ما زالت أبواب المدارس الحكومية في المناطق الخاضعة لسيطرة أنصار الله الحوثيين مغلقة أمام التلاميذ، رغم إصرار وزارة التربية والتعليم على بدء العام الدراسي الجديد يوم أول من أمس، لتلتزم المدارس الخاصة فقط بهذا التعميم في ظل رفض المدرسين في المدارس الحكومية العمل. ورفضهم التوجه إلى المدارس.
إذاً، رفضت نقابة المهن التعليمية العودة إلى المدارس في 30 سبتمبر/ أيلول الماضي، رغم التهديدات التي أطلقتها وزارة التربية والتعليم، والتي أجبرت حكومة الحوثيين على اتخاذ قرار تأجيل بدء العام الدراسي إلى منتصف الشهر الجاري، وإنشاء صندوق لدعم المعلمين يموّله القطاع الخاص، ليعد هذا القرار أحد الحلول التي يمكن من خلالها إنهاء أزمة المعلمين في مناطق الحوثيين.
وكانت نقابة المهن التعليمية قد أعلنت الإضراب الشامل قبل أكثر من شهرين، إلى حين حصول المدرسين على رواتبهم المتوقفة منذ نحو عام. وكان للأزمة الاقتصادية والسياسية في اليمن تداعيات كبيرة على قطاعات عدة، منها قطاع التعليم. ويؤثّر انقطاع الرواتب على نحو 200 ألف معلم، يمثّلون 75 في المائة من إجمالي المعلّمين.
ويحكي التربوي عصام عبد الرحمن عن أسباب رفض المعلّمين التوجه إلى المدارس الحكومية في التاريخ المحدّد سابقاً، مشيراً إلى أنّ المعلّمين لا يقبلون التصريحات والوعود التي تصدر عن مسؤولين في وزارة التربية والتعليم منذ أكثر من عام. ويوضح عبد الرحمن لـ "العربي الجديد" أنّ هذه الوعود "لم تعد مجدية ولا تنفذ، وتُقال لامتصاص غضب المدرسين علهم يعلقون إضرابهم ويعودون إلى مدارسهم". ويلفت إلى أن "ما يطلبه المعلمون لا يتجاوز حقوقهم، أي أنهم لا يطلبون أموراً مستحيلة". يضيف: "نُهدّد دائماً بألّا نحصل على بطاقات التموين التي تُقدّم لنا بدلاً عن رواتبنا، لنجبر على كسر الإضراب والذهاب إلى المدارس. لكنّ هذا لم يعد مجدياً لأن السلال الغذائية عملية نصب ممنهجة نتعرّض لها، بسبب اقتطاع 35 في المائة من نصف راتب بعد صبر 11 شهراً". ويبيّن أن بعض المحافظات مثل محافظة المحويت، لم يحصل خلالها المدرسون إلا على سلة غذائية واحدة طوال العام.
أمّا المدرّسة أمة الرحمن العمراني، فترى أنّ المعلّم مجبر على عدم الذهاب إلى المدرسة إلّا بعد تنفيذ مطالبه. "هو لا يملك قوت أولاده أو ثمن المواصلات والتنقل من البيت إلى المدرسة والعكس"، لافتة إلى أنّ محاولة اجبار المدرسين على الذهاب إلى المدارس من دون حصولهم على رواتبهم ستبوء بالفشل، وإن رضخ عدد من المدرسين لذلك. إلا أن العملية التعليمية ستبقى مشلولة". تضيف لـ "العربي الجديد": "لغة التهديد في بيانات وزارة التربية والتعليم لم تعد مجدية معنا لأننا لن نخسر شيئاً، إذ إننا بحكم المفصولين منذ أكثر من عام، ولا نحصل على رواتب أو مستحقات أخرى". وتبين أن وزارة التربية والتعليم تسيطر عليها قيادات قدمت من خارج الحقل التعليمي، وقد لجأت وما زالت إلى أساليب الترهيب، "مثل الدفع بمتطوعين إلى تغطية العجز أو إجبار خريجي الثانوية العامة على التدريس لمدة عام كخدمة إلزامية بعد التخرج، كما في السابق".
اقــرأ أيضاً
وتشير العمراني إلى أن هذه الضغوط قد تنجح في ثني النقابة عن مواصلة الإضراب حتى تحقيق مطالبها، لكنّ هذا يعني أن العملية التعليمية "ستكون صورية، ولن يستفيد التلاميذ كما يجب، وربّما تتحوّل المدارس إلى مراكز تنتشر من خلالها مفاهيم العنف والتطرف، لاسيما بعد التغييرات في ديوان الوزارة وعدد كبير من المدارس".
ويعرب أولياء الأمور عن امتعاضهم بسبب عدم بدء العام الدراسي الجديد في موعدة المقرر. ويقول حميد اليادعي إن المدارس الخاصة فتحت أبوابها أمام التلاميذ، فيما أغلقت المدارس الحكومية أمام "أبناء المواطنين البسطاء". ويقول لـ "العربي الجديد" إن "قيادات وزارة التربية والتعليم وغيرها من مؤسسات الدولة، سجلت أبناءها هذا العام في المدارس الأهلية. لهذا، لا يهتمون بمصير أبنائنا وهذا أمر مرفوض ولا نقبل به"، مطالباً وزارة التربية والتعليم بحلّ مشاكل المعلمين وبدء العام الدراسي الجديد في المدارس الحكومية.
يضيف اليادعي أنّه لا يتصور أن يكون ملايين التلاميذ اليمنيين خارج المدارس. "هذه جريمة تاريخيّة بحق اليمنيّين يتحمّل مسؤوليّتها وزارة التربية والتعليم في صنعاء. وإن كان المسؤولون لا يستطيعون قيادة البلاد، فليتركوها لمن يستطيع".
من جهته، يؤكّد مصدر في وزارة التربية والتعليم الخاضعة لسيطرة الحوثيين، أن مباحثات تجري حالياً بين الوزارة ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في اليمن (أوتشا)، بهدف دعم المعلمين اليمنيين من خلال تقديم مبلغ 100 دولار شهرياً لنحو 200 ألف مدرس في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين. ويقول المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه إن الوزارة تحرص على إيجاد حلول تضمن تسليم ولو حتى جزء من مستحقات المدرسين بهدف تسيير العملية التعليمية.
وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" قد أكدت، الشهر الماضي، أن 4.5 ملايين طفل قد لا يتمكنون من العودة إلى مدارسهم في العام الدراسي الجديد، نظراً لانقطاع رواتب المعلمين والمعلمات. ويعيش المعلمون، في مناطق سيطرة الحوثيين، أوضاعاً بالغة الصعوبة، وقد لجأ كثيرون إلى العمل في المقاهي والمطاعم والمدارس الخاصة وغيرها، علماً أنهم يتقاضون رواتب زهيدة جداً.
اقــرأ أيضاً
إذاً، رفضت نقابة المهن التعليمية العودة إلى المدارس في 30 سبتمبر/ أيلول الماضي، رغم التهديدات التي أطلقتها وزارة التربية والتعليم، والتي أجبرت حكومة الحوثيين على اتخاذ قرار تأجيل بدء العام الدراسي إلى منتصف الشهر الجاري، وإنشاء صندوق لدعم المعلمين يموّله القطاع الخاص، ليعد هذا القرار أحد الحلول التي يمكن من خلالها إنهاء أزمة المعلمين في مناطق الحوثيين.
وكانت نقابة المهن التعليمية قد أعلنت الإضراب الشامل قبل أكثر من شهرين، إلى حين حصول المدرسين على رواتبهم المتوقفة منذ نحو عام. وكان للأزمة الاقتصادية والسياسية في اليمن تداعيات كبيرة على قطاعات عدة، منها قطاع التعليم. ويؤثّر انقطاع الرواتب على نحو 200 ألف معلم، يمثّلون 75 في المائة من إجمالي المعلّمين.
ويحكي التربوي عصام عبد الرحمن عن أسباب رفض المعلّمين التوجه إلى المدارس الحكومية في التاريخ المحدّد سابقاً، مشيراً إلى أنّ المعلّمين لا يقبلون التصريحات والوعود التي تصدر عن مسؤولين في وزارة التربية والتعليم منذ أكثر من عام. ويوضح عبد الرحمن لـ "العربي الجديد" أنّ هذه الوعود "لم تعد مجدية ولا تنفذ، وتُقال لامتصاص غضب المدرسين علهم يعلقون إضرابهم ويعودون إلى مدارسهم". ويلفت إلى أن "ما يطلبه المعلمون لا يتجاوز حقوقهم، أي أنهم لا يطلبون أموراً مستحيلة". يضيف: "نُهدّد دائماً بألّا نحصل على بطاقات التموين التي تُقدّم لنا بدلاً عن رواتبنا، لنجبر على كسر الإضراب والذهاب إلى المدارس. لكنّ هذا لم يعد مجدياً لأن السلال الغذائية عملية نصب ممنهجة نتعرّض لها، بسبب اقتطاع 35 في المائة من نصف راتب بعد صبر 11 شهراً". ويبيّن أن بعض المحافظات مثل محافظة المحويت، لم يحصل خلالها المدرسون إلا على سلة غذائية واحدة طوال العام.
أمّا المدرّسة أمة الرحمن العمراني، فترى أنّ المعلّم مجبر على عدم الذهاب إلى المدرسة إلّا بعد تنفيذ مطالبه. "هو لا يملك قوت أولاده أو ثمن المواصلات والتنقل من البيت إلى المدرسة والعكس"، لافتة إلى أنّ محاولة اجبار المدرسين على الذهاب إلى المدارس من دون حصولهم على رواتبهم ستبوء بالفشل، وإن رضخ عدد من المدرسين لذلك. إلا أن العملية التعليمية ستبقى مشلولة". تضيف لـ "العربي الجديد": "لغة التهديد في بيانات وزارة التربية والتعليم لم تعد مجدية معنا لأننا لن نخسر شيئاً، إذ إننا بحكم المفصولين منذ أكثر من عام، ولا نحصل على رواتب أو مستحقات أخرى". وتبين أن وزارة التربية والتعليم تسيطر عليها قيادات قدمت من خارج الحقل التعليمي، وقد لجأت وما زالت إلى أساليب الترهيب، "مثل الدفع بمتطوعين إلى تغطية العجز أو إجبار خريجي الثانوية العامة على التدريس لمدة عام كخدمة إلزامية بعد التخرج، كما في السابق".
وتشير العمراني إلى أن هذه الضغوط قد تنجح في ثني النقابة عن مواصلة الإضراب حتى تحقيق مطالبها، لكنّ هذا يعني أن العملية التعليمية "ستكون صورية، ولن يستفيد التلاميذ كما يجب، وربّما تتحوّل المدارس إلى مراكز تنتشر من خلالها مفاهيم العنف والتطرف، لاسيما بعد التغييرات في ديوان الوزارة وعدد كبير من المدارس".
ويعرب أولياء الأمور عن امتعاضهم بسبب عدم بدء العام الدراسي الجديد في موعدة المقرر. ويقول حميد اليادعي إن المدارس الخاصة فتحت أبوابها أمام التلاميذ، فيما أغلقت المدارس الحكومية أمام "أبناء المواطنين البسطاء". ويقول لـ "العربي الجديد" إن "قيادات وزارة التربية والتعليم وغيرها من مؤسسات الدولة، سجلت أبناءها هذا العام في المدارس الأهلية. لهذا، لا يهتمون بمصير أبنائنا وهذا أمر مرفوض ولا نقبل به"، مطالباً وزارة التربية والتعليم بحلّ مشاكل المعلمين وبدء العام الدراسي الجديد في المدارس الحكومية.
يضيف اليادعي أنّه لا يتصور أن يكون ملايين التلاميذ اليمنيين خارج المدارس. "هذه جريمة تاريخيّة بحق اليمنيّين يتحمّل مسؤوليّتها وزارة التربية والتعليم في صنعاء. وإن كان المسؤولون لا يستطيعون قيادة البلاد، فليتركوها لمن يستطيع".
من جهته، يؤكّد مصدر في وزارة التربية والتعليم الخاضعة لسيطرة الحوثيين، أن مباحثات تجري حالياً بين الوزارة ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في اليمن (أوتشا)، بهدف دعم المعلمين اليمنيين من خلال تقديم مبلغ 100 دولار شهرياً لنحو 200 ألف مدرس في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين. ويقول المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه إن الوزارة تحرص على إيجاد حلول تضمن تسليم ولو حتى جزء من مستحقات المدرسين بهدف تسيير العملية التعليمية.
وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" قد أكدت، الشهر الماضي، أن 4.5 ملايين طفل قد لا يتمكنون من العودة إلى مدارسهم في العام الدراسي الجديد، نظراً لانقطاع رواتب المعلمين والمعلمات. ويعيش المعلمون، في مناطق سيطرة الحوثيين، أوضاعاً بالغة الصعوبة، وقد لجأ كثيرون إلى العمل في المقاهي والمطاعم والمدارس الخاصة وغيرها، علماً أنهم يتقاضون رواتب زهيدة جداً.