كأسي الموضوعة
بفوضى
على الطاولة
واللوحة المعلّقة
على جدار بارد
لا يعلم شيئاً عن السوريالية
والنافذة التي تهرب
دوماً
إلى رأسي المليء
بلفافات التبغ
والزوبعة
وهذا العنكبوت الوديع
في زاوية الغرفة
ينسج خيوطه على وحدتي
ويلقي التحية
على العزلة
بقبعتها السوداء
ووجهها المبهم
دخلت من بابٍ
تركته للريح
والأشباح
2
أيها الباب
كم تركتك وحيداً
تلتهم العاصفة
والكلام الملقى
بغير اكتراث
في غرفة تعوّدت
على السفر الطويل
3
أشكرك أيها العنكبوت
يا من تفترس مقاعدَ
جلسنا عليها طويلاً
وتفترس بحراً
كان يعانقنا
كما لو كنّا أطفاله
أطفاله
العاقين
طبعاً
4
ما رأيك
حين أجلس في المقهى
أحملك معي
في صندوق صغير
أنيق
يليق بمستواك
أيها العنكبوت الأزرق
صندوق كنت أسمّيه صغيراً
صندوق الغرابة
لا تسألني كيف
أيها الصديق الطيب
وحاول أن تكون
في مستوى الذكريات
5
كم حاول البحر
مصادقتي
كنت أطرده بأسماكه الحمراء
وجنونه الاعتيادي
وهداياه التي لا تكف
لأني أشبهك أيها
العنكبوت
في الرتابة
6
كم من سماء
لأغرقها
في هذه الكأس
عيناي سحب
وكم من سماء
تنسجها
أيها العنكبوت العتيق
كم من سماء تخبئها
الجدران
7
العنكبوت يتشبث بنهدين
كي يخلق
امرأة
8
كلّما نسج العنكبوت
خيطاً
وُلدت كلمة
9
الكلمات ترتدي
قبعات سوداء
وتهجم عليَّ في الليل
10
الأيدي الغريبة
تلوّح من النافذة
المفتوحة
سهواً
نفس الأيدي
التي أهملتها
وضاجعت المقاهي
ودّعتها
من نافذة في قطار مسرع
11
الشبح بمشنقته
يقترب خطوتين
وأنت تنسج لي هرماً
في القبو المعتم
لكنني أرجوك
بحكم الصداقة
أن تترك
مصباحاً أزرق
وورقة
12
أحببتك
أيها العنكبوت
لأنك قليل اللباقة
مثلي
ولأنك لا تنزع قبعتك
عندما تلقي عليك التحية
امرأة
خرجت من المصباح.
* شاعر ومترجم من المغرب