يقيم طلاب جامعة حلب ضمن ثلاث وحدات سكنية فقط، من بين 20 وحدة سكنية في المدينة الجامعية، وتضم الوحدة السكنية 240 غرفة، إضافة الى غرف المطالعة والمرافق الصحية، ويوجد في الغرفة الواحدة من 7 إلى 9 طلاب، فيما لا تزيد مساحة الغرفة عن 12 متراً مربعاً، وبذلك لا تزيد حصة الطالب عن متر ونصف المتر.
يقول أحد الطلاب المقيمين في المدينة الجامعية، واسمه الأول أحمد (رفض الكشف عن اسمه الثاني)، لـ"العربي الجديد": "أعيش مع ثمانية طلاب آخرين في غرفة واحدة أشبه بالسجن، تحوي خمسة أَسرّة عسكرية، ننام عليها بالتناوب بسبب الازدحام. نجد صعوبة في كل شيء حتى التنفس".
تصل أعداد الطلاب إلى 1800 طالب في الوحدة السكنية، وهو ما يتجاوز القدرة الاستيعابية لها والتي تقدّر بـ500 طالب فقط، ويتوزع الطلاب بأعداد متفاوتة بين الغرف. يشير أحمد إلى أن "توزيع الطلاب يتم تبعاً للواسطة التي تتدخل في كل التفاصيل. فمَن يعرف عسكرياً، يتمكن من السكن في غرفة تضم ثلاثة طلاب لا أكثر". ويوضح أن "معظم الوحدات السكنية يسكنها النازحون، إضافة إلى تجمعات كبيرة من الشبيحة، فيما خُصّصت الوحدة السكنية الرابعة عشر للطلاب الذكور، والوحدة السادسة والعاشرة للإناث".
ويعبّر طلاب جامعة حلب عن استيائهم لحرمان معظمهم، للسنة الثالثة على التوالي، من الحصول على سكن جامعي، وسط وعودٍ متكررة من إدارة الجامعة بإخلاء المزيد من الوحدات السكنية ومنحها للطلاب، إلا أن شيئاً لم يتحقق.
ويكشف أحد أعضاء الهيئة الإدارية في إحدى الكليات، لـ"العربي الجديد"، أنّ "القرار الحقيقي بيد السلطات السياسية والأمنية". ويضيف: "طالبنا مراراً بإعادة السكن الطلابي إلى الطلاب، بعدما تحوّل إلى مرتع للشبيحة والنازحين الذين يرفضون الخروج منه، لمسنا إرادة من إدارة الجامعة بتحقيق ذلك، إلا أنهم لم يتمكنوا من فعل شيء".
ظروف غير آدمية
ينتمي جميع طلاب المدينة الجامعية للطبقة الفقيرة، جميعهم لا يملك المال الكافي لإيجاد مسكن آخر في المدينة، في ظل الارتفاع الكبير في إيجارات البيوت ضمن مناطق حكم النظام. وتحدثت إحدى الطالبات، وتدعى عبير، عن تجربتها، لـ"العربي الجديد"، قائلة: "وجدت نفسي مضطرة للاختيار بين السكن في المدينة الجامعية والتوقف عن متابعة دراستي لأجلٍ غير مسمى، فاستئجار غرفة في أحد البيوت حلم، حيث لا يملك أهلي المال لتحمّل تكاليفه، وبالمقارنة تعتبر تكاليف السكن في المدينة الجامعية رمزية".
وتصف عبير ظروف الحياة التي تعيشها في المدينة الجامعية اليوم بأنها "غير آدمية، ولا تليق بطلاب التعليم العالي".
صحياً، تعتبر المدينة الجامعية بوضعها الحالي غير صالحة للسكن، كما يصفها أحد المتطوعين في فريق الهلال الأحمر المخصص للمدينة الجامعية، الذي يشرح، لـ"العربي الجديد"، أن كميات ضخمة من النفايات تتراكم في المدينة يومياً، ما جعلها حاضنة لانتشار الأمراض، لأن أعداد عمال النظافة لا تكفي. ويضيف: "دفعنا هذا لتخصيص فرق تطوعية من الهلال الأحمر لتنظيف الشوارع وإزالة القمامة، خوفاً من انتشار الأوبئة، إلا أن الوضع داخل المباني لا يزال سيئاً، ولا يملك معظم السكان من النازحين الوعي الصحي الكافي للتعاون، كما تتجاهل العديد من الأطراف مسؤوليتها تجاه ذلك".
انقطاع المياه
تنعكس أزمة شح المياه التي تعاني منها حلب عامةً، على المدينة الجامعية بشكل مضاعف، بسبب كثافة السكان. وتتحدث إحدى طالبات في كلية الاقتصاد، لـ"العربي الجديد"، عن انقطاع شبه دائم للمياه في وحدتها السكنية، موضحة أن المياه تأتي مرةً واحدة كل عدة أيام، فتقوم كل طالبة بتعبئة ما تستطيع من المياه، لتستهلكها طوال فترة الانقطاع، وهو ما يضاعف مشكلة انعدام النظافة الشخصية والعامة، ويصيبها شخصياً باكتئاب شديد.
ويقول الصيدلي المتطوع للعمل في مستوصف المدينة الجامعية، الدكتور قادر عبد الله، إنَّ معظم الحالات التي يستقبلها المستوصف تسممات غذائية وأمراض جرثومية، ناتجة عن قلة النظافة وشح المياه والعديد من الأطعمة الفاسدة التي تُباع بأسعار رخيصة في غياب الرقابة.
يحصل نازحو المدينة الجامعية على مساعدات دوريّة مقدّمة من الأمم المتحدة، ويوضح أحد طلاب المدينة أن حِصص الطلاب من المساعدات تجري سرقتها "كلما توجّهنا لتسجيل أسمائنا على قائمة توزيع المساعدات في المدينة، قيل لنا إن حصة الطلاب من المساعدات حُوّلت إلى إدارة المدينة الجامعية، وأن بإمكاننا استلامها هناك، إلا أننا لم نحصل طوال الفترة الماضية سوى على كيس من الأرز والبرغل و3 علب من الفول لكل غرفة".
ضغوط نفسية
يعيش معظم الطلاب ضغوطاً نفسية كبيرة، تفرضها الأعباء المادية وواجب الدراسة في ظروف اجتماعية وخدمية سيئة. يشير غالب، أحد المشرفين على الوحدات السكنية، إلى أن "هذه الأعباء أنتجت ظواهر جديدة في المدينة، فيحاول العديد من الطلاب كسب المال من خلال بيع البضائع في الوحدات السكنية، إذ توجد العديد من بسطات البيع داخل وخارج الوحدات السكنية".
وتنتشر حالات الاكتئاب بين الطلاب الذين يسكنون هنا، وتصل بالعديد منهم لمحاولة الانتحار، ويقدّر عدد محاولات الانتحار في المدينة الجامعية بين النازحين والطلاب بعشر محاولات شهرياً.
وتشير إحدى الطالبات المقيمات في المدينة، واسمها رغد، إلى أنهم محاطون بالمشاكل وانعدام الأمن "قد تنشب مشاجرة بين النازحين أو الشبيحة في أية لحظة، وغالباً ما يحدث إطلاق نار لإخافة الناس.
فالمدينة مليئة بالسلاح والمسلحين، والطلاب هم الفئة الأضعف فيها"، وتضيف: "لا نملك إلا الذهاب لغرفنا والاختباء حتى انتهاء المشكلة".
وعن انعكاس هذه الأوضاع على النتائج الجامعية للطلاب، تقول رغد: "يحاول معظمنا البحث عن مكان آخر للدراسة بسبب الضجيج، كغرف المطالعة ضمن الكليات أو في الحدائق العامة أو عند بعض الأصدقاء، وقد حصل معظمنا على نتائج دراسية مرضية، ما يدفعنا حقاً لذلك هو الأمل بأن نعيش غداً حالاً أفضل".
يقول أحد الطلاب المقيمين في المدينة الجامعية، واسمه الأول أحمد (رفض الكشف عن اسمه الثاني)، لـ"العربي الجديد": "أعيش مع ثمانية طلاب آخرين في غرفة واحدة أشبه بالسجن، تحوي خمسة أَسرّة عسكرية، ننام عليها بالتناوب بسبب الازدحام. نجد صعوبة في كل شيء حتى التنفس".
تصل أعداد الطلاب إلى 1800 طالب في الوحدة السكنية، وهو ما يتجاوز القدرة الاستيعابية لها والتي تقدّر بـ500 طالب فقط، ويتوزع الطلاب بأعداد متفاوتة بين الغرف. يشير أحمد إلى أن "توزيع الطلاب يتم تبعاً للواسطة التي تتدخل في كل التفاصيل. فمَن يعرف عسكرياً، يتمكن من السكن في غرفة تضم ثلاثة طلاب لا أكثر". ويوضح أن "معظم الوحدات السكنية يسكنها النازحون، إضافة إلى تجمعات كبيرة من الشبيحة، فيما خُصّصت الوحدة السكنية الرابعة عشر للطلاب الذكور، والوحدة السادسة والعاشرة للإناث".
ويعبّر طلاب جامعة حلب عن استيائهم لحرمان معظمهم، للسنة الثالثة على التوالي، من الحصول على سكن جامعي، وسط وعودٍ متكررة من إدارة الجامعة بإخلاء المزيد من الوحدات السكنية ومنحها للطلاب، إلا أن شيئاً لم يتحقق.
ويكشف أحد أعضاء الهيئة الإدارية في إحدى الكليات، لـ"العربي الجديد"، أنّ "القرار الحقيقي بيد السلطات السياسية والأمنية". ويضيف: "طالبنا مراراً بإعادة السكن الطلابي إلى الطلاب، بعدما تحوّل إلى مرتع للشبيحة والنازحين الذين يرفضون الخروج منه، لمسنا إرادة من إدارة الجامعة بتحقيق ذلك، إلا أنهم لم يتمكنوا من فعل شيء".
ظروف غير آدمية
ينتمي جميع طلاب المدينة الجامعية للطبقة الفقيرة، جميعهم لا يملك المال الكافي لإيجاد مسكن آخر في المدينة، في ظل الارتفاع الكبير في إيجارات البيوت ضمن مناطق حكم النظام. وتحدثت إحدى الطالبات، وتدعى عبير، عن تجربتها، لـ"العربي الجديد"، قائلة: "وجدت نفسي مضطرة للاختيار بين السكن في المدينة الجامعية والتوقف عن متابعة دراستي لأجلٍ غير مسمى، فاستئجار غرفة في أحد البيوت حلم، حيث لا يملك أهلي المال لتحمّل تكاليفه، وبالمقارنة تعتبر تكاليف السكن في المدينة الجامعية رمزية".
وتصف عبير ظروف الحياة التي تعيشها في المدينة الجامعية اليوم بأنها "غير آدمية، ولا تليق بطلاب التعليم العالي".
صحياً، تعتبر المدينة الجامعية بوضعها الحالي غير صالحة للسكن، كما يصفها أحد المتطوعين في فريق الهلال الأحمر المخصص للمدينة الجامعية، الذي يشرح، لـ"العربي الجديد"، أن كميات ضخمة من النفايات تتراكم في المدينة يومياً، ما جعلها حاضنة لانتشار الأمراض، لأن أعداد عمال النظافة لا تكفي. ويضيف: "دفعنا هذا لتخصيص فرق تطوعية من الهلال الأحمر لتنظيف الشوارع وإزالة القمامة، خوفاً من انتشار الأوبئة، إلا أن الوضع داخل المباني لا يزال سيئاً، ولا يملك معظم السكان من النازحين الوعي الصحي الكافي للتعاون، كما تتجاهل العديد من الأطراف مسؤوليتها تجاه ذلك".
انقطاع المياه
تنعكس أزمة شح المياه التي تعاني منها حلب عامةً، على المدينة الجامعية بشكل مضاعف، بسبب كثافة السكان. وتتحدث إحدى طالبات في كلية الاقتصاد، لـ"العربي الجديد"، عن انقطاع شبه دائم للمياه في وحدتها السكنية، موضحة أن المياه تأتي مرةً واحدة كل عدة أيام، فتقوم كل طالبة بتعبئة ما تستطيع من المياه، لتستهلكها طوال فترة الانقطاع، وهو ما يضاعف مشكلة انعدام النظافة الشخصية والعامة، ويصيبها شخصياً باكتئاب شديد.
ويقول الصيدلي المتطوع للعمل في مستوصف المدينة الجامعية، الدكتور قادر عبد الله، إنَّ معظم الحالات التي يستقبلها المستوصف تسممات غذائية وأمراض جرثومية، ناتجة عن قلة النظافة وشح المياه والعديد من الأطعمة الفاسدة التي تُباع بأسعار رخيصة في غياب الرقابة.
يحصل نازحو المدينة الجامعية على مساعدات دوريّة مقدّمة من الأمم المتحدة، ويوضح أحد طلاب المدينة أن حِصص الطلاب من المساعدات تجري سرقتها "كلما توجّهنا لتسجيل أسمائنا على قائمة توزيع المساعدات في المدينة، قيل لنا إن حصة الطلاب من المساعدات حُوّلت إلى إدارة المدينة الجامعية، وأن بإمكاننا استلامها هناك، إلا أننا لم نحصل طوال الفترة الماضية سوى على كيس من الأرز والبرغل و3 علب من الفول لكل غرفة".
ضغوط نفسية
يعيش معظم الطلاب ضغوطاً نفسية كبيرة، تفرضها الأعباء المادية وواجب الدراسة في ظروف اجتماعية وخدمية سيئة. يشير غالب، أحد المشرفين على الوحدات السكنية، إلى أن "هذه الأعباء أنتجت ظواهر جديدة في المدينة، فيحاول العديد من الطلاب كسب المال من خلال بيع البضائع في الوحدات السكنية، إذ توجد العديد من بسطات البيع داخل وخارج الوحدات السكنية".
وتنتشر حالات الاكتئاب بين الطلاب الذين يسكنون هنا، وتصل بالعديد منهم لمحاولة الانتحار، ويقدّر عدد محاولات الانتحار في المدينة الجامعية بين النازحين والطلاب بعشر محاولات شهرياً.
وتشير إحدى الطالبات المقيمات في المدينة، واسمها رغد، إلى أنهم محاطون بالمشاكل وانعدام الأمن "قد تنشب مشاجرة بين النازحين أو الشبيحة في أية لحظة، وغالباً ما يحدث إطلاق نار لإخافة الناس.
فالمدينة مليئة بالسلاح والمسلحين، والطلاب هم الفئة الأضعف فيها"، وتضيف: "لا نملك إلا الذهاب لغرفنا والاختباء حتى انتهاء المشكلة".
وعن انعكاس هذه الأوضاع على النتائج الجامعية للطلاب، تقول رغد: "يحاول معظمنا البحث عن مكان آخر للدراسة بسبب الضجيج، كغرف المطالعة ضمن الكليات أو في الحدائق العامة أو عند بعض الأصدقاء، وقد حصل معظمنا على نتائج دراسية مرضية، ما يدفعنا حقاً لذلك هو الأمل بأن نعيش غداً حالاً أفضل".