الخيام اللبنانية.. اشتباكات عنيفة ومحاولات توغل إسرائيلية من عدة محاور

31 أكتوبر 2024
الغارات الإسرائيلية تكثفت على الخيام جنوبي لبنان، 31 أكتوبر 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

مواجهات عنيفة بالأسلحة المباشرة شرقي معتقل الخيام جنوبي لبنان

الخيام أيضاً ذات خصوصية ورمزية كونها ضمّت معتقلاً سيئ الصيت

تشهد مدينة الخيام جنوبي لبنان منذ أيام اشتباكات عنيفة بين حزب الله وجيش الاحتلال، بلغ أعنفها اليوم الخميس، وسط محاولات إسرائيلية مستمرّة للتوغل برياً مع استخدام الوسائل الدفاعية الدخانية لتغطية التحرّكات. واندلعت مواجهات عنيفة بالأسلحة المباشرة شرقي معتقل الخيام بين مقاتلي حزب الله وجيش الاحتلال بينما كانوا يحاولون التقدّم في الحيّ الشرقي للمدينة. وذكرت وسائل إعلام تابعة لحزب الله أنّ "طيران الاحتلال تدخّل في المواجهات التي تشهدها مدينة الخيام، وأغار على محيط المعتقل بعد انسحاب قوة المشاة المتسلّلة تحت غطاء دخاني كثيف".

ونفذ حزب الله اليوم الخميس أكثر من عملية عسكرية استهدف فيها تجمّعات لجيش الاحتلال شرقي الخيام بصليات صاروخية وقذائف المدفعية، معلناً أيضاً عن استهداف تجمّعٍ لجيش الاحتلال في وطى الخيام (جنوبي شرق البلدة) أربع مرّات حتى ساعات بعد الظهر، وكذلك استهداف دبابة ميركافا وآلية عسكرية للاحتلال الإسرائيلي في المنطقة نفسها بصاروخين موجهين، ما أدى إلى ‏اشتعالها وإيقاع طاقميهما بين قتيل وجريح.

وانتقل الحشد العسكري الإسرائيلي البري إلى الخيام بعدما شهد محيط بعض أحياء قرى جنوب لبنان عند الحدود اللبنانية الفلسطينية في الفترة الماضية العديد من محاولات التقدّم لجيش الاحتلال باتجاه هذه القرى بهدف احتلالها والسيطرة عليها. وتصدّى حزب الله للمحاولات الإسرائيلية بحسب ما نشر الإعلام الحربي، يوم الاثنين الماضي، عند أكثر من محور؛ الأول يمتدّ من الناقورة غرباً وصولاً إلى مروحين شرقاً، الثاني يمتدّ من راميا غرباً وصولاً إلى رميش شرقاً، (عيتا الشعب ضمنًا)، ومن رميش وصولاً إلى عيترون شرقاً، الثالث يمتدّ من بليدا جنوباً وصولاً إلى حولا شمالاً، الرابع يمتدّ من مركبا جنوباً وصولاً إلى قرية الغجر اللبنانيّة المُحتلّة في الشمال الشرقي، والخامس يمتدّ من قرية الغجر وحتى مزارع شبعا اللبنانية المحتلة.

Image
نهر الليطاني.. عنوان متجدد مع كل عدوان إسرائيلي على لبنان

الخيام.. أهمية استراتيجية وخصوصية رمزية

وتقع بلدة الخيام في أقصى الجنوب الشرقي من الأراضي اللبنانية، بحيث تتصل أراضيها بسهل الحولة في فلسطين المحتلة، والأراضي السورية المحتلة (بلدة الغجر) التي يفصلها عن بلدة الوزاني، نهر الوزاني، حيث تمثل جزءاً من المثلث اللبناني السوري الفلسطيني، الأمر الذي يجعل منها موقعاً استراتيجياً مهماً جداً. وبحسب موقع بلدة الخيام، فإنّ حدودها الجنوبية هي سهل الحولة وجزء من شمال فلسطين، يمثل اليوم بعض المستوطنات الإسرائيلية، ويفصلها من الشرق عن جبل الشيخ (حرمون) وادي نهر الحاصباني الذي تقع على ضفته الشرقية بلدة المارية وعلى ضفته الغربية سهل الوطى الذي يعتبر امتداداً لوادي التيم، بينما يحدّها من الشمال إبل السقي التي تصل أراضيه إلى تخوم الخيام، ويحدّها من الغرب سهل الخيام (سهل مرجعيون) الذي يفصلها عن جديدة مرجعيون (مركز القضاء) وبلدات القليعة وبرج الملوك.

 

وتُعدّ الخيام أيضاً ذات خصوصية، ورمزية، عدا عن كونها من أكبر المدن جنوبي الليطاني، من حيث عدد السكان، فهي ضمّت معتقل الخيام لفترةٍ طويلة، بحسب ما يقول الأستاذ الجامعي والناشط السياسي والحقوقي علي مراد لـ"العربي الجديد". وكان معتقل الخيام مبنياً على تلة تطلّ على البلدة داخل مجمّع أقامه الفرنسيون عام 1933 وذلك أيام الانتداب الفرنسي على لبنان، وبعد الاستقلال تسلّم الجيش اللبناني الثكنة وبقي يستعملها كمعسكر إلى حين استولت عليه إسرائيل عام 1985 أثناء اجتياحها واحتلالها الجنوب اللبناني، وذلك قبل إغلاقه نهائياً في العام 2000 أي بعد التحرير، مع الإشارة إلى أنه ضمّ مساجين لبنانيين وفلسطينيين معتقلين من دون محاكمة، وقد تحدثت صحيفة "هآرتس" في تقرير لها في مارس/ آذار عام 2022، عن أن جهاز المخابرات الإسرائيلية اضطر للكشف عن وثائق تبين ارتكاب جيش الاحتلال فظائع في تعذيب آلاف الأسرى في المعتقل.

ويقول مراد لـ"العربي الجديد"، إنّ "الإسرائيلي واضح أنه ينتقل من منطقة إلى أخرى لتدميرها وتهجير سكّانها، إذ إنه بعد استهداف محيبيب وبليدا وعيترون وعيتا الشعب وغيرها من القرى الحدودية، فعل نفس الشيء في النبطية، إذ توجّه نحو صور جنوباً ثم محافظة بعلبك الهرمل، ملحقاً دماراً هائلاً وتهجيراً وسعاً". ويلفت مراد إلى أنّ "الاشتباكات في الخيام هي مماثلة لما يحصل في بقية المناطق على صعيد ضرب البنية التحتية لحزب الله، إلى جانب التدمير الكامل لأيّ إمكانية للحياة"، معتبراً أنّ "هدف العدو فرض واقع جديد إما لاستمراره لمدة طويلة أو لخلق واقعٍ تفاوضيٍّ وتحسين شروطه التفاوضية بمعنى اشتراط شكل وقيود العودة بعد مرحلة وقف إطلاق النار".

في سياق متصل، قال النائب في البرلمان اللبناني فراس حمدان، إن "العدو الإسرائيلي يرفض إعطاء الإذن للإسعاف للدخول من أجل إنقاذ 20 مواطناً من المدنيين أغلبهم أطفال ونساء في منطقة وطى الخيام". وأشار النائب عن الجنوب في منشورة عبر منصة إكس، اليوم الخميس، إلى أن "هؤلاء لا يزالون تحت الأنقاض منذ 72 ساعة، من دون الوصول لأي مساع جدية لإنقاذهم، وسط تعتيم إعلامي بفعل العدو". وأضاف: "تواصلت مع اليونيفيل والجيش اللبناني والصليب الأحمر الدولي واللبناني، وإلى الآن الجواب واحد، لا إذناً من العدو الاسرائيلي لأي فرصة للدخول وإخلائهم سواء كانوا جرحى أو شهداء". وناشد حمدان "وزارة الخارجية اللبنانية والحكومة وجميع الهيئات المعنية باتخاذ أسرع الإجراءات من أجل وصول طواقم الإسعاف لمناطق النزاع وفق ما تنص عليه أحكام القانون الدولي الإنساني".

وعلى وقع انتظار نتائج حراك وقف إطلاق النار ولا سيما الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، عبر وسيطها عاموس هوكشتاين، يكثف جيش الاحتلال من عملياته على الأراضي اللبنانية، أبرزها اليوم في الجنوب، حيث شملت أوامر الإخلاء للمرة الأولى مخيم الرشيدية للاجئين الفلسطينيين في صور، كما استكملت إسرائيل مجازرها في بعلبك شرقي لبنان. من جهته، يصعّد حزب الله في عملياته العسكرية اليومية، قاصفاً اليوم الكريوت شمال مدينة حيفا بصلية صاروخية كبيرة، إلى جانب استهدافه العديد من تجمّعات وقواعد جيش الاحتلال.

وتؤكد أوساط حزب الله أنّ القوة الصاروخية في المقاومة مستمرّة في استهداف تحشّدات الاحتلال في المواقع والثكنات العسكرية على طول الحدود اللبنانية الفلسطينية، وصولاً إلى القواعد العسكرية والاستراتيجية والأمنية في عمق فلسطين المحتلة بمختلف أنواع الصواريخ ومنها الدقيقة التي تستخدم للمرة الأولى. كما تشير إلى أنّ القوة الجوية في المقاومة تواصل وبتدرّج متصاعد استهداف قواعد الاحتلال العسكرية من الحدود اللبنانية الفلسطينية وصولاً إلى عمق فلسطين المحتلة.

وبلغت حصيلة خسائر الاحتلال بحسب غرفة عمليات المقاومة، في بيان أصدرته يوم الاثنين الماضي، ومنذ بدء ما أسمته إسرائيل "المناورة البريّة في الجنوب"، ما يزيد عن 90 قتيلاً وأكثر من 750 جريحاً من ضباط وجنود جيش الاحتلال الإسرائيلي، بالإضافة إلى تدمير 38 دبابة ميركافا، و4 جرّافات عسكريّة وآلية هامر وآلية مُدرّعة وناقلة جند، وإسقاط 3 مسيّرات من طراز "هرمز 450" وواحدة من طراز "هرمز 900". وقالت العمليات إنّ "هذه الحصيلة لا تتضمن خسائر الاحتلال الإسرائيلي في القواعد والمواقع والثكنات العسكريّة والمستوطنات والمدن المحتلة"، مؤكدة أن "جيش الاحتلال لم يتمكّن من إحكام السيطرة أو احتلال أي قرية بشكل كامل من قرى الحافّة الأماميّة في جنوب لبنان".