ويتنافس نحو 15 ألف مترشح موزعين على 33 دائرة انتخابية داخل تونس وخارجها، ضمن 1503 قوائم مترشحة موزعة بين 673 قائمة حزبية و312 ائتلافية و518 مستقلة، يتسابقون للفوز بعضوية برلمانية، من بين 217 مقعداً في مجلس نواب الشعب الذي تدوم عهدته 5 سنوات.
وأثارت عناوين وشعارات، ورموز عدد من القوائم الانتخابية، وأساساً المستقلة، انتباه التونسيين بسبب غرابتها وطرافتها.
وحظيت القائمة المستقلة "النملة" في محافظة بن عروس، بنصيب كبير من انتباه الرأي العام بسبب غرابة اختيار الاسم، وطرافة الشعارات التي ترفعها على غرار "نملة مع نملة من بن عروس تنطلق الحملة".
وقوبلت هذه الشعارات بموجة من السخرية في جانب منها، وآخرون اعتبروها تقليعة سياسية جديدة لجلب الانتباه.
ويقدم أصحاب قائمة النملة أنفسهم على أنهم بديل جديد للمنظومة الحالية، ويفسرون شعاراتهم برمزية "النملة" المعروفة بالعمل والكد والكدح والالتزام، في واقع يُتهم فيه البرلمانيون والسياسيون بالكسل وعدم الجدية.
وتعتمد قائمة النملة معلقات كاريكاتيرية وصوراً كرتونية لإبراز برنامجها الانتخابي، في شكل ساخر، وباعتماد الرسوم والألوان والتصاميم الشبيهة بمجلات الكرتون مما جعل متابعي مواقع التواصل الاجتماعي يتداولونها بكثرة.
وجلبت قائمة "الفيل" المترشحة في دائرة العالم العربي، انتباه التونسيين أيضاً بسبب تسميتها الغريبة ورمزيتها وإن كان أصحاب القائمة يستهدفون بحملتهم التونسيين المقيمين في المهجر وخصوصاً في الدول العربية، فإنهم يعتبرون أنفسهم القاطرة التي يرمز لها الفيل والتي ستنقل تونس إلى بر الأمان.
ويعتبر أصحاب قائمة الفيل أن رمزية شعارهم تتمثل في القوة والصبر والجلد، فيما لم يعتد التونسيون شعارات بأسماء حيوانات مما جعله محل دعابة وتندر من قبل المتابعين.
من جانبه، اتخذ حزب صوت الفلاحين "الديك" شعاراً لحملته الانتخابية في محاولة لجلب الفلاحين والقرويين والأرياف التونسية بهذا الرمز ويعول الحزب على إقناع الناخبين، خصوصاً في الشمال الغربي للبلاد وفي المزارع والحقول.
وشغلت قائمة "المقص" المترشحة في الخارج وتحديداً في فرنسا المتابعين لشعاراتها المستوحاة من رمز المقص والتي تقوم جميعها على القطع مع الذل والقطع مع الفساد وتروج القائمة نفسها حلاً للتطهير، وتنقية المناخ السياسي والاقتصادي التونسي من خلال القطع معه.
وغير بعيد عن نظرية القطع مع الفساد والاستبداد برزت قائمة "العين الحمراء" في محافظة سليانة في إشارة للحزم والشدة مع كل هذه المظاهر في تهديد من أصحابها بكشف الوجه الآخر والعين الحمراء كما يقال في الأمثال.
ويقول عبد الرؤوف سعيد عضو قائمة العين الحمراء، لـ"العربي الجديد": "نحن قائمة للعمل الجدي وللإصلاح والتغيير ولسنا قائمة للهزل وتضييع الوقت، ونطرح أنفسنا لأهالي محافظة سليانة "بدائل مقاومة، حيث لا استسلام للواقع وإكراهاته وسرياليته، ونحن نشارك ببوصلة واضحة بلا مهادنة أو رتوش سياسوية، ونشارك بكل حماسة و بلا حاجة للإشهار والمال السياسي المشبوه" على حد توصيفه.
والى جانب الأسماء المثيرة والطريفة والشعارات الغريبة للقوائم الانتخابية، تطرح قائمة "ولاد الحومة" أي أبناء الحارة أو الحي نفسها بشكل مغاير بصورة تنكرية ووجوه مقنعة لا تكشف هويتهم ولا تعرف إلا أسماؤهم وأعمارهم بين 24 و 29 عاماً.
وتقدم المجموعة المقنعة نفسها بشعارات مناهضة للنظام والأحزاب والتوجهات. يقولون في تعليقاتهم: "نحن لا نخشى أحداً لا وزير ولا رئيس ولا نهتم للأحزاب ورجال الأعمال واليمين واليسار.. يهمنا الشعب المعذب والمفقر والمضطهد بسبب الفساد والرشوة والظلم الأمني والأوساخ والكلاب السائبة.."، على حد توصيفهم.
ويعتبر المحلل السياسي عبد المنعم المؤدب، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الانتخابات التشريعية تعيش طفرة في المترشحين والقوائم. ووسط هذا الزحام يبحث المترشحون بكل السبل والأشكال للترويج حتى يعلق في ذهن الناخبين.
ويستعمل المترشحون الشعارات المستفزة والرموز المثيرة المضحكة والمخيفة والعنيفة، وكل ما تتيحه الإمكانيات الاتصالية للتسويق لقائماتهم وإقناع الناخبين.
وبين الخبير أن هذه الوسائل ليست دائماً ناجعة، وأنه قد يكون لها أثر عكسي بتحولها إلى مادة للسخرية والتندر من دون أن تؤخذ جدياً.
وتعول هذه القوائم على تراجع ثقة الناخبين في الأحزاب والمنظومة الحاكمة بسبب الوعود الانتخابية الزائفة. وتعززت ثقة أصحاب هذه القوائم الطريفة بالخسارة التي منيت بها الأحزاب الكبرى والشخصيات العريقة التي قامت بحملات تقليدية، وتوجهت بخطابات سياسية للجمهور في وقت صعد المترشح قيس سعيد، وتصدر المشهد في حملة انتخابية مغايرة قامت على الترويج في وسائل التواصل الاجتماعي وبلقاءات بسيطة مع الناخبين في عدد من الجهات