الذنيبات وهو أحد القادة التاريخيين في الجماعة، والمعروف بقربه من القصر الملكي، وعلاقته المميزة مع الملك عبد الله الثاني، حمل على عاتقه مهمة ترخيص الجماعة، بحجة عدم ترخيصها يوم تأسيسها في عام 1945 بما يتفق والقوانين الأردنية، معتقداً أنه بذلك يحميها من مخاطر الحظر أو إعلانها منظمة إرهابية، غير أن تهم تفكيك الجماعة وإضعافها وعزلها عن فضائها العالمي تنفيذاً لأجندات الدولة تطارده.
"العربي الجديد" حاورت الذنيبات، للوقوف على دوافعه ومبرراته، ومستقبل "الإخوان" في الأردن في ظل التنازع على الشرعية، وتراشق الاتهامات حول دوافع إقليمية وعنصرية تقف خلف الترخيص، وأخرى تتحدث عن وجود تنظيم سري داخل التنظيم الأردني يعمل لمصلحة أجندات خارجية:
- ما معنى ترخيص الجماعة بعد سبعين عاماً على تأسيسها، تمتعت خلالها برعاية رسمية، من دون الطعن في وجودها؟
جاءت دعوتنا لترخيص الجماعة وتصويب أوضاعها حسب القانون الأردني بناء على حاجة واستشعار أن هناك من يتآمر على الجماعة، وأن المؤامرة على الجماعة ليست قاصرة على ما حدث في مصر والسعودية والإمارات، وقناعتنا الأكيدة أنها ستمتد إلى باقي الدول العربية، ونحن في الأردن جزء من منظومة "الإخوان" العالمية، لذلك نصحنا إخواننا في الجماعة السابقة منذ سنتين بضرورة الترخيص، لأن الترخيص الذي حصلت عليه الجماعة في الأردن عام 1945 جاء على أنها فرع من "الإخوان المسلمين" في مصر، والتي أصبحت قبل سنتين منظمة إرهابية وبالتالي الفرع يلحق بالأصل، وقلنا لهم إن الترخيص يجنّبنا المواجهة التي قد تأتي في أي وقت مع النظام. لكن دعوتنا شُوّهت من قِبل إخواننا، واتُهمنا من قبلهم بأننا نُقصي الجماعة ونفككها، فقررنا، أنا وإخوان حريصون على الجماعة، أن نبادر إلى ترخيص الجماعة حسب أحكام القانون الأردني، وأخذنا الموافقة على ذلك.
- قلت إنكم استشعرتم مؤامرة على الجماعة في الأردن، من يتآمر عليها برأيك؟
ليست مؤامرة بالمعنى الحرفي، لكن الدولة بحاجة إلى أن يسود النظام والقانون على جميع التجمعات الوطنية، و"الإخوان" جزء من التجمعات الوطنية فلا يجوز أن يتبعوا إلى تنظيم خارجي، ولا يجوز أن يكونوا مستثنين من تطبيق القانون، فإذا كانت الدولة سكتت على الجماعة سبعين سنة ضمن أوضاع محددة، وحاجتها إلى الجماعة، فإنها لن تسكت إلى الأبد.
- تقلّدت موقع المراقب العام للجماعة مدة 12 عاماً، لماذا لم تبادر إلى تصويب أوضاع الجماعة القانونية في تلك الفترة؟
يوم كنت مراقباً لم تكن الدولة تعترض على وضع الجماعة أو قانونيتها، وكنا مطمئنين إلى ذلك، ونعارض حين تكون المعارضة في مصلحتنا ونوالي حين تكون الموالاة في مصلحة الجماعة، لكن المستجدات التي طرأت على الوضع العربي والإسلامي في الفترة الأخيرة، فرضت علينا ضرورة تحصين جبهتنا الداخلية، حتى لا يأتي من يسألنا في يوم من الأيام "من أنتم؟".
- حصلتم على ترخيص جمعيتكم الإخوانية مطلع مارس/آذار، وإلى الآن يُنظر إليكم كجماعة معزولة شعبياً، ما موقفكم التنظيمي، ومدى استجابة قواعد "الإخوان" لكم؟
نحن الآن في حوار مع إخواننا في الشُّعَب، توجد لقاءات قريبة حاشدة مع شعب الشمال والوسط والجنوب، لعرض وجهة نظرنا، واقتنع "الإخوان" أو معظم الحريصين على الجماعة أن الحكومة لا تنظر بعين الرضا أو الشرعية إلى الجماعة السابقة. ويطمئنهم أننا لم نغيّر في النظام الأساسي للجماعة السابقة، وما قمنا به إضافة بعض التحسينات عليه، فأضفنا حق الجماعة في العمل السياسي، وهذه إيجابية في توسيع قاعدة نشاط عمل الجماعة، إضافة إلى تعديل العضوية لتشمل سجلاً للعاملين وآخر للمناصرين، ويدخل في سجل المناصرين كل من يؤمن بفكر الجماعة بما فيهم الإخوة المسيحيين، ونحن نريد من ذلك أن نكون حركة مجتمع وليس حركة محصورة.
اقرأ أيضاً: الأردن يسجل جمعية جديدة لـ"الإخوان" تسقط شرعية القائمة
- هل وصلت العلاقة بينكم وبين من تعتبرهم الجماعة السابقة إلى مرحلة القطيعة، وهل يوجد صدام قريب بينكم وبين قيادتها؟
الثابت اليوم، هو أن "الإخوان المسلمين" بثوبهم القديم لم يعودوا قانونيين، ولا وجود لهم، والدولة أفصحت عن نيتها وموقفها بعدم شرعية الجماعة السابقة، عندما منعت احتفاليتها التي كانت تسعى إلى إقامتها بمناسبة ذكرى سبعين عاماً على التأسيس، بعد أن اعترضنا قانونياً على الاحتفالية من منطلق دفاعنا عن جمعيتنا التي جاءت لوقف عدم الشرعية، واليوم لا طريق أمامهم سوى الالتحاق بالجمعية، وحتى لو فكروا بترخيص نفسهم فأقول "فاتهم القطار"، إذ لا يجوز ترخيص جماعتين تحت الاسم نفسه، وبيننا وبينهم القضاء. ما يحدث اليوم اعتبره مشكلة تنظيمية ستنتهي قريباً، إذ إنه لا معنى لوجود الجماعة السابقة من دون أن تمارس نشاطات وتبقى محصورة داخل الغرف، ليعلموا أن المستقبل للجماعة المرخصة.
- تقول إنه ليس أمام "الإخوان" سوى الالتحاق بالجمعية، هل يوجد من قِبلكم "فيتو" على أشخاص محددين؟
نرحب بالجميع، حتى القيادة السابقة لو قررت الانضمام للجمعية، نقول لهم أهلاً وسهلاً، ويعلمون أن القيادة الحالية للجمعية قيادة مؤقتة مدتها ستة أشهر، فليأتوا جميعاً وينتخبوا من يشاؤون حتى لو أمسكت قيادة الجماعة السابقة، بقيادة الجمعية، لا مشكلة لدينا.
- كقيادي تاريخي في "الإخوان"، كيف تبرّر التراجع في العلاقة بين الحركة والدولة، خلال السنوات الماضية؟
التراجع مردّه إلى السياسة التي انتهجها "الإخوان" أخيراً، حين اتخذوا طريق التطرف فحرّموا المشاركة في الانتخابات وقاطعوا الانتخابات النيابية دورتين متتاليتين، وقاطعوا اللقاءات مع رؤساء الحكومات والوزراء، ونزلوا إلى الشارع في فعاليات متواصلة، وبالتالي انعزلت الجماعة عن الدولة، وكان ذلك لشعورهم بالنشوة خلال الربيع العربي ووصول "الإخوان" إلى الحكم في مصر، لكن الأمر لم يستمر وأعقبه انكسار دفع الجماعة في الأردن لطلب الحوار والتواصل الذي كانت ترفضه، أعتقد أنها هنا عادت إلى مربع الواقعية لكن بعد فوات الأوان.
- رفعتم شعار "أردنة" الجماعة، وهو شعار يحمل أبعاداً إقليمية وعنصرية، ما ردكم؟
لا ننكر أن غالبية القائمين على الجمعية من أصول شرق أردنية، لكن أن تُتهم الجمعية بممارسة العنصرية والإقليمية فهذه اتهامات فيها زور وبهتان، نحن نؤكد أن كل من يحمل الجنسية الأردنية هو أردني، وبناءً عليه لدينا من كافة الأصول، أما أردنة الجماعة فنعني بها أن تكون منطلقاتها أردنية وألا تكون تابعة تأتمر بأوامر أي تنظيم خارجي، وهو ما تحتمه المواطنة علينا.
-كيف أصبحت حركة "حماس" جزءاً من خلافاتكم الداخلية، وخصوصاً أنكم اتّهمتم تنظيماً سرياً داخل التنظيم الأردني بالعمل لمصلحتها؟
نحن نؤمن أن الارتباط القانوني مرفوض بين أي تنظيم أردني وتنظيم آخر، أما المناصرة فهو أمر شرعي ومطلوب، نحن نناصر "حماس" في جهادها وكفاحها ودفاعها، نحن مع "حماس"، لكن لا نوافق على أن تتدخل في الشأن الأردني وللأمانة التاريخية أقول إنها حريصة على عدم التدخّل، لكن بعض الإخوة الذين اتخذوا من حماس "مطية" لأغراض وأهداف شخصية وهو ما نرفضه، كان التنظيم الأردني والفلسطيني قبل عام 2006 تنظيماً واحداً لا يوجد فصل، بعد ذلك أصبح التنظيم الفلسطيني قائم بذاته، وأصبحت "حماس" ومن يمثلها مسؤولون عن تنظيمهم الفلسطيني، وأصبح التنظيم الأردني مسؤول عن التنظيم في الأردن.
-هل كان الفصل التنظيمي واقعاً عملياً، أم مجرد حبر على الورق؟
"حماس" بقي لها مناصرون في صفوف "الإخوان" وحلقاتهم وأصبح هؤلاء يعتبرون أن "حماس" أولاً، والقضية الفلسطينية أولاً، وهذا أمر مخالف للمواطنة، الأصل أن الوطن أولاً ثم تأتي القضايا الأخرى، و"حماس" هي أولى القضايا على سلم أولويات "الإخوان" في الأردن بعد القضية الأردنية، هذا الأمر أصبح محل خلاف داخل صفوف "الإخوان"، وهو الخلاف الذي ضرب عميقاً في الجذور.
- عبد المجيد الذنيبات يمتلك علاقة مميزة مع الملك عبد الله الثاني، ما هي جذور هذه العلاقة؟
العلاقة مع الملك اعتبرها إيجابية وليست سلبية أو تهمة كما يُروَّج لها، نحن منفتحون على الجميع، وإذا لم ننفتح على الملك على من ننفتح، على إسرائيل؟ أنا واقعي أمارس الواقعية السياسية التي اعتبرها سبب نجاح إي تنظيم سياسي، لا أسبح في الخيال، أفهم دعوتي وأفهم أن الأساس الذي قمنا عليه في دعوتنا هو إصلاح وليس انقلاب، وأدرك أن الملك يرحب بالإصلاح، ولا يقف في وجه الإصلاح الذي يريد الخير للإنسان الأردني والدولة الأردنية.
- بحكم العلاقة، هل كان الملك منزعجاً من الجماعة؟
الملك وكل أجهزة الدولة كانوا منزعجين.
اقرأ أيضاً: "إخوان الأردن الجدد": مع "حماس" ولكن