انتصر الفلسطيني عبد الكريم الجعبري في معركة قانونية كان فيها الاحتلال هو الخصم والحكم، وسيستعيد أرضه بعد سنوات طويلة من الغياب عنها على الرغم من أنها فقدت معالمها بعد أن أثقلتها الطقوس التلمودية اليهودية داخل كنيس بناه المستوطنون عليها.
والأرض تخلصت من الكنيس بعد صراع كبير في أروقة محاكم الاحتلال، واستطاع الجعبري وهو من مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة، انتزاع قرار يُعيد أرضه إليه بعد أن حُرم منها إبان الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2001، وأُعلنت الأرض آنذاك منطقة عسكرية مغلقة يُحظّر على الفلسطينيين دخولها فيما كانت مشاعاً للمستوطنين واعتداءاتهم.
ويقول الجعبري في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه ومع تكرار المستوطنين بناء كنيس يهودي هدم عدة مرات في أرضه البالغة مساحتها ثمانية دونمات، اضطر قبل ثلاث سنوات عبر أحد المحامين إلى رفع قضية على المستوطنين في محاكم الاحتلال حول قيامهم ببناء كنيس يهودي في أرض تعود ملكيتها له، واستطاع في الثامن عشر من شهر فبراير/شباط الماضي الحصول على قرار من المحكمة العليا يقضي بهدم الكنيس في غضون ستين يوماً من تاريخ صدوره.
ويضيف، بأن الكنيس اليهودي هُدم في الرابع عشر من الشهر الحالي، إلا أن ركامه بقي في مكانه، والأرض لم تُسلّم حتى اللحظة إضافة إلى أن المستوطنين ما زالوا في مكانهم من دون أن يخليهم جيش الاحتلال وفقاً لقرار المحكمة وإعادة الأرض له ولعائلته، وما زالوا أيضاً يقيمون صلواتهم التلمودية في المكان ويحاولون بناء الكنيس من جديد على مرأى جيش وشرطة الاحتلال.
ويلفت الجعبري إلى أن حكاية أرضه تعود للعام 2002 عندما قامت مجموعة متطرفة من المستوطنين بإحراق مئات أشجار الزيتون والعنب والجوز وعشرات أشجار الفاكهة المثمرة، وجرفها قبل بناء الكنيس اليهودي الذي استطاع هدمه عام 2008عن طريق محامي بلدية الخليل وما يسمى بالإدارة المدنية للاحتلال.
ويشير إلى أن الكنيس أعيد بناؤه في ذات العام وبقي لمدة ثلاث سنوات قبل أن يتوجه إلى محاكم الاحتلال ليخوض معركة قانونية مع المستوطنين كبّدته الكثير من الخسائر وعرّضت حياته وعائلته للخطر نتيجة لاعتداءات المستوطنين ومحاولات ترهيبه من أجل التراجع عن قراره والتخلي عنه.
ويعيش عبد الكريم الجعبري برفقة 20 فرداً من عائلته على بعد 20 متراً من مستوطنة "جفعات هافوت" و80 متراً عن مستوطنة "كريات أربع" ذات الأغلبية المتطرفة، فيما يبعد مسافة 40 متراً عن مركز شرطة الاحتلال، ويتعرض بشكل شبه يومي لاعتداءات المستوطنين لا سيما على أبنائه من ذوي الاحتياجات الخاصة.
اقرأ أيضاً: "أملاك الغائبين": أداة الاحتلال للقبض على القدس
وتعرّض أبناؤه لمحاولات دهس كثيرة على الشارع الوحيد المؤدي إلى منزله والذي يتعرض هو الآخر لهجمات بالحجارة بعد منتصف الليل، فيما يتعرض زواره لاعتداءات المستوطنين بغرض ترويعهم وإبقاء الجعبري وحيداً في أرضه. "لن نخرج من أرضنا، هم جاؤوا إلى هنا، وهم من سيرحلون، سنبقى صامدين ولن نغادر إلا للقبور" يقول رداً على تصعيد هجمات المستوطنين.
ويشكو الجعبري إهمال الجهات الفلسطينية ومسؤولي السلطة الفلسطينية له، وعدم زيارته والاطلاع على معاناته التي يدفعها ثمناً لصموده في أرضه كما يقول، فيما يناشد المؤسسات الحقوقية والدولية بزيارته والوقوف إلى جانبه وإلى جانب أبنائه الذين لم يسلموا من بطش المستوطنين.
وسيعود الجعبري ومحاميه للمحكمة من جديد من أجل اخلاء الأرض وإعادتها له نظيفة من المستوطنين وركام كنيسهم، فيما سيبقى في تلك الأروقة للتخلص من ضريبة الأملاك البالغة 22 ألف دولار، التي تم تجميدها لمدة ست أشهر (يدفعها فقط حملة الهويات والجنسيات الإسرائيلية) التي حاول رئيس بلدية "كريات أربع" فرضها عليه كعقاب لبقائه في الأرض، على الرغم من أنه يحمل هوية فلسطينية.