لماذا أرْتَعِبُ الآن
مِنْ وجهي:
قِناعي الأليفُ السّمْحُ
أنْتَ فاطِرُهُ إلهي
فَلِماذا كلّما عَبَسْتُ
أبْلَيْتُه
وابْتَأسْتُ؟
إلهي
بَدِّدْ هذي الوَحْشة عنّي
أنِرْ لي طريقي
بشمْعَةٍ
أو بلمْعَةٍ
مِنْ نورِكَ الوضّاءْ
وَنَقّهِ إلهي من الأشواكِ
والعَثَراتْ
مثلًا:
خُذْ أعدائي
نَكَدًا...
نَكَدًا...
إلى نزهةٍ في الجنّة خُذْهم
أو إلى شَوْطٍ في السعيرْ
أرْسِلهم إلى حربٍ خاسرةٍ
أو إلى منفى سحيقْ
انْشُشْهُمْ كالذّبابِ
يتفرّقوا عن نزيفي
اكْنُسْهُمْ كأوراق الخريفِ
أزِحْهُمْ عن رصيفي
وأرِحْني
أعلِمْهُم أنّ الأرض
التي خَلَقْتَ
رَحْبةٌ كَسَماءْ
كَيْ يَغْرُبوا عن سيرَتي
لتُشرِق سَرِيرتي
فَأرى وجهي
ناصعًا في المرآة
أريدُ أن أبقى
بشوشًا
كما خلقْتَني
أوّلَ مرّةٍ
نَزِقًا جَذِلًا
- ما هَمَّ -
غافِلًا وسعيدًا
وَلا تَنْسَ أصدقائي
- سُعاةَ الشّؤم مِنْهم -
يتعهّدون كَدَري
بالدّواهي
والأخبار السوداءْ
يَذْكُرونَني
متى حَلّتْ
في أقصى الأرْضِ
نائِبَةٌ
وَيُحوِّلون حائطي الفيسبوكَ
إلى مَبْكى
ضاربين في ظلّه
خيامَ العَزاءْ
يرْجُمون رَوِيّتي
بِنَقَراتٍ مُسْتَعِرَةٍ
وَبِالعويل يُجْهِشون
أبْعِدْ عنّي
أشباهَ الدّواعِشِ مِنْهم
يدَّعون الوعظ
والذّود عن الحوضْ
ليُغْرِقوا إنْبوكسي
بفيديوهاتٍ
يقشعرُّ لِهَوْلِها الوِجْدانْ
ناعقين في وجه الحياة
كما لو أنّ رحمتَكَ
لم تَسَعْ كلّ شيءْ
إلهي
حَوِّلهم إلى غربانٍ تَنْعَبُ
بعيدًا عن هَدْأتي
وَسُكوني
لو مسخْتَهم بومًا
كان أحْرى
أو صَيَّرْتهم إلى عُثَثٍ ثَمِلَةٍ
لِمَ لا، إلى ديدان؟
بِجاهك أيّها الرّحمان
ارحمني من التّاغ
والهاشتاغ
لقصائدَ
تفوح منها روائح الكحول
والجنس والنيكوتينْ
وتعُجُّ بأخطاء النّحو
والصّرف والإملاءْ
لِشعراءَ يُجاهِرون بالرّكاكات
وَيُفاخِرون باللّايكات
كُلّهم امْرُؤُ فَيْسِ زمانِهِ
وكُلّهم في رَهْطِه فحْلٌ
وفي قوْمِه شهيرْ
أبْعِدْ شِعْري
يا ربُّ
عن نَثْرهم
أريدُ أن أبقى
ثاويًا
بين المَبْنى والمَعْنى
أُراوِد طيفَ المَجازْ
أكتبُ كلّما سَنَح لي
ولا بأسَ إنْ أسفَفْتُ
فالشعرُ قليلٌ
يا إلهي
أنتَ تعرفُ
وأنا لا أُباري أحدًا
وَلا أُجاري أبدًا
أنْظُمُ فوضاي
مُشَتِّتًا وساوسي
كيفما اتّفَقَ
وَدونما ادِّعاءْ
أحاولُ أثَرًا
قد تَمْحوه الرّيح
أو تَطْمِسُه الخطى
أُهيل المراثي
على جثّةِ السُّؤْدَدِ
وأفكّر في سماءٍ زرقاءَ
وجنّةٍ صغيرةٍ
هنا
على هذه الأرضْ
فأنا
لا أنشُدُ الخلودَ
إلهي
وَلا أطلبُ المجدْ.
بروكسل، أبريل 2015