"مبادرة برج بابل".. حملة للتوعية بأهمية حماية كنوز العراق وتراثه

12 سبتمبر 2024
من زيارة فريق مبادرة برج بابل لحماية التراث لمدينة بابل، يوليو 2019 (فيسبوك)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أطلق ناشطون عراقيون حملة لحماية تراث العراق الذي يعاني من إهمال، حيث يضم أكثر من 150 ألف موقع أثري تضررت بسبب الحروب والتوترات والظروف الجوية.
- "مبادرة برج بابل لحماية التراث" بدأت في 2019، حيث يزور الناشطون المواقع الأثرية داخل بغداد بالدراجات الهوائية، مما شجع على انتعاش السياحة الداخلية.
- المبادرة تضم مختلف الفئات وتوثق المواقع عبر الصور والفيديوهات، مما لفت انتباه المسؤولين لحالة المواقع التراثية، وتشمل محافظات أخرى وتعمل على الحفاظ على البيئة.

منذ نحو خمسة أعوام، أطلق ناشطون عراقيون حملة لحماية تراث بلادهم، الذي يعاني من إهمال كبير من قبل المؤسسات الحكومية، والمجتمع أيضاً، لا سيما أن العراق يضم أكثر من 150 ألف موقع أثري، للحضارات الآشورية والبابلية والأكادية والحضرية والإسلامية اللاحقة، بحسب بيانات رسمية. غير أن الحروب والتوترات والنزاعات الداخلية التي شهدتها بلاد الرافدين على مدى العقود الماضية، كانت وراء تدمير مواقع ومبانٍ تراثية شديدة الأهمية، فضلاً عن الظروف الجوية التي تركت آثارها السلبية على كثير من المواقع الأثرية التي تحمل إرثاً تاريخياً وثقافياً.

وكثيراً ما أطلق ناشطون عراقيون ومختصون محليون بالآثار، نداءات لحماية هذه الشواهد العراقية، لكن "مبادرة برج بابل لحماية التراث" التي تبناها ناشطون وانطلقت منذ 2019 لفتت النظر إلى أهمية الكنوز التاريخية والتراثية في العراق، خاصة أن الناشطين من كلا الجنسين ومختلف الأعمار يخرجون في حملاتهم لزيارة المواقع القريبة داخل بغداد وهم يستقلون الدراجات الهوائية.

في حديثها لـ"العربي الجديد" تقول الناشطة ذكرى سرسم، وهي عضو مجلس إدارة منظمة "برج بابل"، التي تتولى الدفاع عن الآثار العراقية، عبر حملات هي الأولى من نوعها التي شهدها العراق منذ عقود. مبادرة برج بابل وفقاً للناشطة العراقية، شجعت انتعاش السياحة الداخلية في مناطق لم تكن مقصداً للسياح العراقيين، لافتة إلى ظهور شركات ومجاميع تنظم سفرات إلى الأهوار (جنوب) وسامراء (شمال) والرمادي وقضاء حديثة (غرب).

وترى المتحدثة أن أهمية كبيرة تتمتع بها المواقع التراثية والأثرية المنتشرة في معظم مدن العراق من الجانب الاقتصادي، في حال جرى تأهيلها، مبينة أن "من الممكن أن تكون مصدراً للدخل وتوفر فرص عمل للأهالي والمطلوب هو تسليط الأضواء عليها وتوفير الخدمات العامة".

 

المبادرة التي تتبناها الناشطة وزملاؤها لا تفرض شروطاً للمشاركة، فهي متاحة للجميع لما تحمله من قيم وطنية وإنسانية. وبحسب سرسم، فإن "المشاركين موظفون في المؤسسات الحكومية والخاصة وطلبة ومتقاعدون، بالإضافة إلى مهتمين بالآثار والتوثيق". وتضيف: "أعداد الفريق متفاوتة لكن في موسم الصيف يتوقف تنظيم جولات الدراجات الهوائية وهي جزء من الحملة، بسبب ارتفاع درجات الحرارة".

يمثل التوثيق عبر الصور ومقاطع الفيديو ونشرها على حسابات مبادرة برج بابل وصفحات الناشطين من الأعضاء، أولوية لها أهمية في تحقيق أثر إيجابي، لا سيما أن الفريق يضم في جولاته مصورين محترفين. وتوضح سرسم أهمية التوثيق وأثره، مبينة أنه "عادة ما يتم النشر في اليوم نفسه من زيارة الموقع. أذكر أننا في زيارة مرقد الشيخ عمر السهروردي في بغداد (توفي عام 1234 م) والذي يضم قبة أثرية يبلغ عمرها أكثر من 700 سنة قمنا بنشر صور توضح حصول تشققات كبيرة تهدد القبة بالانهيار. وعلى أثر هذه الصور، زار وزير الثقافة حينها المكان ووجّه بإطلاق حملة لصيانة القبة".

وبناء عليه وفقاً للمتحدثة، فإن جزءاً من أهداف الحملة هو "المدافعة عن حماية هذه الأماكن"، معربة عن أسفها لكون "أغلب المواقع التراثية في بغداد تعاني من الإهمال وعدم وجود علامات دالة للوصول إليها، وفي أغلب الأحيان غير متاحة للزوار ونضطر إلى التنسيق المسبق إذا أردنا زيارة كنيسة أو جامع أثري أو غيرهما".

مبادرة برج بابل لا يقتصر نشاطها على المواقع التراثية والأثرية المهملة في بغداد، بل نظمت جولات إلى مواقع في محافظات مختلفة، ومن بين ما تسرده سرسم حول نشاطات في بعض المحافظات: "أذكر أننا زرنا ثلاثة مواقع أثرية مهمة في محافظة الديوانية (جنوب)، وحين نشرنا الصور والفيديوهات تلقينا الكثير من الرسائل والأسئلة لأن معظم الناس ليس لديها علم بأن هذه المحافظة غنية بالمواقع الأثرية".

ولا تكتفي المبادرة بزيارة المواقع المهمة المهملة وتوثيقها، بل تلفت النظر إلى ضرورة الحفاظ على بيئتها، بحسب ما تذكره سرسم، ومن بين هذه النشاطات خلال زيارة الفريق إلى محافظة كربلاء (وسط) تنظيف شاطئ بحيرة الرزازة التي تعدّ موقعاً سياحياً، مضيفة أن ذلك "جزء من مهمتنا في الحفاظ على المعالم الطبيعية".

وبحسب الناشطة العراقية ذكرى سرسم، إن المبادرة ساهمت وما زالت "في نشر الوعي ولفت اهتمام الناس إلى أهمية المعالم الموجودة في كل مدن العراق"، مشيرة إلى أن "أهم تحدّ نواجهه حاليا هو عدم توفر بيانات موثقة للأماكن التراثية والأثرية وطرق الوصول إليها".