وكأنه لا يكفي العمال الأجانب في تل أبيب، القادمين من أفريقيا والصين ونيبال وغيرها، هموم الحياة ومصاعب الغربة، فنجدهم يتعرضون أحيانا للتنكيل من قبل جهات إسرائيلية شعبية ورسمية، لكن القصة هذه المرة مختلفة بعض الشيء، إذ تتعلق بإقدام رجال شرطة إسرائيليين على نهب مدخرات هؤلاء تحت تهديد السلاح، بعد اقتحام أماكن إقامتهم.
هي فضيحة جديدة تُضاف إلى سجلّ فضائح الشرطة الإسرائيلية وقضايا الفساد فيها. إذ أفضى تحقيق رسمي أجرته وحدة التحقيق مع رجال الشرطة الإسرائيلية (ماحاش)، إلى توجيه لائحة اتهام أخيرا، تبيّن تورط شرطييْن بقضايا رشوة وسرقة مئات آلاف الشواقل (الدولار يساوي نحو 3.78 شيقل) من عمال أجانب.
ونقلت وسائل إعلام عبرية منها صحيفة "هآرتس" عن أحد العمال ويُدعى مبهارت بوكهارل (42 عاما) من جمهورية نيبال، تعرضه للسطو من قبل رجال شرطة، وسرقوا منه 12 ألف شيقل، "كانت كل ما أملك"، وفق أقواله، "راتبان كنت قد قررت أن أرسلهما للعائلة". ويعمل بوكهارل بمجال العناية بكبار السن، ويلازم عجوزا يبلغ من العمر 89 عاما، يساعده في احتياجاته.
"أنا اهتم برجل كبير في مجال عملي، أساعده في احتياجاته الأساسية. تأتي الشرطة وتأخذ مالي، لماذا؟ أنا لا أريد مشاكل فقط مالي، أريد إرساله لابني ليعينه في دراسته الجامعية"، هذا ما أضافه بوكهارل للصحيفة.
ويعمل في إسرائيل اليوم نحو 4000 عامل من نيبال، وتقول سلطة السكان والهجرة إن إقامات ثلثهم تقريباً غير شرعية، وغالبيتهم يعملون في مجال العناية بالمسنين.
وتضيف الصحيفة العبرية أنه رغم تقديم لائحة اتهام ضد شرطييْن يشتبه أنهما سرقا العامل الأجنبي المذكور وهما ينفيان ذلك، إلا أن عدة حوادث مشابهة وقعت، ومع هذا "لم يتم العثور على أموال العمال الأجانب، واحتمالات استردادها ضعيفة".
واشتملت لائحة الاتهام ضد الشرطيين، على توجيه تهم لهما باستخدام مسيء وغير مبرر للقوة، والحصول على رشاوى من عمال أجانب يعملون بأمور غير قانونية، والسكوت عن قضايا مخدرات وسموم، فضلا عن سرقة عمال كالحالة المذكورة أعلاه، تعمل في مجال العناية بالمسنين والعجزة.
وأوردت الصحيفة شهادة أخرى لعاملة أجنبية، أشارت إليها بالاسم (ر)، وقولها: "ربما اعتقد رجال الشرطة أننا لن نشتكيهم لأننا ضعفاء، لكننا توجهنا للشرطة لأننا ندرك أنه علينا ألا نخاف عندما يكون ثمة أمر ليس على ما يرام".
كما أوردت الصحيفة قصة عامل من الصين يُدعى تشانغ، نظم ألعاب "بوكر" غير قانونية في بيته. وقال تشانغ إنه دفع رشاوى للشرطيين، ومع هذا قاما بسرقة 4000 شيقل منه، بعد السطو على بيته تحت تهديد السلاح، كما سرقا مبلغا مشابها من حقيبة صديقته. وخلال تحقيقات الشرطة بالقضية قال تشانغ إنه خاف قبل ذلك من تقديم شكوى ضد الشرطيين.
ولم يتوقف الأمر عند الحالات الفردية، فبحسب لائحة الاتهام، دخل شرطي إسرائيلي إلى بيت في تل ابيب، فيه خزنة يحفظ فيها عمال أجانب من نيبال أموالهم خشية سرقتها أو إضاعتها، لأنهم ممنوعون من فتح حسابات في البنك، ووجد الشرطي مبلغ 319 ألف شيقل، فاستدعى زميله الذي أحضر معه حقيبة سوداء، وفق الشبهات المنسوبة لهما، وضعا النقود فيها وغادرا المكان.
في اليوم التالي وصل العمال النيباليون إلى محطة الشرطة حيث يخدم الشرطيان، وبعد أن فقدوا الأمل باسترجاع نقودهم قدموا شكوى ضدهما.
وتنسجم هذه الروايات مع ما قاله موسى، وهو لاجئ أفريقي ترك تل أبيب، وقرر التوجه للعمل في إحدى البلدات العربية في الشمال، وأكد لـ "العربي الجديد" أن "اللاجئين والعمال يتعرضون لمضايقات كثيرة في إسرائيل ليس في مجال العمل فحسب، ولكن أيضا يتعرضون لممارسات عنصرية".
وتؤكد أقوال موسى العديد من التقارير التي أصدرتها منظمات حقوقية في السنوات الأخيرة منها إسرائيلية بشأن معاملة إسرائيل الرسمية والشعبية للاجئين والعمال الأجانب.