سيطر الدفاع المدني في مكة المكرمة على حريق أضرمه عدد من عمال شركة بن لادن للمقاولات والإنشاءات في سبع حافلات ضخمة، كانت متوقفة بالقرب من سكنهم.
وأكد المتحدث الرسمي للإدارة العامة للدفاع المدني في العاصمة المقدسة، الرائد نايف الشريف، أن الحادث لم تنجم عنه إصابات في الأرواح، وأضاف: "باشر فريق التحقيق في الإدارة التعرف إلى مسببات الحادث بالتنسيق مع الجهات المعنية، وما زالت التحقيقات جارية"، وجاهد الدفاع المدني في محاولة منع وصول النيران إلى الحافلات الأخرى التي أشعلها العمال احتجاجا على تأخر رواتبهم.
وتأتي هذه الحادثة بعد نحو ثلاثة أيام من فتح هيئة الطيران المدني تحقيقاً في حادث دهس خمسة عمال بسيارة أحد مسؤولي شركة بن لادن، خلال تجمّعهم أمام مكتب تابع للشركة في جدة للمطالبة بصرف رواتبهم المتأخرة، فيما أكد مكتب وزارة العمل في مكة المكرمة أنه يتابع الحادثة وتم إيقاف جميع الخدمات عن الشركة.
وكان عدد من عمال الشركة قد قاموا بتنظيم تجمع احتجاجي أمام مكتب الشركة بمشروع مطار الملك عبدالعزيز الجديد في جدة، الأربعاء الماضي، للمطالبة بصرف رواتبهم المتأخرة منذ أربعة أشهر، وأقدم بعضهم على تهشيم سيارات الشركة وتحطيم مكاتبها ومحتوياتها، فيما حاول أحد مقاولي الشركة الهرب من الموقع بسيارته، واصطدم بعدد من العاملين، ما تسبب في وفاة أحدهم دهساً وإصابة آخرين.
وشدد المتحدث الرسمي لهيئة الطيران المدني، عبدالله الخريف، على أن الهيئة تحقق بالتعاون مع الجهات الأمنية لمعرفة ملابسات الحادثة وأسباب وقوعها، فيما قال مدير المركز الإعلامي بفرع وزارة العمل في منطقة مكة المكرمة أحمد الغامدي إن فريق التفتيش بالفرع تابع الوضع بمقر المشروع منذ وقوع الحادثة، مشيراً إلى أنه تم تطبيق جميع الغرامات وإغلاق النظام على الشركة.
وكشف الغامدي أن المكتب تلقى شكوى من 1150 عاملاً حول تأخر شركة بن لادن في صرف رواتبهم، وتم التعامل مع الشكوى، والاتفاق مع الشركة على سرعة إنهاء الإجراءات الخاصة بتسليم كامل المستحقات للعمالة وإنهاء العقود والتسفير النهائي.
وتدهورت أوضاع الشركة بشكل كبير، منذ أن أصدرت الحكومة السعودية عقوبات قاسية عليها على أثر حادثة وقوع رافعة في الحرم المكي مطلع موسم الحج الماضي وراح ضحيته نحو 107 حجاج، وإصابة 232 آخرين، وتم منع الشركة من أية مشروعات حكومية مستقبلا، مع تعليق جزء كبير من مستحقاتها المالية لدى الدولة لدفع الغرامات الكبيرة التي فُرضت عليها، وتسبب ذلك في انكشاف الشركة على ديون بأكثر من 30 مليار دولار، الأمر الذي جعلها عاجزة عن دفع مرتبات موظفيها لأكثر من خمسة أشهر، حتى بعد أن بدأت الدولة في دفع مستحقاتها المتأخرة.
وأكدت مصادر داخل الشركة أن البنوك الدائنة باتت تسحب كل المبالغ التي تدخل في حساب الشركة من وزارة المالية، ما جعلها لا تستطيع توفير السيولة اللازمة لتأمين الرواتب، وفي مارس/آذار الماضي أعلنت الشركة أنها ستستغني عن أكثر من 50 ألف موظف، يمثلون الدفعة الثانية من الاستغناءات بعد أن استغنت أواخر عام 2015 عن 15 ألفا.
ورفض غالبية العمال المستغنى عنهم السفر إلى بلادهم من دون الحصول على رواتبهم، الأمر الذي دفعهم للاحتجاج أكثر من مرة أمام مبنى الشركة، وقبل نحو أسبوع قام نحو ألف من العمال المحتجين بفصل التيار الكهربائي عن مبنى الشركة في جدة، بعد تجمعهم داخل الشركة، ما دفع بالشركة إلى إخراج جميع موظفيها قبل انتهاء الدوام الرسمي، كما قاموا بتحطيم ممتلكات الشركة ومهاجمة موظفي الإدارة، ولم يكن هذا الاحتجاج الأول، إذ سبقته عدة احتجاجات في الرياض وجدة ومكة المكرمة.