أغرقت مياه نهر الفرات معظم الأحياء الغربية من مدينة الرقة شمال شرق سورية، والتي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، بسبب انهيار سدّ ترابي يعرف باسم "سدّ الفروسية" أنشأه التنظيم، الشهر الماضي، على إحدى قنوات الري المتفرعة من بحيرة الفرات، بهدف حجز المياه ومنع تدفقها إلى الأراضي.
وأشار ناشطون من المدينة، أن طوفان المياه بدأ، صباح أمس الإثنين، وغمر، حتى فجر اليوم، شوارع كل من أحياء الدرعية والرومانية والسباهية ومساكن الادخار ومساكن الحوض وجامع النور، ووصل ارتفاعها في هذه الأحياء لنحو نصف متر.
وتتضارب الأنباء حول الجهة المسؤولة عن هدم السد المقام على القناة، ففي الوقت الذي اتهم بعضهم التنظيم بهدمه اتهم آخرون طيران التحالف بقصفه. وحذر ناشطون من المدينة من كارثة إنسانية وصحية تهدد أهالي الرقة بسبب المياه الملوثة التي تتدفق من تحتهم.
وتسبب طوفان المياه بشل الحركة في الشوارع وإتلاف المركبات، كما أغرق تسرب المياه إلى الطوابق الأرضية حاجيات السكان وأتلفها. وقال زاهر الأحمد، أحد أبناء مدينة الرقة: "وصلت المياه في بيت أهلي المنخفض قليلاً تحت سطح الأرض لأكثر من متر، كان تدفق المياه سريعاً ومفاجئاً، ولم يتسن لهم نقل جميع حاجياتهم للطوابق العليا، وأثناء نقلهم الطعام واللوازم الأساسية وصلت المياه إلى الأجهزة الكهربائية وأتلفتها".
وأضاف "أخبرتني أمي أن المياه قذرة، وأنها كانت راكدة قبل أن تطوف. لا شك أنها محملة بالجراثيم والأمراض، ما يعني أن كارثة إنسانية على الأبواب، المراكز الصحية الموجودة يحتكرها التنظيم لعناصره، ولا يوجد جهات طبية يلجأ إليها الناس ولا يوجد أيضاً من ينقذهم من هذه الكارثة. كثيرون يقيمون في بيوت أرضية من طابق واحد اضطروا لترك بيوتهم وخرجوا إلى المناطق غير المغمورة خوفاً من أن يغرقوا، ولا يوجد من يغيثهم أو يؤويهم".
وذكر الأحمد أن عائلته كانت تستعد للنزوح بسبب اشتداد القصف والمعركة المرتقبة بين قوات سورية الديمقراطية و"داعش" إلا أنهم لم يتوقعوا أن المصيبة ستأتيهم بشكل آخر، هم اليوم كجميع أهالي الرقة يعيشون تحت ظلم "داعش" وفي مرمى التحالف و"سورية الديمقراطية" وأيضاً تحت خطر طوفان الفرات.
يأتي هذا الوضع على وقع مجزرة جديدة ارتكبتها طائرات التحالف الدولي أمس، باستهدافها شاحنة تقل عشرات العاملات في حقول القطن، في قرية العكيرشي شرق مدينة الرقة، ما أدى إلى مقتل 22 سيدة، وإصابة 8 أُخريات بجروح متفاوتة.
يذكر أن الأمم المتحدة كانت قد حذرت، منذ شباط/ فبراير الماضي، من تداعيات إنسانية خطيرة جراء ارتفاع منسوب مياه سد الفرات، وتوقع خبراء في وقت سابق أن تغمر مياه الفرات قطاعات ضخمة من الأراضي الزراعية على طول النهر.