"أداء فريقنا عندما كنا نلعب بـ 11 لاعبا في برشلونة كان أفضل من أول 38 دقيقة لنا هنا، ولكن هذه هي كرة القدم"، لم يبالغ بيب غوارديولا أبدا في فرحته بعد الفوز التاريخي على برشلونة، بل استمر على تواضعه وآمن بمستقبل فريقه في قادم الأيام، ليؤكد المدرب الأغلى في العالم نيته في صناعة تاريخ حقيقي لفريق ملعب الاتحاد. ورغم أن فكرة الفوز بدوري الأبطال من الموسم الأول أمر محال، إلا أن اللعب بهذا الأداء أمام المارد الكتالوني كان بمثابة نقطة انطلاق حقيقية لهذا المشروع الوليد.
دقيقة 38
سيطر برشلونة على مجريات اللعب في الشوط الأول، بالتحديد في أول 38 دقيقة كما اعترف مدرب السيتي، وفعل الضيوف كل شيء دفاعا وهجوما، من خلال سيطرة على منطقة الوسط واستحواذهم التام على الكرة، حتى أثناء التحولات قام نيمار بعمل كبير، ليسجل البارسا هدف السبق بعد تمريرتين فقط من الخلف إلى الأمام. موقف صعب جدا أمام أصحاب الأرض، حتى لقطة هدف التعادل في نهاية الشوط الأول.
يدرك غوارديولا جيدا أنه لن يقدر على تحدي البارسا بالتمرير والاستحواذ والسيطرة، لذلك تحول إلى نصفه الأرجنتيني، بالتحديد عاد إلى المبادئ الذي عرفها مع مارسيلو بييلسا، ليلجأ أكثر إلى الضغط القوي في نصف ملعب الخصم، أملا في استغلال الهفوة التي أتت بتمريرة روبرتو وتمركز بوسكيتس، ليحصل السيتي على الكرة ويحقق المراد.
ضغط السيتي بخمسة لاعبين حول منطقة جزاء برشلونة، لاعب قريب من تير شتيغن لمنعه من المشاركة في البناء، ولاعب آخر ضد حامل الكرة على الخط، مع ثلاثي بجوار بوسكيتس وقلب الدفاع والظهير الثالث، مستخدما سياسة الرقابة الفردية رجل لرجل كلما حصل البارسا على الكرة أمام مرماه، لكن بحماية منطقة وسطه ودفاعه هذه المرة بثنائي محوري في المنتصف، ورباعي دفاعي لا يتقدم أبدا، هكذا عاد الفريق الإنجليزي إلى المباراة.
ورقة الفوز
حافظ بيب على نفس تكتيكه لكن بجرأة أكبر في الشوط الثاني، مع إجراء تعديل محوري في طريقة اللعب، بالتحول من 4-3-3 إلى ما يشبه 4-2-3-1، بالتحديد وضع كيفن دي بروين في عمق الملعب خلف بوسكيتس وليس على الطرف، مع الرهان على سيلفا وستيرلينغ على الخط، ليستمر السيتي في الضغط بالخماسي الهجومي، لكن مع لعب عمودي أكثر من أسفل المنتصف إلى قلب منطقة الجزاء.
سجل غوندوغان هدفين وسدد دي بروين الضربة الثابتة بعد مخالفة أمام منطقة الجزاء، لأن نادي مانشستر لجأ إلى إجبار ظهيري برشلونة على مقابلة الأطراف الهجومية، بالإضافة إلى خلق التفوق العددي في مراكز اللعب، بتواجد دي بروين وأغويرو أمام دفاعات الكتلان، ليأتي الألماني الرائع من الخلف إلى الأمام دائما، مستغلا البطء الواضح في الارتداد لوسط حامل لقب الليغا الإسبانية.
في الشوط الثاني، استلم ميسي الكرة في 14 محاولة فقط، لتقل تماما خطورة برشلونة بعد عزل ثلاثي الرعب عن بقية الفريق، بسبب وضع الدفاع دائما تحت الضغط، وإجبار الوسط على العودة المستمرة للمساعدة في خروج الكرة من مناطق الخطورة، لتتحول القمة إلى صراع في التحولات، وهذا ما هدف إليه بيب منذ البداية، حتى يقتل نقاط التفوق للغريم أو يقللها بمعنى أصح، لدرجة أن الحارس كاباييرو نفسه لجأ إلى الكرات الطولية في أكثر من كرة، حتى ينقل الضغط إلى نصف ملعب منافسه مباشرة.
نقاط ضعف
فاز برشلونة في الذهاب بالأربعة وخسر بالثلاثة في إنكلترا، وبعيدا عن حسابات الانتصار والهزيمة فإن فريق إنريكي يقدم نسخة فردية رديئة هذا الموسم منذ البدايات، بسبب ضعف التمركز أثناء الهجوم، وعدم إيجاد حلول منطقية لعملية بناء الهجمة من الخلف، بالإضافة إلى كثرة استخدام المداورة في منطقة الوسط، ليفشل المدرب في الحصول على لاعب ارتكاز مثالي في كافة المباريات الكبيرة، نتيجة قلة التجانس بين لاعبي هذا الخط.
يتعرض بوسكيتس لانتقادات قوية مؤخرا، الحقيقة أن مستواه سيئ دون جدال، لكن الصورة الكبرى تخص تكتيك الفريق ككل، فالفرق المنافسة أصبحت تراقب ارتكاز برشلونة في كل مباراة، دون وجود أي حلول جديدة من الطاقم التقني. أمام السيتي كمثال، لعب روبرتو الكرة لزميله رغم أنه مراقب 100 %، بسبب عدم وجود أي زاوية أو خيار آخر للتمرير، مما يعني أن طريقة اللعب باتت متوقعة للغاية.
ولا يتعلق الأمر فقط بهذه الملاحظة، فنتيجة تركيز الفريق على الاستفادة القصوى من الهجوم، قل تماما الاعتماد على لاعبي الوسط، حتى تسبب ذلك في نقص معدلات اللياقة، نتيجة الأعمال الدفاعية التي يقومون بها في التغطية المستمرة بالتبادل مع الظهيرين، مما تسبب في مساحات شاسعة أمام خط الدفاع أثناء العودة من الهجوم إلى الدفاع، خصوصا أن الثلاثي الأمامي لا يشارك في هذه المهام إلا نادرا.
عانى برشلونة في السابق من عملية فك شيفرة الفرق الدفاعية، لذلك لم يستطع أحد إيقافه إلا أتليتكو مدريد خلال عامين ونصف، لكن الوضع زاد صعوبة الآن نتيجة فشل بطل الثنائية المحلية في التعامل مع المنافس الذي يضغط بقوة أو بذكاء، لضعف الاتصال بين خطوط الفريق، وتباعد المسافات بين كل لاعب وآخر، فتش عن اللعب الموضعي الذي اهتم به بيب وأهمله لوتشو، عن التمركز لكي يعطي حلولا أكبر في التمرير، التحرك، خلق الفرص، وبكل تأكيد التعامل مع الدفاع المتأخر أو الضغط المتقدم.