كشف رئيس مجلس إدارة شركة الشرق الأوسط للتصنيف الائتماني (الوحيدة في مصر)، "ميريس"، الدكتور عمرو حسنين، أن مصر بحاجة إلى تحقيق معدل نمو 7% سنوياً لمدة خمس سنوات متتالية للخروج من عنق الأزمات الحادة التي تواجهها الآن، وأكد أن التصنيف الائتماني لمصر مُتدنٍ الآن بفعل الاضطرابات.
* تواجه مصر الآن أزمات اقتصادية طاحنة تتجلى في تفاقم مؤشرات البطالة والفقر وعجز الموازنة، ففي رأيك ما هي معدلات النمو التي تحتاج البلاد إلى تحقيقها للتغلّب على هذه الأزمات؟
* تواجه مصر الآن أزمات اقتصادية طاحنة تتجلى في تفاقم مؤشرات البطالة والفقر وعجز الموازنة، ففي رأيك ما هي معدلات النمو التي تحتاج البلاد إلى تحقيقها للتغلّب على هذه الأزمات؟
- أولاً منظومة العمل كانت شبه متعطلة على مدار ثلاث سنوات منذ اندلاع ثورة 25 يناير 2011، ما أدى إلى تكبّد مصر خسائر تصل إلى 40 مليار دولار. ويمكن الاستدلال على هذا الرقم بقياس الاحتياطي النقدي الأجنبي الذي انخفض من 36 مليار دولار في نهاية 2010 إلى رصيد سلبي، أي أقل من الصفر، في حالة حسم الودائع والمساعدات النقدية التي تلقتها مصر.
أما البُعد الثاني، فيتعلق بالشقِ السياسي، فنحن لم ننجز خارطة الطريق السياسية بالكاملِ حتى الآن، فيتبقى إجراء الانتخابات البرلمانية حتى تتحول المساندة السياسية الإقليمية والدولية لمصر إلى دعم اقتصادي، نظراً لأنه لا يمكن ضخ استثمارات كبرى دون تقييم توجهات البرلمان وحجم الخلافات المحتملة مع الحكومة في معالجة المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. كذلك مجابهة عمليات الارهاب ومظاهر الفساد والبيروقراطية التي تعتري الأجهزة الحكومية التي ستتولى تنفيذ خطط الدولة.
وبناءً على هذه الأرضية، فإن البلاد تحتاج إلى تحقيق معدل نمو يراوح بين 6% إلى 7% سنوياً للناتج المحلي الإجمالي لمدة 5 أعوام متتالية، وليس 3% فقط، وفقاً لمستهدفات الحكومة خلال العام المالي 2014-2015، وذلك حتى تتمكن مصر من إغلاق فجوة عجز الموازنة البالغة 12.8% من الناتج المحلي الإجمالي، وتوفير فرص عمل جديدة لأكثر من 700 ألف وافد جديد سنوياً إلى سوق العمل.
* ما هي أبرز القطاعات الاقتصادية التي يمكن الاعتماد عليها لتحقيق معدل نمو 7% سنوياً؟
حين نعود بالذاكرة سبع سنوات إلى الوراء، سنجد أن مصر نجحت في تحقيق معدل نمو 7% في العام المالي 2007-2008 بفضل تنوع القطاعات الاقتصادية المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي. أبرزها القطاع السياحي الذي بإمكانه تحقيق إيرادات قدرها 12 مليار دولار على غرار السنوات السابقة للثورة فور استعادة الاستقرار الأمني. إضافة إلى قطاع الزراعة وما يرتبط به من صناعات غذائية، والصناعات اللوجستية والموانئ والعقارات والمقاولات والتعدين والصناعات التحويلية والبترولية.
* ولكن كيف نتحدث عن دور الصناعات التحويلية في تحقيق النمو، في حين تعمل معظم المصانع بنحو 50% من طاقتها الحقيقية بسبب نقص إمدادات الطاقة؟
هذه حقيقة لا يمكن إنكارها عند تحليل المشهد الاقتصادي. لذلك توجهت الدولة نحو إقرار التعريفة الموحدة لشراء الطاقة المتجددة، مثل الرياح والشمس، من القطاع الخاص لأول مرة، بهدف خلق مصادر جديدة للطاقة، وفي الوقت نفسه عدم تحمّل تكاليف إنشاء هذه المحطات الكهربائية.
* في ضوء الوضع الاقتصادي للبلاد، كيف تُقيّم تقارير التصنيف الائتماني الصادرة من المؤسسات الدولية لمصر؟
رغم أن هناك مؤسسات تصنيف ائتماني دولية، مثل فيتش، رفعت التصنيف الائتماني للقروض طويلة الأجل التي حصلت عليها مصر من B-إلى B+، مع تغيير مؤسسة موديز النظرة المستقبلية للاقتصاد المصري من سلبي إلى مستقر مع الاحتفاظ بتصنيف CAA1، إلا أن هذه التصنيفات تُعتبر متدنية للغاية. وآلت مصر إلى هذا الوضع الائتماني السيئ نتيجة الأزمات الاقتصادية والسياسية العديدة التي شهدتها على مدار السنوات الثلاث الماضية.
ومع ذلك، ما زالت مصر تمتلك فرص استعادة تصنيفها الائتماني كما كان قبل ثورة يناير عند مستوى BB+، شريطة اتسام البرلمان المرتقب بالتوافق السياسي لضمان عدم دخول الحكومة والبرلمان في صراع، مع حل أزمة الطاقة واستعادة الاستقرار الأمني.
* هل يؤثر التصنيف الائتماني المتدني الحالي على قدرة مصر لطرح سندات في الخارج بالدولار الأميركي لتوفير احتياجاتها التمويلية بالنقد الأجنبي؟
بالطبع سيؤثر سلباً. فالتصنيف الائتماني يلعب دوراً رئيسياً في حساب فائدة الاقتراض، إذ إنه يعطي مؤشراً لقدرة الدولة على سداد القروض في الآجال المتفق عليها دون تأخير، وتحديد مستويات المخاطرة في الوفاء بالالتزامات.
وفي ظل التصنيف الائتماني الحالي، لن تقل الفائدة الممنوحة على القروض الدولارية التي ستحصل عليها مصر عن 3%.
* في رأيك، ما مدى مناسبة التوقيت الحالي لبدء جولة محادثات جديدة مع صندوق النقد الدولي للحصول على حزمة قروض تساعد في سداد التزامات البلاد المحددة بالدولار؟
الحكومة كانت واضحة تماماً في هذه النقطة، بالتأكيد على أن الوقت الحالي لن يشهد مساعي اقتراض من صندوق النقد الدولي، وهو قرار صائب. ورغم إصدار بعثة الصندوق، التي زارت مصر خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، تقريراً يُشيد بالإصلاحات الهيكلية بالموازنة العامة للدولة عقب تقييم الأداء الاقتصادي للبلاد، إلا أنه ما زال هناك عدداً من الملفات المفتوحة التي ينبغي إحراز تقدم بها قبل التوجه للصندوق. وتأتي على رأس هذه الملفات عجز الموازنة المرتفع وتقلّبات سعر صرف الجنيه، وانخفاض معدلات النمو، واستكمال خطة هيكلة دعم الطاقة والمواد الغذائية.
* وجهت العديد من الجهات في مصر اتهامات لمؤسسات التصنيف الدولية تصف تقاريرها بعد الثورة بالمُسيّسة، فكيف ترى هذه الاتهامات؟
النقد الموجّه لمؤسسات التصنيف قد يكون صائباً في حالات محددة، مثل منحها تصنيفات غير دقيقة لمؤسسات مالية أميركية في 2008، ما أدى إلى تفاقم الأزمة المالية العالمية. ولكن في المقابل تقارير هذه المؤسسات حالت دون وقوع مئات الأزمات الأخرى حول العالم عبر إطلاق تحذيرات بشأن الأوضاع الاقتصادية في دول العالم.
أما في ما يتعلق بالزج بالتوجهات السياسية في تقارير التصنيف الائتماني، فهو أمر إثباته في غاية الصعوبة، وفي حالة حدوثه ستكون هذه المؤسسات أول الجهات المتضررة، نظراً لاعتماد مصدر إيراداتها على اشتراكات المستثمرين حول العالم.
* كيف حجّمت هذه التقارير العديد من الأزمات الاقتصادية رغم أن العالم شهد سلسلة كوارث اقتصادية بدءاً من الأزمة المالية العالمية وديون منطقة اليورو وصولاً إلى تأزم مديونية دول أميركا اللاتينية وتحديداً الأرجنتين؟
هذه الانتقادات قد تكون صائبة، إلا أن الأزمات المذكورة تكون لها مقدمات واضحة متعلقة بحجم الناتج القومي ومعدلات الدين والعجز في الموازنة، وبالفعل تصدر مؤسسات التصنيف تحذيرات مسبقة من تفاقم أزمات اقتصادية، ولكن ضعف قدرة الدول على ضبط الأداء الاقتصادي في ظل تراكم الالتزامات المالية، يؤدي إلى انخفاض فعالية هذه التوصيات.
أما البُعد الثاني، فيتعلق بالشقِ السياسي، فنحن لم ننجز خارطة الطريق السياسية بالكاملِ حتى الآن، فيتبقى إجراء الانتخابات البرلمانية حتى تتحول المساندة السياسية الإقليمية والدولية لمصر إلى دعم اقتصادي، نظراً لأنه لا يمكن ضخ استثمارات كبرى دون تقييم توجهات البرلمان وحجم الخلافات المحتملة مع الحكومة في معالجة المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. كذلك مجابهة عمليات الارهاب ومظاهر الفساد والبيروقراطية التي تعتري الأجهزة الحكومية التي ستتولى تنفيذ خطط الدولة.
وبناءً على هذه الأرضية، فإن البلاد تحتاج إلى تحقيق معدل نمو يراوح بين 6% إلى 7% سنوياً للناتج المحلي الإجمالي لمدة 5 أعوام متتالية، وليس 3% فقط، وفقاً لمستهدفات الحكومة خلال العام المالي 2014-2015، وذلك حتى تتمكن مصر من إغلاق فجوة عجز الموازنة البالغة 12.8% من الناتج المحلي الإجمالي، وتوفير فرص عمل جديدة لأكثر من 700 ألف وافد جديد سنوياً إلى سوق العمل.
* ما هي أبرز القطاعات الاقتصادية التي يمكن الاعتماد عليها لتحقيق معدل نمو 7% سنوياً؟
حين نعود بالذاكرة سبع سنوات إلى الوراء، سنجد أن مصر نجحت في تحقيق معدل نمو 7% في العام المالي 2007-2008 بفضل تنوع القطاعات الاقتصادية المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي. أبرزها القطاع السياحي الذي بإمكانه تحقيق إيرادات قدرها 12 مليار دولار على غرار السنوات السابقة للثورة فور استعادة الاستقرار الأمني. إضافة إلى قطاع الزراعة وما يرتبط به من صناعات غذائية، والصناعات اللوجستية والموانئ والعقارات والمقاولات والتعدين والصناعات التحويلية والبترولية.
* ولكن كيف نتحدث عن دور الصناعات التحويلية في تحقيق النمو، في حين تعمل معظم المصانع بنحو 50% من طاقتها الحقيقية بسبب نقص إمدادات الطاقة؟
هذه حقيقة لا يمكن إنكارها عند تحليل المشهد الاقتصادي. لذلك توجهت الدولة نحو إقرار التعريفة الموحدة لشراء الطاقة المتجددة، مثل الرياح والشمس، من القطاع الخاص لأول مرة، بهدف خلق مصادر جديدة للطاقة، وفي الوقت نفسه عدم تحمّل تكاليف إنشاء هذه المحطات الكهربائية.
* في ضوء الوضع الاقتصادي للبلاد، كيف تُقيّم تقارير التصنيف الائتماني الصادرة من المؤسسات الدولية لمصر؟
رغم أن هناك مؤسسات تصنيف ائتماني دولية، مثل فيتش، رفعت التصنيف الائتماني للقروض طويلة الأجل التي حصلت عليها مصر من B-إلى B+، مع تغيير مؤسسة موديز النظرة المستقبلية للاقتصاد المصري من سلبي إلى مستقر مع الاحتفاظ بتصنيف CAA1، إلا أن هذه التصنيفات تُعتبر متدنية للغاية. وآلت مصر إلى هذا الوضع الائتماني السيئ نتيجة الأزمات الاقتصادية والسياسية العديدة التي شهدتها على مدار السنوات الثلاث الماضية.
ومع ذلك، ما زالت مصر تمتلك فرص استعادة تصنيفها الائتماني كما كان قبل ثورة يناير عند مستوى BB+، شريطة اتسام البرلمان المرتقب بالتوافق السياسي لضمان عدم دخول الحكومة والبرلمان في صراع، مع حل أزمة الطاقة واستعادة الاستقرار الأمني.
* هل يؤثر التصنيف الائتماني المتدني الحالي على قدرة مصر لطرح سندات في الخارج بالدولار الأميركي لتوفير احتياجاتها التمويلية بالنقد الأجنبي؟
بالطبع سيؤثر سلباً. فالتصنيف الائتماني يلعب دوراً رئيسياً في حساب فائدة الاقتراض، إذ إنه يعطي مؤشراً لقدرة الدولة على سداد القروض في الآجال المتفق عليها دون تأخير، وتحديد مستويات المخاطرة في الوفاء بالالتزامات.
وفي ظل التصنيف الائتماني الحالي، لن تقل الفائدة الممنوحة على القروض الدولارية التي ستحصل عليها مصر عن 3%.
* في رأيك، ما مدى مناسبة التوقيت الحالي لبدء جولة محادثات جديدة مع صندوق النقد الدولي للحصول على حزمة قروض تساعد في سداد التزامات البلاد المحددة بالدولار؟
الحكومة كانت واضحة تماماً في هذه النقطة، بالتأكيد على أن الوقت الحالي لن يشهد مساعي اقتراض من صندوق النقد الدولي، وهو قرار صائب. ورغم إصدار بعثة الصندوق، التي زارت مصر خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، تقريراً يُشيد بالإصلاحات الهيكلية بالموازنة العامة للدولة عقب تقييم الأداء الاقتصادي للبلاد، إلا أنه ما زال هناك عدداً من الملفات المفتوحة التي ينبغي إحراز تقدم بها قبل التوجه للصندوق. وتأتي على رأس هذه الملفات عجز الموازنة المرتفع وتقلّبات سعر صرف الجنيه، وانخفاض معدلات النمو، واستكمال خطة هيكلة دعم الطاقة والمواد الغذائية.
* وجهت العديد من الجهات في مصر اتهامات لمؤسسات التصنيف الدولية تصف تقاريرها بعد الثورة بالمُسيّسة، فكيف ترى هذه الاتهامات؟
النقد الموجّه لمؤسسات التصنيف قد يكون صائباً في حالات محددة، مثل منحها تصنيفات غير دقيقة لمؤسسات مالية أميركية في 2008، ما أدى إلى تفاقم الأزمة المالية العالمية. ولكن في المقابل تقارير هذه المؤسسات حالت دون وقوع مئات الأزمات الأخرى حول العالم عبر إطلاق تحذيرات بشأن الأوضاع الاقتصادية في دول العالم.
أما في ما يتعلق بالزج بالتوجهات السياسية في تقارير التصنيف الائتماني، فهو أمر إثباته في غاية الصعوبة، وفي حالة حدوثه ستكون هذه المؤسسات أول الجهات المتضررة، نظراً لاعتماد مصدر إيراداتها على اشتراكات المستثمرين حول العالم.
* كيف حجّمت هذه التقارير العديد من الأزمات الاقتصادية رغم أن العالم شهد سلسلة كوارث اقتصادية بدءاً من الأزمة المالية العالمية وديون منطقة اليورو وصولاً إلى تأزم مديونية دول أميركا اللاتينية وتحديداً الأرجنتين؟
هذه الانتقادات قد تكون صائبة، إلا أن الأزمات المذكورة تكون لها مقدمات واضحة متعلقة بحجم الناتج القومي ومعدلات الدين والعجز في الموازنة، وبالفعل تصدر مؤسسات التصنيف تحذيرات مسبقة من تفاقم أزمات اقتصادية، ولكن ضعف قدرة الدول على ضبط الأداء الاقتصادي في ظل تراكم الالتزامات المالية، يؤدي إلى انخفاض فعالية هذه التوصيات.