مرّت أشهر عدة على انتهاء العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة. مع ذلك، ما زال المصور، وسام نصار، ينتظر أية فرصة تسمح له بالسفرِ إلى مصر، للقاء زوجته وطفليه، بسبب إغلاق معبر رفح الحدودي. حتى إن كثيرين فقدوا الأمل في السفر، ما اضطر نصار إلى البحث عن وسيلة أخرى، وهي الحصول على تصريح بالسفر عبر معبر بيت حانون (إيرز).
يقول نصار لـ"العربي الجديد": "سافرت زوجتي وطفلي في أولى أيام الحرب. عرفنا أن العدوان سيكون قاسياً. بعدها، لم يفتح معبر رفح إلا للحالات الخاصة. في الوقت نفسه، لم أكن أستطيع السفر والبقاء في مصر بحكم عملي".
يتابع: "اضطررت إلى مقابلة زوجتي وابني في الأردن. ولأنها تحمل الجنسية المصرية، فهي لا تحتاج إلى فيزا. الحرب فرقتنا عن بعضنا البعض، علماً أننا كنا بحاجة إلى قضاء بعض الوقت معاً، بعد كل هذا الخوف الذي عشناه خلال الحرب".
وعن معاناة السفر عبر معبر بيت حانون، يوضح أنه "يعد مشكلة كبيرة، إلا إذا اقتنعت السلطات الإسرائيلية بأن المسافر لا يشكل خطراً على أمنها"، مضيفاً "حين فقدتُ الأمل في السفر، تدخلت مؤسسة إعلامية أجنبية وقدمت ضمانات للاحتلال، حتى إنها أمنت سيارة أجرة لنقلي من بيت حانون إلى جسر الأردن مباشرة".
لأسعد خليل قصة أخرى. إنها المرة العاشرة التي يجلس فيها في صالة الانتظار في معبر رفح البري الفاصل بين الحدود الفلسطينية والمصرية (جنوب قطاع غزة). أحياناً، يضع حقيبته تحت رأسه وينام تحت أشعة الشمس الحارقة، وبين يديه جواز سفره الفلسطيني وفيزا دخوله إلى ألمانيا، حيث يدرس الهندسة. يقول بحزن: "تنتهي مدة التأشيرة بعد 15 يوماً. فشلت كل محاولاتي لاجتياز الحدود، حتى أستطيع الالتحاق بجامعتي. وبعدما فقدت الأمل في الخروج عبر معبر رفح، أسعى اليوم إلى السفر عبر معبر بيت حانون. لكن سيكون الأمر أكثر صعوبة، وخصوصاً أنني سأمر عبر الأراضي المحتلة".
تواصل خليل مع السفارة الألمانية وإدارة جامعته، فحصل على موافقة، لتحويل مروره من معبر رفح إلى معبر بيت حانون. يقول: "لست فرحاً بهذا التحول. لستُ واثقاً بعد إن كان الجانب الإسرائيلي سيسمح لي بالعبور، أم سأعتقل تحت أية ذريعة. أخشى السيناريوهات السيئة".
من جهته، يقول وكيل وزارة الشؤون المدنية في غزة، ناصر السراج، إن السلطات الإسرائيلية سمحت بمرور ثلاثين طالباً عبر معبر بيت حانون إلى جسر الأردن، ليتمكنوا من الالتحاق بجامعاتهم. يضيف أن "هناك اتفاقاً بين وزير الشؤون المدنية والجانب الإسرائيلي لتأمين سفر 30 طالبا في الأسبوع"، مشيراً إلى أن "الأولوية لأصحاب المنح الدراسية".
وفي ما يتعلق باحتمال زيادة العدد، يوضح أن الوزارة تطالب بذلك، وتضغط على الجانب الإسرائيلي، خاصة مع تزايد أعداد الطلاب العالقين. يتابع: "لا ضمان من قبل الجانب الإسرائيلي. نحاول إخراج جزء من العالقين، لكن الاحتلال لم يسمح سوى بعدد بسيط، خصوصاً الطلاب الذين يتابعون الدراسات العليا، أو المرضى الذين يسافرون على نفقتهم الخاصة".
تجدر الإشارة إلى أن الجانب الإسرائيلي اعتقل أخيراً رجال أعمال فلسطينيين عند معبر بيت حانون. في هذا الإطار، يقول شقيق رجل الأعمال، أكرم عطا الله ياسين (رفض الكشف عن اسمه)، وهو عضو في جمعية رجال الأعمال في غزة، إن شقيقه الذي يعمل في مجال النقل، تقدّم بطلب للحصول على تصريح لدخول الأراضي الفلسطينية المحتلة لشراء بعض المعدات. يضيف: "طلب الجانب الإسرائيلي مقابلته قبل إعطائه تصريح المرور، واعتقلوه أثناء المقابلة. ومنذ 18 يناير/كانون الثاني الماضي، لا نعرف عنه شيئاً"، موضحاً أن المحامي أخبرهم بأن
"الاعتقال إداري وليس هناك أية قضية أمنية".
احتجاج رسمي
على الرغم من التنسيق بين وزارة الشؤون المدنية في قطاع غزة وإسرائيل، لتأمين سفر العالقين في القطاع، تعتقل إسرائيل بعض العابرين. ويقول وكيل وزارة الشؤون المدنية، ناصر السراج، لـ"العربي الجديد"، إن "الوزير حسين الشيخ تقدم باحتجاج رسمي بسبب اعتقال رجال أعمال، ما أدى إلى نشوب أزمة كبيرة بين الوزارة والسلطات الإسرائيلية، وخصوصاً أنه لا يجوز اعتقالهم".