
الأخطر من ذلك هو الكيل بمكيالين، والنظر الى الأمور بعينين مختلفتين، إذ لا يتم استدعاء أي من المسؤولين في السلطة على خلفية الاتهامات، أو حتى الشتائم التي يطلقونها ويكيلونها لبعضهم، حتى لو تضمنت التلويح بنسف السلم الأهلي والتلويح بالحرب الطائفية، كما أن كيل الشتائم وتحقير بعض الشخصيات على الهواء مباشرة من بعض من يتمتعون بغطاء من حزب الله أو حركة أمل أو التيار الوطني الحر (العوني) يمر مرور الكرام! كما جاء في كلام أحد مناصري حزب الله، من تحقير صريح بحق رئيس حكومة تصريف الأعمال والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري قبل أيام.
من يخشى الكلمة ويلاحقها ويحاول خنقها، فإنما يدرك أنّه في دائرة الاتهام. ولن يكون مسؤولا في دائرة الاتهام ما لم يرتكب. ولأن الحديث في ما ترتكبه قوى السلطة في لبنان بحق البلاد والعباد بات مكرورا، فإنّ الدعوة إلى استمرار التحرك وتطويره ضد القمع وضد خنق الأصوات التي تعبّر عن صرخة المواطن المقهور في أحواله كافة، باتت أشدّ إلحاحا لمواجهة هذه الحملة المتواصلة لتكميم الأفواه.
مقالات أخرى
21 ديسمبر 2018
09 ديسمبر 2018
30 نوفمبر 2018