طرائف المونديال (6): استعار حذاءً فحقّق إعجازاً!

07 يونيو 2014
بيليه يرمي نفسه داخل الشِباك بعد هدفه على ويلز(getty)
+ الخط -
شهدت نهائيات النسخة السادسة من بطولة كأس العالم، التي استضافتها السويد في العام 1958، قصصاً ومواقف مثيرة، أبرزها يدور حول استعارة الأحذية ومكافأة الإنجاز بسلاح صيد.


طفل يمنح البرازيل البطولة

رغم أن بطولة كأس العالم 1958 افتقرت لحماسها الكبير الذي اعتدنا عليه خلال الدورات التي سبقتها، إلا أنها أفرزت لكرة القدم نجماً خارقاً للعادة، تجاوز بالكاد عامه السابع عشر، ونجح في قيادة منتخب بلاده البرازيل إلى أول لقب عالمي لها، وهو البرازيلي "أدسون أرانتس دوناسيمنتو" المعروف باسم "بيليه".

وسطع نجم أسطورة كرة القدم البرازيلية في السويد في العام 1958، إذ بدأت معه الحقبة الذهبية لمنتخب "السيلساو" من خلال التتويج بأول لقب بطولة كأس العالم في تاريخه، والتي أعقبها الفوز أربع مرات أخرى أعوام 1962، 1970، 1994، 2002. 

وانتظر بيليه حتى المباراة الثالثة لمنتخب "السيلساو" في دور المجموعات، كي يتمكن من خوض أول مباراة له أمام الاتحاد السوفييتي، ليُصبح أصغر لاعب يخوض مباراة في تاريخ كأس العالم.

وشارك اللاعب البرازيلي بعد ذلك في مباراة الدور ربع النهائي التي جمعت منتخب بلاده بمنتخب ويلز، إذ أحرز "آنذاك" أول هدف له في تاريخ بطولات كأس العالم، ليُصبح أصغر لاعب يسجل هدفاً في بطولة كأس العالم. أما في مباراة الدور نصف النهائي التي جمعت منتخب السامبا بنظيره الفرنسي، فقد سجّل بيليه ثلاثة أهداف ليقود منتخب البرازيل لكرة القدم إلى الصعود للمباراة النهائية، لمواجهة المنتخب السويدي.

في المباراة النهائية، شكّل تألق "الجوهرة السوداء" خلفية ذهبية لمشهد إسدال الستار الرائع للمنتخب البرازيلي الفائز بكأس العالم، فقد سجّل بيليه، الذي اعتبره كثيرون في ما بعد أفضل لاعب في تاريخ كرة القدم، هدفين في المباراة التي جمعت منتخب بلاده أمام المنتخب السويدي، إلا أنه أُغمي عليه بعد نهاية المباراة، ليُنهي البطولة بستة أهداف، سجلها في أربع مباريات، وهو ثاني هدافي البطولة خلف جوست فونتين.

وعد قص الشعر

وشهدت البطولة حدثاً طريفاً مع نجم المنتخب السويدي، نيلس ليدهولم، الذي كان يحب شعره الأسود الأملس، إذ أبدى الأخير استعداده التام لأن يكون شعره "الأملس" موضع رهان، فقد قطع على نفسه وعداً بأن يقص شعره، في حال نجح منتخب بلاده في الصعود إلى المباراة النهائية.

وحدث ذلك قبيل انطلاق البطولة، عندما سأل أحد الصحافيين لاعب خط وسط فريق إيه سي ميلان الإيطالي إن كان بوسع السويد التأهل إلى نهائي كأس العالم 1958على ترابها الوطني، فما كان من ليدهولم إلا أن أجاب مازحاً: "إن تأهلنا سأحلق شعري!" وما كان من زميله حارس المرمى كالي سفينسون إلا أن ضحك هو الآخر، وأضاف: "سأقوم بالمثل!".

ورغم أن التطلعات لم تكن كبيرة داخل صفوف المنتخب السويدي بقيادة مدربه الإنجليزي، جورج راينور، إلا أن المعنويات كانت عالية جداً للمنتخب الذي كان يضم في صفوفه ليدهولم وسفينسون اللذين كانا في الخامسة والثلاثين والثانية والثلاثين من العمر تباعاً، إضافة إلى زميليهما جونار جرين، الذي شكل معهم الثلاثي الناري في أربعينيات القرن الماضي.

وبعد التسلح بعامل الأرض والجمهور الذي احتشد في ملعب رازوندا، نجحت "السويد" في التغلب على منتخب المكسيك 3-0، والمجر 2-1، قبل التعادل من دون أهداف مع ويلز، وبلوغ مرحلة خروج المغلوب كممثلة عن المجموعة الثالثة، وبفضل هدفين من كورت هامرين وأجني سيمونسون، تمكنت كتيبة المدرب جورج راينور من الفوز 2-0 على الاتحاد السوفييتي.

وبات السويديون بذلك على بعد خطوة واحدة فقط من النهائي، فيما كان ليدهولم وسفينسون على بعد أيام من الصلع. والمثير في الأمر أن هذين النجمين اضطلعا بدور هام في هذا الإنجاز الكروي، إذ تألق سفينسون في الذود عن مرماه، والتصدي لكرات خطرة من مهاجمي ألمانيا الغربية هيلموت راهن وهانز شافر وأوي سيلر فريتز والتر، بينما ألهم ليدهولم منتخب بلاده بالفوز بنتيجة 3-1 في مدينة جوتنبورج.

وشعر ليدهولم وسفينسون بإثارة بالغة، رغم أن ذلك انقلب إلى توجّس عندما تم تذكيرهما بالرهان الذي سبق البطولة، إلا أنهما، وبكل روح رياضية، قبلا بالأقدار بحسب الصورة أعلاه، وبعد أن خسرا شعرهما، خسرا كذلك المباراة النهائية بنتيجة 5-2 على يد البرازيل، رغم أن ليدهولم سجل هدف التقدم لفريقه بحضور ملك السويد آنذاك جوستاف السادس. ورغم الهزيمة، إلا أن راينور وكتيبته كانوا فائزين بعيون أمة تحلّقت حولهم طيلة العرس الكروي العالمي.

استعار حذاءً.. فحقّق إعجازاً

منذ ما يزيد عن 50 عاماً، وكلما اقترب موعد كأس العالم، لا بد من ذكر اسم جوست فونتين الذي يملك سجلاً نادراً في تاريخ المسابقة، حيث سجّل أسطورة كأس العالم الفرنسي 13 هدفاً في البطولة التي أقيمت في السويد العام 1958، ليقود بها منتخب بلاده إلى المركز الثالث خلف منتخب البرازيل البطل والسويد الوصيف.

وللوقوف على قيمة هذا الرجل وعظمته، يكفي التذكير بأن رونالدو (15 هدفا)، جيرد مولر
(14) وميروسلاف كلوزه (14) هم الوحيدون الذين نجحوا في تحقيق سجل أكبر من إجمالي أهداف الأسطورة الفرنسي في أم البطولات، ولكن هؤلاء تمكنوا من حصد تلك الأهداف بعد المشاركة في نسختين أو ثلاث من النهائيات العالمية.

ولا يزال رقم "فونتين" صامداً حتى الآن حيث سجل 13 هدفاً في ست مباريات ليقود منتخب بلاده إلى المركز الثالث بجدارة واستحقاق، وهو الإنجاز المميز للاعب الذي شارك مع فريقه كبديل لـ"رينيه بليار" الذي تعرض للإصابة.

واستهل اللاعب الفرنسي، الذي وُلد في مدينة مراكش المغربية، سلسلة أهدافه المذهلة بإحرازه ثلاثية "هاتريك" في مرمى باراجواي، قبل أن يُسجل هدفين في مرمى يوغوسلافيا وإيرلندا الشمالية، وأن يُحرز هدفاً في مرمى البرازيل في مباراة نصف النهائي، في حين اختتم هذه السلسلة برباعية كاملة في مرمى ألمانيا في لقاء تحديد المركز الثالث للبطولة.

ومن المفارقات العجيبة، أن "فونتين" لم يكن ليلعب أساسياً لولا إصابة المهاجم رينيه بيلار، بالإضافة لذلك فإن اللاعب الفرنسي، كان يملك فردة حذاء واحدة عندما طُلب منه دخول المباراة، وهو ما كاد أن يكلفه فرصة مواجهة باراجواي، إلا أنه استعار حذاءً من زميله اللاعب البديل ستيفان بروي وسجّل به 13 هدفاً في ست مباريات، لتنهي فرنسا البطولة في المركز الثالث، ولا تزال هذه الغلة قياسية في تاريخ نسخ كأس العالم.

واستعاد اللاعب الفرنسي السابق تلك الحادثة في تصريح أدلى به أخيراً، وقال فيه "خلال تلك الفترة لم نكن نملك سوى حذاءين، ولم تكن هناك شركات راعية، فجأة وجدت نفسي من دون حذاء، لكن لحسن حظي بأن ستيفان بروي أحد زملائي الاحتياطيين كان يرتدي القياس نفسه، وقد أعارني حذاءه، وبعد ست مباريات ونجاحي في تسجيل 13 هدفاً أعدت إليه حذاءه، أشعر بالسعادة لأن أهدافي جاءت ثمرة تفكيرين في حذاء واحد".

مكافأة إنجازه.. سلاح صيد

بعد أن شهدت بطولة كأس العالم 1958 رقماً قياسياً نادراً لفونتين، كانت مكافأته الوحيدة على إنجازه هي نيله سلاحاً للصيد.

وقامت إحدى الصحف المحلية السويدية بإهداء "فونتين" سلاحاً للصيد يرمز إلى لقب أفضل هداف في البطولة، حيث مازال اللاعب الفرنسي يقوم بعرض هذا السلاح الذهبي في صالون منزله الموجود في مدينة "تولوز" الفرنسية.
المساهمون