وفرض التحالف العربي (بقيادة السعودية) الذي يسيطر على الأجواء اليمنية منذ اندلاع الحرب أواخر مارس/ آذار من العام الماضي، حظراً تاماً على الرحلات من المطار وإليه في التاسع من أغسطس/آب الماضي، بسبب "ظروف الحرب الراهنة"، قبل أن يمنح استثناء للرحلات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة والمنظمات الدولية فقط، فيما تواصل حظر الرحلات التجارية.
مئات اليمنيين الذي يترددون في الغالب إلى عواصم عربية للعلاج، وخصوصاً عمّان والقاهرة، وجدوا أنفسهم عالقين في مطارات الأردن ومصر، بينما تكفلت السفارات اليمنية في تلك الدول باستضافة العالقين على نفقتها.
وبناءً عليه، توقفت شركة الخطوط الجوية اليمنية الحكومية، عن بيع التذاكر من العاصمة صنعاء وإليها، ودعت في مذكرة صادرة لمكاتب مبيعاتها، إلى بيع تذاكر من المناطق المفتوحة في إشارة إلى مطاري "عدن"، جنوبي البلاد، ومطار "سيئون" في محافظة حضرموت (شرق)، وجميعها تحت سيطرة الحكومة.
وقوبل إغلاق المطار بسخط كبير من جانب الشارع اليمني، رغم أنه خاضع لسيطرة الحوثيين، ولا يجرؤ المناهضون لهم على السفر خارج البلاد عبره، خشية تعرضهم لعمليات اعتقال من قبل الجماعة.
مدير عام النقل الجوي في هيئة الطيران، مازن غانم، قال إن مطار صنعاء منذ 9 أغسطس/آب الجاري، لم يستقبل سوى بعض الرحلات الإنسانية، ولا وجود لرحلات الركاب والطيران التجاري.
وأضاف غانم: "هناك هبوط على مدرج المطار بمعدل طائرتين في اليوم للطائرات الإغاثية التابعة للأمم المتحدة والصليب الأحمر ومنظمة الأغذية ومنظمة الصحة العالمية".
وتابع "هذه ثاني أكبر فترة يتوقف فيها المطار عن استقبال الطائرات التجارية والمسافرين، بعد توقف لمدة 45 يوماً مع انطلاق عاصفة الحزم في 26 مارس/آذار 2015".
وأعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، منتصف الأسبوع الماضي، أن طائرة تابعة لها هبطت في مطار صنعاء وعلى متنها 130 ألف حقنة أنسولين، سيتم توزيعها على مرضى السكري.
وتسعى سلطات الحوثيين لفك الحظر المفروض على الطيران، إذ استدعت منتصف الأسبوع الماضي المنسق المقيم للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، جيمي ماكغولدريك، وسلمته مذكرة احتجاجية للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، على عدم تفاعله والمجتمع الدولي تجاه المناشدات لفك الحظر الجوي عن المطار.
ووفق بيان صادر عن هيئة الطيران المدني الخاضعة لسيطرة الحوثيين، ذكر المسؤول الأممي أنه سيناقش موضوع الحظر القائم على مطار صنعاء في جلسة للأمم المتحدة قريباً.
وتقول سلطات الحوثي إن هناك أكثر من 6 آلاف عالق يمني في المطارات العربية، غالبيتهم من المرضى.
وقال محمد عبيد، أحد العالقين الذين تمكنوا من العودة إلى العاصمة صنعاء من الأردن عبر مطار عدن، إن مئات العالقين بدأوا يعودون إلى مطار عدن، والانتقال بعد ذلك براً إلى صنعاء.
وأضاف عبيد: "الاضطرابات الأمنية في عدن هي ما يجعل العالقين يترددون في العودة عبر مطارها، لكن كانت هناك تطمينات من الحكومة بتأمين الرحلات هذه المرة".
وذكر عبيد أن ازدحاماً شديداً على مكاتب مبيعات طيران اليمنية، "والحجوزات وصلت إلى أكتوبر/تشرين الأول القادم، بسبب اقتصار الشركة اليمنية للطيران على رحلتين فقط في الأسبوع إلى مطار عدن، وليس بشكل يومي".
وأشار عبيد إلى أن هناك أكثر من 200 يمني في العاصمة الأردنية عمّان، يترددون يومياً على مكاتب طيران اليمنية، بعضهم قدموا من دول أوروبية وطلاب دراسات عليا، فضلاً عن مئات العالقين الذين فضلوا الاستقرار حتى تحل أزمة الحظر، للعودة إلى مطار عدن.
ومنذ سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر/أيلول 2014، أوقفت غالبية شركات الطيران الدولية رحلاتها إلى مطار صنعاء، واقتصرت الرحلات على طيران "اليمنية" الحكومي فقط، وظل هو المنفذ الجوي الوحيد لليمن لنحو عام، مع اندلاع المعارك في مطار عدن الدولي وخروجه عن الجاهزية، وتوقف العمل في مطار "سيئون".
وبدأت الحكومة الشرعية أخيراً معركة كسر عظم مع الحوثيين، امتدت إلى البنك المركزي ومطار صنعاء، وذلك بهدف سحب البساط لصالح مطار عدن، في العاصمة المؤقتة.
وأعلنت الخطوط الجوية اليمنية عن رحلات جديدة ومباشرة من مطاري الرياض وجدة السعوديين إلى مطار عدن الدولي، ابتداء من مطلع الأسبوع الماضي، وهو ما قد يتسبب بتهميش رفع الحظر عن مطار صنعاء لفترة طويلة.
وتسبب إغلاق المطار بخلق بطالة جديدة ضمن السكان اليمنيين، الذين تقدر إحصائيات رسمية وصولهم إلى نحو 3 ملايين عاطل من العمل بسبب الحرب المتصاعدة منذ أكثر من عام.
ويقع مطار صنعاء الدولي شمال العاصمة صنعاء، ويحاذي قاعدة "الديلمي" العسكرية التي تعرضت مراراً لقصف جوي من قبل طيران التحالف العربي بسبب احتوائها على طائرات حربية وأسلحة.
وتعرض المطار للقصف مباشرة العام الماضي، وقالت قيادة التحالف إن عملية القصف كانت بهدف منع طائرة مدنية إيرانية من كسر الحظر وأصرت على الهبوط، وهو ما جعل التحالف يقصف المطار.
ويبعد مطار صنعاء نحو 55 كيلومتراً عن أقرب نقطة معارك بين القوات الحكومية والحوثيين في بلدة "نهم"، شرقي العاصمة صنعاء.
وتقود السعودية تحالفاً عربياً ضد جماعة الحوثي، وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح المتحالفة معها، منذ 26 مارس/ آذار 2015، بعد سيطرة الأخيرين على العاصمة صنعاء. وتقول الرياض إن تدخل التحالف "جاء تلبية لطلب الرئيس هادي، لإنهاء الانقلاب وعودة الشرعية في بلاده".
ومنذ الربع الأخير لعام 2014، يشهد اليمن حربًا بين القوات الموالية للرئيس هادي، مدعومة بقوات التحالف العربي، والقوات الموالية للحوثيين وصالح من جهة أخرى، مخلّفة آلاف القتلى والجرحى، فضلًا عن أوضاع إنسانية وصحية صعبة.