أصدرت وزيرة العمل اللبنانية في حكومة تصريف الأعمال، لميا يمين دويهي، أمس الثلاثاء، قراراً يتعلّق بعقد العمل الموحّد الخاص بالعاملات أو العمّال في الخدمة المنزلية، وذلك تنظيماً لعلاقة العمل فيما بينهم وبين أصحاب العمل.
وتقول وزيرة العمل اللبنانية، لميا يمين دويهي، لـ"العربي الجديد"، إنّ عقد العمل الموحّد، "خطوة متقدّمة جدّاً باتجاه إلغاء نظام الكفالة، والأهمية تبقى طبعاً في التطبيق، لكن الكفالة تقضي بتحرير العاملة من صاحب العمل، وبمجرد منحها حق فسخ عقد عملها، فهذا أساسي جداً في إطار إلغاء نظام الكفالة"، مشيرة إلى "تنسيق يحصل مع المديرية العامة للأمن العام، كي لا يطالبوا بتنازل الكفيل حتى تنتقل إلى صاحب عمل آخر، كي نحقق خطوتنا بشكل متكامل".
أصدرت وزيرة العمل لميا يمين قراراً يتعلق بعقد العمل الموحّد الخاص بالعاملات / العمّال في الخدمة المنزلية وذلك تنظيماً لعلاقة العمل فيما بينهم وبين أصحاب العمل.#وزارة_العمل #عقد_عمل_موحد#UnifiedContract #MigrantWorkers@iloarabstateshttps://t.co/mAkDtX2lyR pic.twitter.com/1oGm4mah91
— Lamia Yammine Douaihy (@lamiayammine) September 8, 2020
وتشير إلى قانون صدر بموازنة عام 2020، يسمح لكلّ العمال الموجودين على الأراضي اللبنانيين غير النظاميين بتسوية أوضاعهم والانتقال إلى صاحب عمل جديد، "وهذه تجربة قد تكون مهمة للأمن العام أيضاً حتى رؤية كيفية انتقال العاملة من صاحب عمل إلى آخر"، بحسب الوزيرة.
بالتوازي مع هذه الخطوة، تقول دويهي إنّ وزارة العمل "أطلقت سابقاً الخط الساخن 1741، وهناك 6 مساعدات اجتماعيات يتلقين الاتصالات من العاملات، ومنهنّ في الخدمة المنزلية، وضمن آلية محددة وضعت مع منظمة العمل الدولية وجمعيات عدّة، نعوّل جداً على تعاونهم ونشكر الجهود التي تبذلها في الملفات برمتها"، مذكّرة أيضاً بأنّ "لجنة في الوزارة تتلقى الشكاوى التي ترد من السفارات، وهناك متابعة لكل ملف في ظل تنسيق متواصل مع الأمن العام بهدف حصول تسهيلات لناحية العودة الطوعية إلى بلادهنّ".
ديالا حيدر، وهي مسؤولة حملات لبنان في منظمة "العفو" الدولية، تقول لـ"العربي الجديد"، إنّ العقد الذي أقرته وزارة العمل أخيراً، "أفضل بكثير من العقد الذي أقرَّ عام 2009، وكان لا يزال يُعمَل به، حيث إنّ هناك حقوقاً عدّة كرّست للعاملة في العقد الجديد، منها حقها في إنهاء عقد العمل والاستقالة وتغيير صاحب العمل من دون أن تخسرَ إقامتها، وربط أجرها بالحد الأدنى للأجور، ما من شأنه أن يكرّس المساواة، بينما كان هناك تمييز للعاملات بحسب الجنسية وتبعاً لكلّ مكاتب الاستقدام".
وتضيف: "كذلك يكرّس العقد الجديد حق العاملة بالاحتفاظ بجواز سفرها الذي كان يصادر بشكل بات أشبه بممارسة عرفية، وأوراقها الثبوتية وإقامتها وتصريح عملها، مع حرية التواصل والتنقل والإقامة خارج منزل صاحب العمل إذا رغبت بذلك، والحصول على غرفة لها داخل المنزل ما يؤمن خصوصيتها، وهذه مطالب طالبنا بها، وكنا كمنظمة العفو ضمن اللجنة التي شاركت بوضع خطة عمل لإنهاء نظام الكفالة، من ضمنها اقتراح عقد عمل جديد وفق المعايير الدولية".
وتؤكد حيدر أنّ "العقد مهمّ، لكن الأساس يبقى بوجود آلية تنفيذ واضحة، فحتى عقد العمل الحالي كان يتضمن بنوداً تكرس حقوقاً للعاملة ورأينا كيف أنّه نتيجة الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها لبنان تمّ رمي العاملات في الشارع من دون منحهن مستحقاتهن الشهرية وأمتعتهنّ وجوازات سفرهنّ، ولم تتمكن وزارة العمل من إلزام أصحاب العمل بتطبيق بنود عقد العمل، حتى بعضهم رفض دفع تذكرة السفر لعودة العاملة إلى بلادها".
وتشدد حيدر على أنّه "في ظلّ غياب آلية صارمة لتنفيذ بنود عقد العمل، يبقى حبراً على ورق، ثمّ إن هناك بنوداً تحتاج إلى شرح، وفق أي آلية ستطبقها وزارة العمل، مثل البند الذي يكرس حق العاملة بتغيير صاحب العمل يتطلب وجود آلية واضحة لناحية كيفية إشراف وزارة العمل وتطبيقه، وإذا دخل حيّز التنفيذ من دون آلية سيكون هناك مشاكل كثيرة".
حيدر: عقد العمل يجب أن يترافق مع آلية فسخ واضحة وآلية شكاوى فعالة، وآلية تنفيذ صارمة لكافة بنوده
وتشير إلى أن "عقد العمل على أهميته وضرورة أن يكون مرفقاً بآلية تنفيذ واضحة، يبقى خطوة باتجاه إلغاء نظام الكفالة ولا يعني إلغاءه، ونحن سبق أن قدّمنا خطة شاملة لوزارة العمل، تضيف إلى العقد الجديد، تعديل قانون العمل ليشمل العاملات بحمايته، ويمنح العاملات المهاجرات الحق بالانضمام إلى النقابات العمالية والانتخاب والترشح ليحصلن على حق التفاوض لتحسين ظروف عميلهم".
وتشدد كذلك على ضرورة "مراقبة وتفتيش جدي لكل مكاتب استقدام العاملات لمكافحة حالات الغش والخداع والاتجار الذي يتعرّض له عدد العاملات المهاجرات، وتطبيق فعلي لقانون مكافحة الاتجار، حيث إن استغلال العاملة يبدأ قبل أن تأتي وهي حلقة متكاملة يجب معالجتها من جميع جوانبها".
تبعاً لذلك، ترى مسؤولة حملات لبنان في منظمة "العفو" الدولية، في حديثها، أنّ "عقد العمل يجب أن يترافق مع آلية فسخ واضحة وآلية شكاوى فعالة، وآلية تنفيذ صارمة لكافة بنوده كي لا يفلت أصحاب العمل من العقاب، مع ضرورة تدريب السلطات الأمنية على مساعدة العاملات اللواتي تعرضن للعنف أو سوء المعاملة، وتسهيل حصولهنّ على الرعاية الطبية والوصول إلى القضاء ومنح السلطات القضائية عاملات المنازل اللواتي قدّمن شكاوى ضد أصحاب العمل إقامات، بأثناء النظر في القضايا وعدم ترحيلهنّ".
وبالتالي، ترى حيدر أنّ "إلغاء نظام الاستغلال، وهو المعروف بنظام الكفالة، يتطلب خطة عمل شاملة لوضع حدّ للنمط المعيب لانتهاكات حقوق الإنسان وحقوق العمل التي تعاني منها عاملات المنازل المهاجرات في لبنان".