وتقع المخيسة شمال شرقي محافظة ديالى، في منطقة زراعية يحدها نهر ديالى، وشهدت مؤخرا عودة 150 عائلة إلى مساكنها التي هجرت منها بعد جهود بذلها زعماء قبليون وسياسيون وأعضاء برلمان لإعادة تطبيع الأوضاع في البلدة التي أنهكتها هجمات المليشيات المسلحة، وتنظيم "داعش"، بسبب موقعها الجغرافي على مفترق طرق بين بعقوبة مركز المحافظة والحدود الدولية للعراق مع إيران.
لم تكد مشاهد العنف تفارق مخيلة العوائل العائدة، حتى أطلت برأسها مجددا بعد أن عاودت المليشيات استخدام قذائف الهاون لإيصال رسائل مفادها أن عودة السكان إلى البلدة مرفوضة، خاصة أن القذائف سقطت في مناطق دون غيرها قرب بلدة أبو صيدا المجاورة.
وأكد مسؤول في قيادة عمليات ديالى، أن عودة قذائف الهاون مقصودة، والتحقيقات تشير إلى جهات معترضة على عودة الأسر النازحة، في إشارة إلى فصائل مسلحة ضمن مليشيات "الحشد الشعبي". لافتا إلى أن "6 قذائف هاون سقطت على أطراف البلدة، ولم تسفر عن أي أضرار بشرية".
وأكد المسؤول العسكري أن "القصف الأخير يهدد مساعي إعادة الهدوء إلى بلدات منطقة الوقف الثلاث شمال شرقي ديالى، وهي المخيسة، والكبة، وأبو صيدا. بدأنا تحقيقا لمعرفة الملابسات، ونسعى أن يكون هناك تعاون لاستتباب السلم فيها".
من جهته، قال الشيخ فاضل الجبوري، لـ"العربي الجديد"، إن "150 عائلة عادت إلى البلدة بجهود بذلها عدد من شيوخ المحافظة الذين راعتهم مشاهد المعاناة الإنسانية لتلك العوائل التي تعرضت للتهجير القسري تاركة منازلها وأعمالها. تمكنا من خلال الضغط على الحكومة المحلية من الحصول على موافقات وضمانات أمنية، واستطعنا أن نعيد تلك العوائل".
وأوضح: "نأمل في إعادة دفعة ثانية من العوائل، لكن ما حدث من قصف سيهدد السلم الأمني مجددا، وفصائل المليشيات التي لا تريد عودة الأهالي تعمل على تنفيذ مخطط إبعادهم من خلال تلك القذائف، إذ إنها تريد نشر الرعب بالبلدات لتمنع عودة الأهالي بداعي أن المناطق مازالت غير مستقرة، وتشهد أعمال عنف".
وحمل الجبوري الحكومة المحلية وقيادة الشرطة "مسؤولية حفظ أمن العوائل النازحة، وأمن المناطق، وفتح تحقيق لكشف الجهات التي تنفذ عمليات القصف، ولاسيما أنه لا وجود لبقايا داعش في المنطقة، ما يعني أن أي قصف ينفذ ستكون المليشيات مسؤولة عنه بهدف ترويع الناس، وخلق حجة لعرقلة عودة النازحين".
وأكد أبو محمد، وهو أحد العائدين إلى المخيسة، لـ"العربي الجديد"، أن "الوضع في البلدة مستقر حاليا، لكن عمليات القصف والعنف سيكون لها تبعات خطيرة"، ومخطط المليشيات هو فرض سيطرتها على بلدات الوقف، وعلى الجهات الأمنية تحمّل مسؤولية توفير الحماية، وفرض السيطرة، ومنع المليشيات من تنفيذ مخططاتها".
ومازالت المليشيات المرتبطة بـ"الحشد الشعبي" تفرض سطوتها على أغلب مناطق محافظة ديالى المرتبطة حدوديا مع إيران، رغم الدعوات التي يطلقها الأهالي ونواب المحافظة لإبعاد تلك المليشيات، وتسليم الملف الأمني الى أجهزة الأمن الحكومية.